لا شك أن تجربة تخليص الأوراق داخل المصالح الحكومية في بلاد الشرق الأوسط والعالم العربي، هي إحدى أصعب التجارب التي قد يمر بها المواطن، بداية من طول الطوابير وتعسف الموظفين، وانعدام أي نوع من الراحة خلال الانتظار.
وبينما يعاني المواطن العربي وسط هذه الظروف، فإن هناك دولاً قد تخلت أصلاً عن فكرة استخدام الأقلام في الإمضاء على الورق، فكل شيء يتم تخليصه من خلال الإنترنت دون الحاجة إلى الذهاب إلى المصالح الحكومية والوقوف في طوابير الطويلة.
وتعتبر دولة إستونيا، من الدول الأولى على مستوى العالم في توفير هذا النوع من الخدمات عن طريق "الحكومة الرقمية". ومن أجل التعرف أكثر على تجربة إستونيا الرائدة في منطقتنا العربية، استضاف مركز "منتدى الشرق" بإسطنبول، أوت فاتر، المسؤول عن هيئة الإقامات الإلكترونية بالحكومة الإستونية، خلال مؤتمر الشرق الشبابي والذي جاء تحت شعار "ننحاز للمستقبل".
وإستونيا هي دولة صغيرة في شمال أوروبا، تقع في جنوب فنلندا، وتحدها روسيا من الغرب، ويبلغ عدد سكانها نحو 1،3 مليون نسمة، حيث تعد من أقل الدول اكتظاظاً بالسكان في الاتحاد الأوروبي.
وقال فاتر خلال كلمته التي ألقاها على منصة المؤتمر، أمس السبت 7 أكتوبر/تشرين الأول، إن الحكومة الإستونية هي الأولى في تقديم خدمات الإقامة الإلكترونية والهوية الإلكترونية للذين يبحثون عنها في أي منطقة بالعالم، والتي من شأنها تسهيل عملية بدء وإدارة الأعمال داخل إستونيا، دون الحاجة لأن يتواجد الشخص نفسه داخل البلاد.
وبحسب فاتر، فإنه يمكن للإقامة الإلكترونية تخليص أي إجراءات تتعلق بالأعمال والإجراءات الحكومية دون أن يتواجد الشخص بنفسه، إلا أنه يبقى شيئان وحيدان يجب أن يقوم بهما الشخص بنفسه وهما توثيق الزواج والطلاق، وبيع وشراء الأراضي، وهما وجارٍ إيجادُ حلٍّ لهما.
ومن وظائف الإقامة الإلكترونية أيضاً، إمضاء الوثائق والعقود إلكترونياً، وإدارة الشركات من أي مكان في العالم، وتوثيق الأوراق الممضاة، وإجراء المعاملات البنكية وتحويل الأموال، وإنشاء شركات إستونية من خلال الإنترنت، وتشفير ونقل الوثائق بشكل آمن، وإعلان الضرائب على الإنترنت، وخدمات أخرى كثيرة.
الهوية الإلكترونية
أوت فاتر على منصة المؤتمر
كما تعتبر إستونيا هي الدولة الوحيدة في العالم التي تمتلك أكثر أنظمة الهوية الشخصية تطوراً، حيث أطلقت نظام E-identity أو الهوية الإلكترونية، والتي تتيح الولوج لجميع الخدمات الحكومية.
فيمكن لحامل هذه الهوية التصويت إلكترونياً، ومراجعة سجله الصحي، واستخدامها كإمضاء رقمي للمستندات، والتنقل بين دول الاتحاد الأوروبي، واستخدام المواصلات العامة، وخدمات أخرى كثيرة.
وأضاف فاتر في كلمته إن الإمضاء بخط اليد في إستونيا أصبح مدعاة للشك عند إجراء المعاملات الحكومية حالياً، فنادراً ما تستخدم هذه الأساليب القديمة في التوقيع على الأوراق الحكومية التي تتم أغلبها إلكترونياً.
وأوضح فاتر فوائد الهوية الإلكترونية، فهي توفر الكثير من المال، بجانب انعدام الطوابير التي نعهدها دائماً في المصالح الحكومية بمنطقة الشرق الأوسط، كما أنها أسرع 50 مرة في التواصل مع الخدمات كالبوليس أو الإطفاء مقارنة بالطرق العادية.
كما أشار المسؤول الإستوني في نهاية كلمته، إلى الفوائد الاقتصادية التي حققتها خدمة الإقامة الإلكترونية، إذ ساعدت في إنشاء أكثر من 3375 شركة خلال عام 2017.
ومنذ 16 يونيو/حزيران 2017 قدم نحو 20 ألف شخص من 140 دولة حول العالم، للحصول على الإقامة الإلكترونية بإستونيا، حيث حصل 19،254 شخص منهم على الإقامة والهوية الإلكترونية، فيما أنشأ 1675 شخصاً شركات جديدة بإستونيا.
يمكنكم معرفة إجراءات الحصول على إجراءات الإقامة الإلكترونية من هنا.