أشعل فيلم عن علاقة القيصر الروسي نيقولا الثاني براقصة باليه قبل الزواج موجةً من الغضب بين محبي آخر أباطرة روسيا، وترك دور العرض مرعوبةً من عرضه.
ويحكي فيلم "ماتيلدا"، للمخرج أليكسي أوتشيتل، قصة علاقة آخر قيصر روسي بماتيلدا كشيسينسكا، نجمة مسرح ماريانسكي في سان بطرسبرغ، وأصبح مثاراً للجدل لدى دعاة الحفاظ على الثقافة والتراث الروسيين، الذين عادوا مرةً أخرى للظهور في ظل حكم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بحسب ما ذكرت صحيفة فايننشال تايمز الأميركية.
وتقول الكنيسة الأرثوذكسية الروسية إنَّ الفيلم، الذي سيُعرَض هذا الشهر، هو إهانة للقيصر نيقولا الثاني وعائلته والذي تعتبره الكنيسة "شهيداً"، الذين أعدموا في عام 1918 على يد البلاشفة، واعتبرتهم الكنيسة قديسين في عام 2000.
وتُطالب ناتاليا بوكلونسكايا، المُشرِّعة المؤيدة لبوتين من القرم، بمنع عرض الفيلم الذي لم تره حتى الآن. وطلبت الدعم من شخصياتٍ مختلفة تبدأ برمضان قديروف، حاكم الشيشان القوي، وصولاً إلى المشجعين اليمنيين لنادي "سبارتاك موسكو"، أشهر نادٍ روسي لكرة القدم.
وفي أبريل/نيسان الماضي، كانت بوكلونسكايا قد كلفت 4 أكاديميين بإعداد تقرير عن سيناريو الفيلم، الذي استنتج استحالة وجود علاقة بين نيقولا الثاني وكشيسينسكا، لأنَّها كانت "مُقزّزة وقبيحة للغاية"، وكانت لديها "أسنان ملتوية تجعلها تبدو كفأر". وتزعم بوكلونسكايا أنَّها قد جمعت 100 ألف توقيع لدعم حظر الفيلم.
واتخذت جماعة تسعى لإعادة تشكيل روسيا كدولة دينية مسيحية أرثوذكسية نهجاً مباشراً أكثر من ذلك. إذ دعت لحرق صالات السينما التي ستعرض الفيلم. واتهِمَ زعيم الجماعة بالحرق المتعمد للسيارات خارج أستوديو أوتشيتيل ومكتب محاميه.
وخوفاً من التهديدات، قررت عدة دور سينما عدم عرض الفيلم. وتراجع الممثل الألماني لارس آيدنغر، الذي يلعب دور نيقولا، عن حضور العرض الأول للفيلم. ورفض التلفزيون الحكومي عرض إعلاناته.
وقال مخرج الفيلم إن النجمين الرئيسيين في الفيلم قرّرا عدم السفر إلى روسيا لحضور العرض الأول له خوفاً على سلامتهما، بحسب ما ذكرت وكالة رويترز، وأوضح أنَّه سعى جاهداً لتصوير الفيلم، الممول جزئياً من الدولة، بأدق صورةٍ ممكنة تاريخياً. ويصف دفتر يوميات كشيسينسكا علاقتهما التي دامت 4 سنواتٍ بدقة.
وفي مواجهة احتجاجات عشرات الآلاف من سكان موسكو من الطبقة المتوسطة ضد حكمه الاستبدادي على نحوٍ متزايد، تحوَّل بوتين منذ عودته إلى الرئاسة في عام 2012 إلى تصوير نفسه كمدافعٍ عن الأغلبية الصامتة لروسيا و"قيمها التقليدية" ضد الغرب.
لكنَّ الكرملين كان أكثر حذراً بكثير في مواجهة عواقب الثورة. إذ قلّل الاحتفالات الرسمية إلى أدنى حد ممكن، ما خلق مساحةً لظهور شخصياتٍ مثل بوكلونسكايا.
وأثارت التهديدات بالحرق رد فعلٍ معارضاً وعنيفاً. إذ قال النائب والمخرج السينمائي ستانيسلاف غوفوروخين: "عادت كل القوى الظلامية، والنساء المجنونات، والمجانين، والمخربون، والمتخلفون حضارياً. لدينا الآن صورة مصغرة من داعش".
حتى كبار الشخصيات في الكنيسة الأرثوذكسية تحدثوا ضد الحظر. إذ قال الزعيم الديني الأسقف هيلاريون، وهو واحدٌ من القلائل الذين شاهدوا الفيلم: "يحاولون أن يجعلوننا نختار: إما أن تدعم ماتيلدا، أو أن تكون مع مَنْ يدعون لحرق دور العرض".
وكانت أكبر سلسلة لدور السينما في روسيا (سينما بارك وفورمولا كينو) قالت في وقت سابق إنها لن تعرض فيلماً يصور علاقة غرامية بين راقصة باليه وآخر القياصرة الروس بعدما تلقت تهديدات متكررة من نشطاء دينيين وقوميين يعتبرونه تجديفاً، وفق ما ذكرت سكاي نيوز عربية.
وتعهد السيد أوتشيتل بالاستمرار في عرض الفيلم. ويوم الجمعة الماضي أقنع أحد أكبر سلاسل دور العرض فى روسيا بالتراجع عن قرار منع عرض الفيلم. وقال: "إذا بدأنا في التراجع، فهذا يعني أنَّ هؤلاء الناس قد فازوا. وهذا أمرٌ غير مقبول".