القتل هو أعنف الجرائم الجنائية، لذلك يتم تشديد الحراسة على مقترفيه في السجون، ولكن ذلك لا يمنع امتلاك هؤلاء القتلة، ذكاء شديداً يتيح لهم الهرب.
وفي هذا التقرير لن نتكلم عن قتلة فقط، بل قتلة متسلِّلين اقترفوا العديد من جرائم القتل المتتالية، وهربوا من سجونهم المرة تلو الأخرى.
تيد بوندي
في أغسطس/آب، عام 1975 تمَّ إلقاء القبض على القاتل المتسلل تيد بوندي بتهمة الخطف بعدما هربت واحدة من ضحاياه، وقدمت للشرطة وصفاً دقيقاً لسيارته، وأدين بوندي بهذه التهمة عام 1977 وحُكم عليه بالسجن لمدة خمسة عشر عاماً، مع متابعة التحقيقات في بقية التهم ضده بالقتل.
وفي يونيو/حزيران 1977 بأسبن بولاية كولورادو، كان بوندي في مكتب المحكمة ليعد دفاعاته، وذلك عندما وجد نافذة مفتوحة ليقفز من الطابق الثاني، ويسير إلى الشارع الرئيسي ويختفي في الحال، وتم القبض عليه بعد ذلك بستة أيام، ولحسن الحظ لم تقع أي ضحايا له في تلك الفترة.
لم تكن تلك المرة الأخيرة التي هرب فيها، حيث في 31 ديسمبر/كانون الأول عام 1977 استطاع بوندي بعد خسارته لخمسة عشر كيلوجراماً التسلل من خلال ثقب في سقف زنزانته في السجن، ولم يدرك المسؤولون حدوث ذلك قبل أن تمر خمس عشرة ساعة على هربه، ليصل إلى تالاهاسي بولاية فلوريدا.
وبعد أسبوعين توجه لسكن جامعي للطالبات بولاية فلوريدا، وهاجم أربعاً منهن، ما أدى لوفاة اثنتين وإصابة الثالثة بإصابات خطيرة، ثم اقتحم منزلاً آخر، وكاد أن يقتل الطالبة شيريل توماس، ولكن جيرانها سمعوا الضجة لتصل الشرطة بعد هرب القاتل.
وفي فبراير/شباط عام 1978 قاد على طريق لايك سيتي بفلوريدا، حيث خطف كيمبرلي ليتش البالغة 12 عاماً من مدرستها، وتم وضع بوندي على قائمة أهم 10 هاربين، الخاصة بمكتب التحقيقات الفيدرالي، ولم يتم العثور على جثة كيمبرلي إلا بعد مرور شهرين.
وفي 15 فبراير/شباط تم اعتقال بوندي بينما كان يقود سيارة مسروقة في بينساكولا، ليتم القبض عليه للمرة الثانية بسبب حبه لذات النوع من السيارات!
وأدين في نهاية المطاف وحصل على حكم بالإعدام، وذلك بعدما اعترف بارتكاب 30 جريمة قتل، ولكن يُعتقد أنه ارتكب جرائم أكثر، وتم إعدامه في 24 يناير/كانون الثاني عام 1989.
جاي شانكار
في الثالث والعشرين من أغسطس/آب 2009 اختطف شرطي من منطقة Kangeyam بالهند، وتم العثور على جثته في 19 سبتمبر/أيلول، ثم بدأت حملة مطاردة واسعة للبحث عن القاتل، وبعد شهر تمّ إلقاء القبض على جاي شانكار، الذي وُجهت له تهمة القتل، وربطته السلطات بـ13 جريمة قتل واغتصاب، وست جرائم اغتصاب.
وفي 18 مارس/آذار 2011 تم نقل جاي شانكار للمحاكمة، وذلك عندما هرب في محطة للحافلات، وقد انتحر حارسه بسبب ذلك، وعلى مدى شهرين قام شانكار باغتصاب وقتل 6 سيدات، بالإضافة لقتل رجل وطفل، وتم إلقاء القبض عليه أثناء محاولته الاعتداء جنسياً على امرأة.
وفي أبريل/نيسان 2013 أدين بالاغتصاب، وحُكم عليه بالسجن لمدة عشرة سنوات، وقضى عقوبته في السجن المركزي، حيث اعتزم الهرب في سبتمبر/أيلول من ذات العام، وذلك باستخدام مفتاح مكرر ثم تسلق السياج بطول ستة أمتار وسار عبر السقف وتسلق الجدار بطول 9 أمتار أخرى.
وباستخدام حزام من أغطية الفراش أخفض نفسه أسفل الجدار، ولكن لم تكتمل خطته كما تمنى، وذلك لأنه سقط وتضرر نتيجة هذه السقطة ليتم إلقاء القبض عليه ويعود مرة أخرى للسجن.
إيرل نيلسون
وُلد إيرل نلسون عام 1897 في سان فرانسيسكو، حيث تربى في عائلة ذات مبادئ دينية صارمة، وعانى خلال طفولته من إصابة رأس خطيرة أفقدته الوعي لمدة ستة أيام، ونما بعدها ليصبح شخصاً مضطرباً.
وفي مايو/أيار 1918 تم إلقاء القبض عليه بتهمة محاولة الاعتداء جنسياً على فتاة صغيرة، ثم وُضع في مصحة عقلية، ولكنه استمر في محاولات الهرب، ليقوم المشفى بصرفه لعدم قدرته على وضع موارد مالية لمنعه من الهرب، ولكن تم إلقاء القبض عليه مرة أخرى بعد سنواتٍ قليلة لتهديده زوجته التي تزوجها بعد إطلاق سراحه، ليهرب مرة أخرى عام 1925، ولم تحاول إدارة المشفى البحث عنه.
بعد بضعة شهور من الهرب سافر نيلسون إلى فيلادلفيا، حيث بدأ في سلسلة قتل عنيفة، وبلغ عدد ضحاياه هذه المرة 26 امرأة، واستهدف معظم الوقت السيدات صاحبات المنازل، حيث كان يدعي أنَّه مستأجر جديد، وعندما يجد المرأة وحدها يجهز عليها ويخنقها ثم يسرقها، وتجول نلسون في أنحاء الولايات المتحدة يقتل السيدات. ثم توجه بعدها إلى كندا، حيث قتل امرأة وفتاة في الرابعة عشرة من عمرها، ليتعرَّف عليه صاحب متجر في بلدة صغيرة، ويتم إلقاء القبض عليه وتسليمه عبر الحدود للولايات المتحدة.
وأخذ لقسم شرطة صغير، وتم وضعه في زنزانة، وعندما غادر ضابط الشرطة الوحيد هرب، حيث استخدم مسماراً صدئاً في ذلك، ووصل لمحطة القطار ليقفز في أول قطار متجه جنوباً، وكادت خطته هذه أن تنجح، لولا أن القطار الذي اختاره لسوء حظه أو لحسن حظ ضحاياه المحتملين، كان يعجُّ برجال المباحث، ليتم القبض عليه، وتتم إدانته بجريمة قتل واحدة، ويعدم في الثالث عشر من يناير/كانون الثاني عام 1928.
راندي جرين والت وجاري تايسون
حكم على راندي جرين والت بالسجن مدى الحياة عام 1974 بعد قتله لسائق شاحنة، حيث كان السائق ينام في سيارته ليرسم جرين والت علامة X على الزجاج، ويطلق من خلالها النار عليه ليرديه، واعترف وقتها بقتل رجلين آخرين أيضاً، أحدهما سائق شاحنة في ولاية اركنسو، والآخر في ولاية كولورادو، وتم إرساله لسجن أريزونا لقضاء مدة عقوبته.
وهناك التقى جاري تايسون الذي كان يؤدي أيضاً حكماً مدى الحياة، وخلال محاولته للهرب قتل حارس السجن. وفي أواخر يوليو/تموز 1978 كانا محتجزين معاً، وتحت ذريعة الزيارة تسلل ثلاثة من أبناء تايسون بالأسلحة النارية وهرَّبوا والدهم وجرين والت بعد ارتدائهم للملابس المدنية.
وكادوا أن يهربوا بنجاح لولا انفجار إطارين للسيارة، ليشيروا لسيارة مارة بداخلها شاب وزوجته وابنهما في الثانية من عمره، وواحدة من أقاربهم في الخامسة عشرة من عمرها، وأجبر المجرمون الضحايا على النزول من السيارة، واقتادوهم إلى الصحراء حيث قتلوهم، وتم العثور على الجثث بعد ذلك.
وفي وقت لاحق كان المجرمان في سيارة ووجدا سيارة تعجبهما أكثر، فشقا الطريق إليها، وقتلا العروسين بداخلها، واستمرا في القتل حتى 11 أغسطس/آب، عندما تم إيقاف العصابة من قبل حاجز للشرطة، وكان الابن الأكبر لتايسون يقود الشاحنة، وأصيب بعيار ناري في رأسه عندما حاول الاصطدام بالحاجز المروري، ليركض تايسون وأبناؤه وجرين والت في الصحراء، وهناك توفي تايسون بسبب الجفاف، قبل أن يتم القبض على البقية، بعد إرهاقهم من الهرب وقلة الماء، وحكم عليهم بالإعدام، وتم تنفيذ الحكم في جرين والت، وتخفيفه في الابنان للسجن مدى الحياة.