تسكت النساء عن رجال مثل هارفي وينشتاين، وبيل كوسبي ودونالد ترامب عقوداً، قبل أن تتسرب تلك الاتهامات الهائلة من الاعتداء الجنسي فجأة وفي آنٍ واحد؛ بسببٍ هو الخوف من انتقام المُتهم أو التشكيك في كلامهن، خاصةً إذا لم يتقدم أي شخص آخر بشكاية ضد المتهم.
وقال أيان أيريس الخبير الاقتصادى فى ييل، للنسخة الأميركية من "هاف بوست"، إن "الناجين يترددون في أن يكونوا أول من يرفع دعوى ضد مجرم معين"، ويستدل أيريس على ذلك بكثرة الدعاوى والحقائق التي كُشفت بعد قصة منتج هوليوود، وينشتاين.
في عام 2015، ساعد أيريس في تطوير تطبيق جديد للإبلاغ عن الاعتداء الجنسي يدعى كاليستو Callisto، وهو بالفعل قيد الاستخدام داخل الحرم الجامعي ومن الممكن أن ينتشر قريباً في أماكن أخرى.
يعمل برنامج كاليستو على توصيل الأشخاص الذين تعرضوا لأي من المشاكل مع الفرد نفسه ويمكّنهم من تقديم دعواهم معاً إلى سلطات الجامعة.
ووفقاً لبيانات كاليستو، فإن 15 من مجمل التقارير حتى الآن كانت لها أكثر من ضحية، وأن الطلاب الذين يستخدمون التطبيق يستغرقون أقل من نصف الوقت -نحو 4 أشهر- للإبلاغ عن الاعتداء الجنسي عن بقية الجامعات التي لا تستخدم التطبيق.
يقول جيس لاد، الرئيس التنفيذي لشركة كاليستو، للنسخة الأميركية من "هاف بوست": "لقد قال لنا الناجون صراحة: لم أكن قط لأُبلغ عن المشكلة لولا وجود برنامج كاليستو".
في أعقاب مزاعم الاعتداء ضد وينشتاين، تتوالى الطلبات الآن على جيس لاد لتوسيع نطاق عمل التطبيق خارج إطار الجامعات.
وبطبيعة الحال، تطبيقات مثل "كاليستو" لها بعض العيوب والقيود. إذا اغتصب رجل امرأة واحدة، على سبيل المثال، فإن "مستودع المعلومات" لن يفعل شيئاً لمساعدتها على كشفه. وقال أيريس إن هناك قلقاً آخر يتمثل في أن تلك التكنولوجيا يمكن أن تقلل من أهمية وضرورة التقارير الرسمية للشرطة.
ولكن أيريس عاد ليحتج على أهمية البرنامج قائلاً: "في نهاية المطاف، ورغم العيوب المحتملة للتطبيق، فإن الاعتداءات الجنسية غير المبلّغ عنها منتشرة كثيرا جداً بالفعل من دون (كاليستو)، وبذلك أعتقد أن فوائد التطبيق أكثر بكثير من أي عيوب أو أضرار محتملة". ويضيف أيريس قائلاً: "إن الغرض الأساسي من التطبيق هو تشجيع النساء الناجيات اللاتي لم يقمن بالإبلاغ على أن يتقدمن بالشكوى للجهات الرسمية". "إنهن متحمسات جداً الآن للمضي قدماً واستخدام (كاليستو)".
من جهة أخرى، خلصت دراسة أجرتها منظمة هيومان رايتس ووتش في عام 2016، إلى أن احتمال تعرض النساء العاملات للانتقام بعد الإبلاغ عن جريمة جنسية أكثر 12 مرة من إدانة المجرمين الذين اعتدوا عليهن.
هذا ورغم أن "كابيتول هيل" لديها نظام للإبلاغ عن الاعتداءات الجنسية الداخلية، فإنه نظام ضعيف وسيئ السمعة؛ إذ إن وجود الضغوط السياسية جبناً إلى جنب مع عدم اليقين الوظيفي، يُبْقي الموظفات اللاتي تعرضن للاعتداء صامتات.
وإذا كان بإمكان مجموعة من النساء أن يتقدمن في وقت واحد ببلاغ ضد أحد القادة أو عضو من أعضاء الكونغرس، فسيكون من الصعب جداً معاقبتهن أو تجاهل شكواهن.
واعتمدت النساء لفترة طويلة على نوع من "شبكات الهمس" الخفية في هذه الأماكن وتلك الصناعات؛ لغياب أي وسيلة تضمن الإنصاف. غير أن تلك الشبكات كانت مفيدة في مساعدة النساء على حماية بعضهن بعضاً من الرجال الذين ينتمون إلى طائفة الحيوانات المفترسة، وتلك كانت طريقتهم لوقف أو تقليل التحرش بشكل عام.
قالت مولي ريدن، واحدة من المراسل الكبار بصحيفة الغارديان، إنهن استخدمن شبكات الهمس لإعطاء وتلقي تحذيرات حول بعض الرجال في وسائل الإعلام.
وقالت ريدن إنها في حين أنها كانت تشعر ببعض الراحة من وجود شبكات الهمس تلك، فإنها كانت تشعر بنوع من القلق تجاه تلك الشبكات، يردع النساء في نهاية المطاف عن اتخاذ أي ردود فعل أو إجراءات تجاه تلك الذئاب البشرية.
– هذا الموضوع مترجم عن النسخة الأميركية لـ"هاف بوست". للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.