بعد اكتشاف أحدث أعضائه؟.. هل يحمل جسم الإنسان مزيد من الأسرار؟

قد نعتقد أن دور الدراسات والأبحاث الطبية في وقتنا هذا يقتصر على اكتشاف علاجاتٍ جديدة، أو فهم تفاعلات الجسم مع المستجدات البيئية والتكنولوجية، والتي قد ينتج منها خللٌ وظيفي ما.

عربي بوست
تم النشر: 2017/02/19 الساعة 07:03 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/02/19 الساعة 07:03 بتوقيت غرينتش

قد نعتقد أن دور الدراسات والأبحاث الطبية في وقتنا هذا يقتصر على اكتشاف علاجاتٍ جديدة، أو فهم تفاعلات الجسم مع المستجدات البيئية والتكنولوجية، والتي قد ينتج منها خللٌ وظيفي ما.

لكن، ربما لم يخطر ببال كثيرين، أن جسم الإنسان لا يزال يحمل أسراراً، إلى الحد الذي يجعل بعض الأطباء يعلنون عن اكتشاف عضوٍ جديد!

أعلن كالفين كوفي، أستاذ جراحة العظام، وزملاؤه في مستشفى جامعة "ليمريك" بأيرلندا عن اكتشاف عضوٍ جديد في الجهاز الهضمي، يدعى المساريق "mesentery".

وصف كوفي ورفاقه في الورقة البحثية التي نشرت بدورية لانسيت الطبية المعروفة، تشريح العضو الجديد، الذي ساد اعتقاد سابقٌ عنه بأنه مجرد نسيج مكون من أجزاء متعددة ومنفصلة، ولا يمكن اعتباره وحدة واحدة، إلا أن النتيجة التي توصلوا لها اقترحت ترقية المساريق إلى درجة عضو كامل، يتكون من نسيج واحد متجانس، وبذلك يكون لدينا 79 عضواً، بدلاً من 78.


وبحسب "جرايز أناتومي"، مرجع التشريح الأشهر، تعد المساريق -وفق آخر تحديث مضاف- طية مزدوجة من الغشاء البريتوني، تبطن التجويف البطني، وتعمل على تثبيت الأمعاء في مكانها.

ويشير كوفي إلى أن الفهم الجيد لكيفية عمل هذا العضو الذي لا يزال تحت الدراسة، وكيف ومتى يحدث خللٌ في وظيفته سيفتح آفاقاً جديدة في علاج أمراض الجهاز الهضمي، التي ربما يسببها هذا الخلل، وبذلك قد نتفادى مستقبلاً أخطاء التشخيص والجراحات الصعبة، والتكلفة العالية، فيمكن الآن تشخيص الأمراض على أساس وجود هذا العضو الجديد في الجهاز الهضمي.

جدلٌ طبي


ومثل أي مسألة طبية، أو علمية، أثار إعلان كوفي وزملاؤه، مناقشة تتجدد باستمرار بشأن تعريف العضو، ومتى يمكننا إطلاق وصف عضو على أي نسيج أو مجموعة من الأنسجة؟

يقول كوفي، إنه لا يعرف إجابتها، فلا توجد جهة شرعية وموثوقة لدى أساتذة التشريح تضع معايير متفقاً عليها لوصف "العضو"، ولطالما كانت هذه المسألة محل جدلٍ بين الأطباء.

ويعد كثيرٌ من المتخصصين في وضع المصطلحات التشريحية أن الاتفاق على عدد الأعضاء في جسم الإنسان، أو ماهية العضو، أمرٌ محل جدلٍ دائم لا ينتهي، ولا يمكنك أن تجد اتفاقاً بين كتب التشريح القديمة أو الحديثة على هذا الأمر! فقد يتساءل البعض عما إذا كانت المساريق نسيجاً واحداً متجانساً، يقوم بوظيفة محددة، فهل يمكن أن نعد العظام، أو الجلد، أعضاء كذلك؟

فهي تكوينٌ متجانس، وتقوم بوظيفة واحدة ومحددة!

فالمساريق معروفة وموجودة في كتب التشريح منذ آلاف السنين، فقد رسمها ليوناردو دافنشي عام 1508، وأشار إليها على أنها عضو مستقل ومتجانس.

وعلى مدى سنواتٍ تالية، أكد أساتذة التشريح توصيف دافنشي، إلا أن هذا التوصيف تجاهلته طويلاً الأدبيات الطبية والتشريحية كافة، وحل محله التوصيف الذي وضعه فريدريك تريفس، الجراح البريطاني عام 1858 الذي يعد المساريق مجموعة من أجزاء نسيجية مختلفة، لا ترقى لمرتبة "عضو"، حتى عاد كوفي واقترح التوصيف القديم ودلل عليه.

رباطٌ جديد في ركبتك


وفي وقتٍ سابق أعلن جراحان بمستشفى جامعة لوفين في بلجيكا اكتشاف رباط جديد في الركبة، يتوقعان أنه يلعب دوراً مهماً في أشهر الإصابات الرياضية الشائعة.

أوضح الباحثان، في الدراسة التي نشرت عام 2013 أن بول سيجوند، الجراح الفرنسي، سبق أن أشار إليه عام 1879، فاعتقد وقتها أنه بجانب الأربطة الأربعة الواضحة في الركبة، من المفترض وجود رباط آخر داخلي، يحافظ، وفقاً لتقديره، على ثبات الجزء الخارجي من ركبة الإنسان، ومنعها من التحطم إلى الداخل.

لكن سيجوند لم يطلق اسماً على هذا الرباط الافتراضي، ولم يكمل أحدٌ ما بدأه، وبرغم إشارة العديد من الأطباء إلى اعتقادهم بوجود رباط في هذا المكان، إلا أن الأدبيات الطبية كانت أكثر ميلاً لاعتباره نسيجاً آخر، فجرى تجاهل الأمر.

لكن الافتراض، الذي راود سيجوند طويلاً عاد ليراود ستيفين كليس وجون بيلمينس، الأستاذين بجراحة العظام والكسور في مستشفى جامعة لوفين، وعكفا على دراسة تشريحية مفصلة لأكثر من 41 ركبة، حتى تأكدا من وجود رباط بين عظمة الفخذ وعظمة الساق، وأطلقا عليه اسمanterolateral ligament-A.L.L.


ويتوقع كليس، في حال اكتمال الدراسات والأبحاث، أن يحدث هذا الاكتشاف تقدماً كبيراً في علاجات إصابات الركبة عند الرياضيين، أو حتى عند الأشخاص العاديين، ممن عانى كثيرٌ منهم من إصابات، بعضها حيّر الأطباء لفترة طويلة.

وتثير مثل هذه الأبحاث الطبية دهشة عديدين، في كل مرة يعلن فيها جديد، وتدفعهم للتساؤل عما إن كانت هناك حدود ممكنة للعلم والمعرفة، مهما بلغنا من تقدم، أو حققنا من إنجاز!

علامات:
تحميل المزيد