لم تعُد تَرَفاً.. كيف استطاعت دول كبرى الاعتماد على الطاقة البديلة وحدها؟

تعتمد بعض الدول حول العالم على الطاقة المتجددة للحصول على الكهرباء بنسبة 100% مستغنين تماماً عن الوقود التقليدي، أو ما يعرف بالوقود الأحفوري الذي يسبب لنا الكثير من المشاكل البيئية.

عربي بوست
تم النشر: 2016/12/03 الساعة 07:29 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/12/03 الساعة 07:29 بتوقيت غرينتش

تعتمد بعض الدول حول العالم على الطاقة المتجددة للحصول على الكهرباء بنسبة 100% مستغنين تماماً عن الوقود التقليدي، أو ما يعرف بالوقود الأحفوري الذي يسبب لنا الكثير من المشاكل البيئية.

قد يبدو من المستحيل أن نجعل العالم كله يعتمد تماماً وبشكل نهائي على الطاقات المتجددة، لكن في بعض الدول كان هذا التحدي بمثابة شرارة الانطلاق لوضع أسس حقيقية لثورة علمية في هذا المجال.

وخلال عامي ٢٠١٥ و ٢٠١٦ استطاعت دول عديدة، الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة كمصادر حيوية لإنتاج الطاقة، وذلك بعد الأزمة الاقتصادية التي حدثت في ٢٠٠٨ مما دفع دولاً عدة للاعتماد على الطاقة المتجددة لمواجهة الأخطار الناجمة عن الأزمات الاقتصادية التي يعد النفط أحد أهم روافدها.

اسكتلندا تنضم للركب في الاعتماد على الطاقة البديلة



الريف الاسكتلندي المعروف بالاخضرار النضر بات موطناً لمجموعة ثابتة من التوربينات البيضاء التي تدور باستمرار مستغلة طاقة الرياح التي لا تنضب، وتقوم هذه الطواحين الهوائية بالاشتراك مع مصادر أخرى للطاقات المتجددة بتوليد أكثر من نصف احتياجات البلاد من الطاقة الكهربائية.

وقد وضعت الحكومة الاسكتلندية خطة طموحة هي الأخرى لمواجهة هذه الأخطار، متجاوزةً ما كانت تصبو إليه عبر خطتها التي تشمل الوصول إلى استغناء كامل بالطاقة المتجددة في العام ٢٠٢٠.
ففي السابع من أغسطس/آب لعام 2016، أكد تحليل البيانات المقدَّم من منظمة الصندوق العالمي للطبيعة في اسكتلندا أن العنفات الهوائية قامت بضخ قرابة 39545 ميغاواط ساعي من الكهرباء إلى الشبكة الوطنية الاسكتلندية، وهو ما اعتبر حينها إنجازاً عظيماً، حيث إن هذا الرقم هو 106% مما تحتاجه الدولة من طاقة في ذلك اليوم.
لكن هذه الفرحة لا يمكن الاعتماد عليها، إذ كان هبوب الرياح أعلى من المتوقع في ذلك اليوم هو السبب الرئيسي وراء هذه الطفرة، وهو ما لا يمكن الاعتماد عليه ولا شك في كثير من الدول كمصدر وحيد للطاقة!

إسبانيا أكثر الدول اعتماداً على الطاقة الشمسية


قامت الحكومة الإسبانية بوضع خطة لنفسها تقوم بمقتضاها بالعمل على محاولة الوصول إلى الاعتماد الكلي على الطاقة المستدامة، لتكون الدولة الرائدة في هذا المجال، مما فتح الفرص للكثير من الشركات بالعمل في هذا المجال وتطوير نظم تمكنها من الوصول إلى هذا الهدف.

شركة أكسيونا، المنظمة الإسبانية التي تراقب 9500 من توربينات الرياح في جميع أنحاء العالم تعطي الأمر بعداً آخر، حيث تتمكن الشركة من خلال شراكاتها المتعددة على مستوى العالم من الوصول إلى حل لكثير من المشاكل المتعلقة بهذا المجال حتى خارج الأراضي الإسبانية.

يذكر أن إسبانيا تنتج حالياً من طاقة الرياح، ما يكفي لتزويد 29 مليون منزل بالكهرباء يومياً، وهو ما يقرب من 70% من الطاقة التي تحتاجها هذه المنازل لتستغني بشكل كامل فترة الليل فقط (معدل الاستعمال الأدنى)، وما يقرب من 54% في فترات الصباح (معدلات الاستهلاك الأعلى)، لكن هذا الرقم يبقى ضعيفاً، إذ لا يمثل ذلك إلا حوالي 17% من الاحتياج الفعلي للدولة.

رسم بياني يوضح أعداد الدول الأوروبية التي تعتمد على الطاقة المتجددة في إنتاج الكهرباء

ألمانيا متصدرة هي الأخرى


ألمانيا على صعيد آخر، تقوم بعمل مختلف، فالدولة الرائدة في مجال التطوير والصناعة الخاصة حصلت على ما يقرب من ٧٨% من احتياجاتها من الطاقة عن طريق مصادر متجددة للطاقة حسب تقرير حديث، مما يجعلها في قائمة الدول الأهم في العالم العاملة في هذا المجال، متفوقة بذلك على دول كثيرة.

وفي تقرير أصدرته وكالة الطاقة الدولية عام ٢٠١٥، أشار إلى أن الطاقة المتجددة ولأول مرة، استطاعت أن تشكل أكثر من نصف صافي الإضافات السنوية لاستطاعة الطاقة، متجاوزةً بذلك الفحم من حيث الاستطاعة التراكمية في العالم.

ويبيّن التقرير أن النمو في الاستطاعة السنوية للطاقة المتجددة وصل إلى أعلى مستوى على الإطلاق، حيث بلغ حوالي 156 غيغاواط، وقد تحقق هذا الإنجاز الكبير بفضل الإضافات القياسية لطاقة الرياح الشاطئية والخلايا الشمسية الكهرضوئية اللتين تسهمان بـ63 غيغاواط، و49 غيغاواط على التوالي.

ويشير التقرير أيضاً إلى خفض تكاليف توليد الطاقة وتعويضاتها بشكل قياسي على المدى الطويل، بحيث تتراوح بين 30 إلى 50 دولاراً لكل ميغاواط ساعي، في كل من محطات التوليد بالرياح والطاقة الشمسية. وتبيّن إحدى الإحصاءات المذهلة على نحوٍ خاص أنه في كل يوم يجري تركيب 500 ألف لوح شمسي في جميع أنحاء العالم.

جميع هذه الإحصائيات تقدم لنا برهاناً قوياً على أن الفحم الحجري والنفط يسيران بخطوات سريعة نحو الاختفاء، فيما يتجه العالم نحو الطاقة المتجددة التي كان الكلام فيها ضرباً من ضروب الخيال في السابق.

تحميل المزيد