يشاهد الغزيون الأماكن السياحية في جميع أنحاء العالم، ولكنهم لم يتمكنوا من زيارتها جرَّاء الحصار الإسرائيلي والإغلاق المستمر لمعبر رفح الحدودي، ولكن الآن ومن خلال تطبيق إلكتروني اخترعه فريق فلسطيني، أصبح بإمكان أي شخص من غزة أن يتجوَّل افتراضياً في كل مناطق العالم السياحية، بداية من مدينة البتراء الأردنية، وحتى جزر هاواي الأميركية، دون أن يغادر منزله.
"(فينكس) هو تطبيق يعمل على نقل المستخدم ذهنياً إلى بيئة أخرى أو مكان آخر، بقاعدة برمجية مبنية على أساس الصور بزاوية نظر 360 درجة، مما يتيح للمستخدم زيارة أماكن أخرى من دون الشعور بأنه ينظر إلى شاشة.
تحطيم قيود الحصار
المهندس أحمد الشرفا (24 عاماً)، أحد أعضاء الفريق، ومبتكر تطبيق (فينكس) يقول لـ"عربي بوست"، إن القيود المفروضة على سكان قطاع غزة "تحُول دون سفرهم لزيارة الأماكن السياحية خارج القطاع، لذلك راودتني فكرة العمل على تطبيق يُمكِّنهم من تحقيق ذلك دون حاجتهم للسفر".
ويضيف الشرفا، الذي تخرَّج في قسم تكنولوجيا المعلومات بالجامعة الإسلامية قائلا: "تعمل تقنية الواقع الافتراضي "فينكس" على نقل المستخدم ذهنياً إلى مكان آخر، من خلال تركيب الهاتف الجوال بداخل نظارة الواقع الافتراضي، التي تعتبر أداة مساعدة لتشغيل التطبيقات.
وتحتوي التطبيقات على بيئات مدمجة بشكل ثلاثي الأبعاد للأماكن التي نود زيارتها والتجول بداخلها".
تقنية جديدة
ويشير الشرفا إلى أن التطبيق له أهمية كبيرة لسكان قطاع غزة المحاصر، كونه من الممكن أن يلبي طموح وأماني الكثيرين، بزيارة الأماكن التي حُرموا من زيارتها جراء الحصار.
ويوضِّح أن للإنترنت دوراً كبيراً في تعريف الشباب على ثقافات وحضارات، الأمر الذي زاد فضولهم لزيارتها والتجول فيها، لكن الوضع السياسي والاقتصادي والحصار لا يسمح لهم بالوصول إلى مكان خارج غزة، وهو ما جعل هناك أهمية للتطبيق، كونه يوفر جولة في أي مكان يمكن أن يخطر ببال أحدهم، مع وجود تعليق صوتي يشرح معلوماتٍ عن كل زاوية في المكان.
ويؤكد الشرفا أن تطبيق (فينكس) يعمل بتقنية جديدة على المستوى العالمي، وتم العمل بمبدأ التجربة والمحاولة، وبدأ المشهد العام للتطبيق يصبح أكثر وضوحاً مع تكرار المحاولات والتجارب، حتى تم التوصل إلى الشكل النهائي له لنقل المستخدمين إلى الأماكن الخارجية دون عناء السفر وطول الانتظار.
إمكانات قليلة
ويقول الشرفا: "نعمل بأقل الإمكانات، حيث إن ظروف الحصار تمنع دخول العديد من الأدوات إلى غزة، الأمر الذي يشكل عائقاً أمامنا، ونتمنى التغلب عليه، ونكتفي بالموارد المتاحة حالياً".
ويبيِّن الشرفا أن تطبيق (فينكس) يحاكي تقنية الواقع الأرضي، التي تعمل على مبدأ الصور بزاوية "360" درجة، بحيث تسمح بنقل المستخدم إلى بيئة أرضية مغايرة لبيئة الواقع الموجود به، لافتاً إلى أن التطبيق يتيح للمستخدم مشاهدة المكان بعد وضع نظارة شاشة الهاتف، ليتمكن من التجوال في المكان الذي يريده، دون الذهاب إليه.
وكشف مصمم التطبيق عن أنه استوحى فكرة "فينكس" من طائر (الفينيق)، الذي يحرق نفسه عندما يكبر ليُبعث مرة أخرى من خلال الرماد، وهو ما يوحي بالتجديد، مؤكداً أن هذا ما حاول تحقيقه من خلال تطبيقه، حيث إنه يمكن للمستخدم أن يعيش في زمان ومكان آخرين.
طموح
ولدى المهندس أحمد الشرفا طموح بتأسيس أول وأكبر وحدة إنتاج تكنولوجيا للوسائط المتعددة في فلسطين، لتكون مرجعاً ومنتجاً للتطبيقات والمشاريع التكنولوجية، والريادية.
المواطن الفلسطيني محمد أبو شقفة (29 عاماً) لم يتوقع في يوم من الأيام زيارة "سور الصين العظيم"، نتيجة الحصار وقلة الإمكانات المادية؛ ولكنه من خلال استخدامه لتطبيق (فينكس) تمكَّن من زيارته والتجول بداخله دون تكبُّد مشقة السفر إليه.
ويقول أبو شقفة لمراسل "عربي بوست"، "تطبيق فينكس رائع جداً فمن خلاله استطعت التجول في مكان لم أتوقع الوصول إليه، فهو مكنني من زيارة (سور الصين العظيم)، حتى إنني استطعت التجول بداخله والتعرف على معالمه دون السفر إليه".
أما مرام جودة (24 عاماً) فلم تشاهد مدينة "أثينا" عاصمة دولة اليونان سوى عبر شبكة الإنترنت، ولكنها تمكَّنت من زيارتها والتجول بداخلها والتعرف على معالمها دون أن تسافر إليها، من خلال استخدامها لتطبيق (فينكس).