أثارت حلقة برنامج "90 دقيقة" على قناة المحور، ردود فعل غاضبة تجاه إدارة القناة والإعلامي المصري معتز الدمرداش، وذلك بعد استضافته أسرة "فتاة العباسية"، التي انتشرت قصتها عبر الشبكات الاجتماعية قبل أيام.
الحلقة تناولت أسراراً عائلية ومشادات بين الفتاة الرافضة للعودة إلى منزلها وأسرتها التي تبرأت منها قبل سنوات. وبحسب المتابعين عبر الشبكات الاجتماعية، أبرزت الحلقة جانباً قاسياً من حياة الفتاة؛ ما دفع البعض إلى المناشدة بحذف الحلقة من موقع يوتيوب؛ تجنباً لتعرض الفتاة لأزمة نفسية.
البداية كانت في انتشار صورة لفتاة عشرينية نحيلة، عبر فيسبوك، لا يبدو عليها انتماؤها إلى عالم المتسولين بالشارع، إلا أنها شوهدت بمظهر غير مهندم وحافية القدمين، وتتسول من المارة أسفل كوبري بأحد أحياء مدينة القاهرة.
هذا الأمر أثار انتباه إحدى السيدات، والتي نشرت استغاثة عبر فيسبوك إلى صفحة "معانا لإنقاذ إنسان" -مؤسسة مهتمة بتقديم بتوفير حياة كريمة للمشردين؛ وذلك خوفاً من أن تصبح الفتاة مطمعاً للأشقياء.
فور انتشار الرسالة، بادر محمود وحيد عبد الحميد، رئيس مجلس إدارة مؤسسة "معانا لإنقاذ إنسان"، بانقاذها والتكفل بها في المؤسسة الخيرية المسؤول عنها، والوصول إلى أسرتها، وعلى الرغم من مطالبته بتوقف الإعلام عن تداول قصة سلوى عرابي "فتاة العباسية" فإنها ظهرت برفقته عبر فضائية "المحور" في برنامج "90 دقيقة" الذي يقدمه الإعلامي معتز الدمرداش.
أظهر اللقاء التلفزيوني بعض المعلومات حول الفتاة التي تدعى "سلوى عرابى"، وهي فتاة تبلغ من العمر 22 عاماً، وُلدت بمحافظة الغربية وكانت تعيش بالمحلة تحديداً، وهي أخت صغرى لـ5 أبناء؛ 4 منهم أشقاء وأخت واحدة من والدتها، توفي والدها وهي طفلة في سن العاشرة، ولم تتحمل الطفلة "سلوى" قسوة أهلها بعد وفاة والدها، والتي أكدت أنهم كانوا يعاملونها بطريقة مختلفة عن التي تربت عليها مع والدها، فقررت الهروب.
فتاة العباسية من فيسبوك إلى مؤسسة "إنقاذ إنسان"
بعد انتشار رسالة الاستغاثة، ردت مؤسسة "معانا لإنقاذ إنسان" بأنه جارٍ التعامل لتقديم المساعدة للحالة بعد 12 دقيقة من نشر المنشور عبر فيسبوك، حيث اصطحب فريق من المؤسسة طبيبة ومشرفاً و3متطوعات من الفتيات و2 من الشباب لحماية الفتاة، إلا أنهم فور وصولهم للمكان المذكور لم يجدوا الفتاة، التي تبين لاحقاً أنها انتقلت إلى أحد أقسام الشرطة القريبة، بينما تم إجراء الكشف الطبي عليها في مستشفى الدمرداش، أصرَّ الفريق على الوجود معها في قسم الشرطة؛ لإنهاء إجراءات لتسليمها إلى أسرتها أو دار الرعاية.
إلا أن المفاجأة كانت في رفض الفتاة العودة إلى أهلها، حيث فضلت البقاء في مؤسسة الرعاية.
وطالبت صفحة المؤسسة جميع القائمين على الصفحات بالشبكات الاجتماعية بعدم تناول الأمر والكف عن نشر صورتها؛ منعاً للتعدي على الحريات الشخصية.
ورغم عزم المسؤولين عن الدار على عدم تناول القضية مرة أخرى، فإنهم قبِلوا ظهور الفتاة في برنامج "90 دقيقة"، وهو ما تسبب في جدل واسع؛ وذلك بسبب ما دار في الحلقة.
زواج "فتاة العباسية" برجل ذي سلطة
الفتاة التي بدت عليها علامات الاضطراب، أكدت خلال اللقاء التلفزيوني أنها تزوجت شخصاً لا تعرفه ذا سلطة (رفضت ذكر اسمه)، قبل 9 سنوات، فكانت بمثابة الصدمة.
اعترفت سلوى عرابي بأنها تزوجت في سن الـ16 سنة وتعرفت على شاب وعاشت معه في المنزل دون زواج.
وأضافت أن علاقتها بالشاب انتهت بعد حملها منه وزواجه فتاة أخرى، بعد فشل الحياة بينهما، خاصة أنها كانت في سن صغيرة.
والدة سلوى تتبرأ منها على الهواء
هاجمت الحاجة زكية، والدة سلوى عرابي، ابنتها على الهواء، وتبرَّأت منها، وقالت بطريقة حادة، رافضةً أن تسمع صوت ابنتها: "أنا شربت الذل منها بعدما عايرتني بعجزي.. عينها فارغة، وأنا لا أريدها، وهي ماتت بالنسبة لي"، وزعمت الأم هروب ابنتها المتكرر في طفولتها.
كما اتهمتها بسرقة أموال شقيقها عام 2008 وهروبها، على حد قولها؛ ما تسبب في غضب سلوى واتهمت الفتاة والدتها وشقيقها بأنهما يقولان كلاماً غير صحيح، وكادت تبكي وهددت بالانسحاب من البرنامج لولا أن استوقفها "الدمرداش"، وحاول أن يدافع عنها باعتبارها ضيفته في البرنامج، ووصفت الأم صور ابنتها على مواقع الأخبار بأنها "فضيحة"، فتدخَّل شقيقها قائلاً: "في بنت محترمة تقول: أنا قعدت مع شاب في شقة؟!".
إغلاق صفحة سلوى عرابي على "إنستغرام"
وفور انتهاء الحلقة، والجدل الشديد حولها، فوجئ متابعو سلوى عرابي على "إنستغرام" بإغلاق صفحتها والتي كانت توضح حياتها من قرب، فقد التقطت لنفسها صوراً مختلفة في أثناء إقامتها بدبي.
تعليق مؤسسة "معانا لإنقاذ إنسان"
تقدَّم محمود وحيد الذي تكفّل برعاية سلوى عرابي، في المؤسسة الخيرية التي يرأس مجلس إدارتها، باعتذار للمشاهدين عقب انتهاء الحلقة، بعد تداول البرنامج حياة سلوى الخاصة والعائلية، مشيراً إلى أنه لم يكن لديه علم بتغيير محتوى النقاش بالبرنامج، معلّقاً: "تعتذر مؤسسة (معانا لإنقاذ إنسان) لكل أعضائها الكرام عما تم تداوله في حلقة (90 دقيقة) بقناة المحور لمعتز الدمرداش في أثناء البث المباشر لحلقة سلوى الشهيرة بـ(فتاة العباسية)؛ نظراً إلى تداول البرنامج حياة سلوى الخاصة والعائلية دون مراعاة لمرضها النفسي والضغوط، وعلى الرغم من تأكيد المؤسسة عدم المساس بأي تفاصيل تخص حياتها الخاصة".
واستكمل: "من اللحظة الأولى لتعاملنا مع سلوى، تم منع وسائل الإعلام كافة من تداول أي معلومات تخص حياتها الشخصية، وسبب ظهور سلوى بالبرنامج مع معتز الدمرداش هو طمأنة الناس على سلوى، ولم يكن لدينا علم بتغيّر محتوى النقاش في أثناء البث المباشر للبرنامج والتطرق إلى تلك التفاصيل الخاصة".
تعليق رئيس تحرير "90 دقيقة"
وعلق سامي عبد الراضي، رئيس تحرير برنامج "90 دقيقة"، قائلاً: "تابعت قصة (فتاة العباسية) التي نامت تحت الكوبري فترة وصار شكلها غريباً وملابسها رثّة، وحالها لا يوصف، قبل أن تظهر المفاجأة وتتضح الصورة بأن هذه الفتاة فائقة الجمال أو قل (جميلة).. وأنها كانت تقيم مع أسرتها وتركتهم وعمرها 13 سنة، ثم تبنتها أسرة في مصر الجديدة، فأصل القصة غريبة ودرامية، وعليه طلبتُ من زملائي في برنامج (90 دقيقة) الوصول لهذه الفتاة".
وأضاف: "وبعد جهد استمر 4 أيام، وصلنا إليها وللدار التي احتوتها وحددنا موعداً للظهور، وحضرت الفتاة هي وصاحب الدار التي تولت رعايتها، وأحضرنا شقيقها وكان في غرفة الانتظار، وعرضنا صوره على شقيقته وتبسمت وقبلت أن يشارك في الحوار، وحكت الفتاة، ابنة الـ22 عاماً، تفاصيل مرعبة، تركت المنزل وهي طفلة وصاحبت شاباً واستقرت في شقته وهي ابنة الـ16 عاماً، وزواجها بشخص في السلطة وحرق فستان زفافها على طريقة عادل أدهم وميرفت أمين في (حافية على جسر الذهب)، وتحدثت الأم وتبرأت من ابنتها".
وأردف قائلاً: "هاجمنا البعض وقال: يجب ألا تستضيفوا شخصية مريضة نفسياً. وأقول: الفتاة كانت في منتهى الذكاء والقوة في الحضور عند كل إجابة وعند كل مداخلة مع متصل وعند كل رد على أمها أو شقيقها أو على أي سؤال، ربما رآها البعض (مريضة نفسية)، والحقيقة أنها (مصدومة) أو مصابة بانهيار عصبي ويجب أن تعالج ويتم احتواؤها أُسرياً. وبعيداً عن الهجوم، قصة هذه الفتاة تصلح أن تكون فيلماً سينمائياً بامتياز، شكراً لمن انتقد وشكراً لمن حيّا وأشاد".