يشارك أستاذ علم الفلك والفيزياء بجامعة أريزونا، ديميتريوس سالتيس مع زوجته عالمة الفيزياء، فريال أوزيل ، وأكثر من مائة باحث آخر في مشروع ضخم يهدف في محاولة هي الأولى من نوعها إلى تصوير ثقب أسود بحلول ربيع 2017.
وسيستخدم الفريق تلسكوب إيفنت هورايزون المكون من مجموعة من التلسكوبات الراديوية موزعة على عدة بلدان حول العالم، وسيتم توجيهها جميعا كعدسة عملاقة نحو الثقب الأسود في منطقة الرامي- أ Sagittarius A والتي تقع في مركز مجرتنا درب التبانة.
وكان العالم الشهير ألبرت أينشتاين أول من تنبأ بوجود هذا الثقب الأسود وفقاً لنظريته عن النسبية العامة.
ويُقدّر قطر الثقب الأسود بحوالي 24 مليون كيلومتر أي أكبر من الشمس بـ 17 مرة، لكن وجوده على بعد 26 ألف سنة ضوئية يجعله هدفاً صعباً بحجم رأس دبوس في السماء.
هل يمكن حقاً تصوير الثقب الأسود؟
يجيب سالتيس بالقول: "لا يمكن، لكن يمكنك التقاط صورة لظله".
الثقب الأسود هو منطقة معتمة ذات قوى جذب شديدة لا يستطيع حتى الضوء الإفلات منها، ويحيط بالثقب الأسود جسيمات مشحونة مصدرها النجوم القريبة منه، هذه الجسيمات تدور بسرعة كبيرة حول الثقب الأسود وترتفع حرارتها بشدة لتشكل حلقة متوهجة من البلازما تسمى القرص التراكمي حول حافة الثقب الأسود المعروف باسم "أفق الحدث"، وذلك قبل أن يبتلعها الثقب.
ووفقاً لحسابات سالتيس وأوزيل، سيتم تصوير منطقة "أفق الحدث" حول الثقب الأسود بواسطة موجات الراديو لأنها أقل عرضة للتشتت مقارنة بالضوء المرئي والأشعة تحت الحمراء.
ويوضح سالتيس: "كلما زاد التردد، أصبحت البلازما أكثر شفافية، وعند الطول الموجي 1.3 ملليمتر تحصل على صورة ظل الثقب الأسود"
وهذا الطول الموجي مناسب أيضاً لتصل الصورة واضحة عبر طبقات الغلاف الجوي للأرض.
يتم تجميع البيانات من كل تلسكوب على أقراص صلبة، وترسل إلى مرصد هايستاك بمعهد ماساتشوستس للتقنية MIT، حيث تتم مقارنة البيانات وتحليلها قبل إدراجها في محاكاة حاسوبية لإنتاج الصورة.
والجدير بالذكر أن فريق المؤثرات الخاصة بفيلم Interstellarعندما أنتج محاكاة واقعية لثقب أسود استغرقت بعض اللقطات 100 ساعة ليظهرها الحاسوب.
وقد تولى سالتيس وفريقه مهمة تحسين برنامج المحاكاة المستخدم لإنتاج صورة الثقب الأسود، وذلك من خلال تعديل برمجة بطاقة الرسوميات بالحاسوب مما أدى إلى سرعة إنتاج الصورة في زمن أقل
ما الذي نتوقع رؤيته؟
تقول أوزيل: "نأمل أن نشاهد شكلاً هلالياً.. وليس حلقة مكتملة"، وتفسير ذلك أن الغازات المتوهجة تدور حول الثقب الأسود، وبسبب تأثير دوبلر (ويعني تغير الطول الموجي) فإن الجانب الذي يتحرك باتجاه الأرض يجب أن يظهر أكثر سطوعا من الجانب الآخر مما يعطيها شكلاً هلالياً.
هل كان أينشتاين محقاً؟
وفقا لنظرية أينشتاين تسبب الكتلة، وخاصة إذا كانت ضخمة مثل نجم أو ثقب أسود، انحناء الزمكان "الاتصال بين الزمان والمكان في نسبية أينشتاين" حولها بمقدار ما، يمكن حسابه رياضياً.
وقالت أوزيل: "نعرف كيف تحرف الشمس مسار الضوء، وقد نجحت تجربة آرثر إدينجتون العام 1919 في قياس هذا الانحراف، وما نحن بصدده الآن يتجاوز ذلك بملايين الملايين من المرات من حيث مقدار انحناء الزمكان". (1)
وأضافت: "إننا نعرف بالضبط ما الذي تتوقعه النسبية العامة لهذا الحجم". مما يتيح للعلماء فرصة اختبار الفرضية الأساسية للنظرية من خلال مقارنة ما تنبأت به النظرية مع حجم الظل في صورة الثقب الأسود.
وبحسب النظرية النسبية العامة لأينشتاين فأن ظل الثقب الأسود يجب أن يكون مستديراً تماماً وليس متطاولاً أو مفلطحاً.
أما إذا كان شكله متطاولاً (يسار) أو مفلطحاً (يمين)، فإن النظرية ستكون بحاجة لبعض التعديلات.