كان الكون الوليد مضيئاً بأشعة ضوئية تتحرك أسرع بكثير مما هي عليه اليوم، وفقاً لنظرية جديدة تناقض نظرية أينشتاين المعروفة التي تقول إن سرعة الضوء ثابتة.
جوايو ماغويجو، من أمبريال كوليدج في لندن، ونيايش أفشوردي، من جامعة واترلو في كندا، قالا إن الضوء كان يسري بسرعة لا نهائية عند ولادة الكون عندما كانت درجة حرارة الكون مذهلة، عشرة آلاف تريليون تريليون درجة مئوية، وفق ما جاء في صحيفة الغارديان.
بدأ ماغوجيو بدراستها أواخر التسعينيات
وهي نظرية يقوم ماغوجيو بدراستها منذ أواخر التسعينيات، ولكن في ورقة نشرت الاثنين 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2016، وصف هو وأفشوردي للمرة الأولى كيف يمكن للعلماء اختبار تلك الفكرة المثيرة للجدل. إذا كانت النظرية صحيحة، فإنها ستترك بصمتها على الأشعة القديمة التي خلفها الانفجار الكبير، المسماة بالخلفية الكونية من الموجات الدقيقة، والتي يراقبها علماء الكون عن طريق الأقمار الصناعية.
يقول أفشوردي: "يمكننا التكهن بما كانت عليه التقلبات في بداية نشأة الكون، وهذه هي التقلبات التي نمت لتشكل الكواكب والنجوم والمجرات".
تعتبر سرعة الضوء في الفراغ من الثوابت الأساسية في الطبيعة. بفضل نظرية أينشتاين النسبية العامة، فقد طبعت قيمتها في سجلات الفيزياء منذ أكثر من قرن بنحو مليار كلم/ساعة. ولكن في حين أن النسبية العامة هي إحدى الركائز الأساسية للفيزياء الحديثة، يعرف العلماء أن قواعد اليوم لم تكن سارية عند نشأة الكون.
جاء ماجويو وأفشوردي بنظرية لتفسير سبب تناسق الكون إلى حد كبير عبر المسافات الشاسعة. حتى يكون الكون بهذا الانتظام، من المؤكد أن أشعة الضوء وصلت إلى كل ركن من أركان الكون، وإلا كانت بعض المناطق أكثر برودة وأكثر كثافة من غيرها. ولكن سرعة مليار كم/ساعة لم تكن كافية لينتشر الضوء عبر تلك المسافات الشاسعة.
ما هي نظرية التضخم
للتغلب على تلك المعضلة، اقترح علماء الكون، بمن فيهم ستيفن هوكينغ، نظرية تسمى التضخم، والتي تقول بأن الكون الوليد خضع لفترة وجيزة جداً من التوسع الهائل. وفقاً لنظرية التضخم، فقد انتظمت درجة حرارة الكون قبل انفجاره إلى الحجم الهائل. ولكن ليس هناك أدلة دامغة على صحة نظرية التضخم، وإذا كان الأمر كذلك، فما الذي أثار تلك الفترة الهائلة من التوسع، وما الذي أدى إلى نهايتها؟.
سرعة الضوء المتغيرة من الضوء
نظرية ماغويجو وأفشوردي تلغي نظرية التضخم وتستبدلها بسرعة الضوء المتغيرة من الضوء. وفقاً لحساباتهم، كانت حرارة الكون في اللحظات الأولى عالية جداً بحيث تحركت جزيئات الضوء وغيرها بسرعة لانهائية. في ظل هذه الظروف، بلغ الضوء الجيوب الأبعد في الكون، وجعلها تبدو متناسقة كما نراها اليوم. يقول أفشوردي، "وفقاً لنظريتنا، عند بداية الكون، كانت هناك درجة الحرارة التي أصبح عندها كل شيء أسرع. كانت سرعة الضوء لا نهائية وتنتشر أسرع بكثير من الجاذبية .إنه "تحول طوري" ، يشبه الطريقة التي يتحول بها الماء إلى بخار".
بم تتنبأ النظرية؟
قد يكتشف العلماء قريباً ما إذا كان الضوء حقاً انتشر أسرع من الجاذبية في الكون المبكر. تتنبأ النظرية بنمط واضح في اختلافات كثافة الكون في مراحله المبكرة، وهي خاصية تقاس بما يسمى "المؤشر الطيفي". كتب الباحثون في دورية Physical Review أنهم يتوقعون مؤشراً طيفياً دقيقاً جداً يقدر بـ 0.96478، وهو رقم قريب من أحدث قياس، والذي قدر ب 0.968.
لا يمكن للعلم أن يثبت صحة النظرية. ولكن أفشوردي قال إنه إذا أثبتت القياسات على مدى السنوات الخمس المقبلة تحول المؤشر الطيفي بعيداً عن توقعاتهما، فإنه سيستبعد تلك النظرية. وأضاف "إذا كنا نحن على حق، فهذا يعني أن نظرية التضخم خاطئة. ولكن مشكلة نظرية التضخم هو أنه يمكنك دائماً ضبطها لتناسب أي شيء تريده".
ديفيد مارش، من مركز علم الكونيات النظرية في جامعة كامبردج، لم يتخل عن نظرية التضخم حتى الآن. يقول "توقعات نظرية التضخم التي وضعها ستيفن هوكينج وغيره منذ أكثر من 30 عاماً اختبرت عن طريق المشاهدات الكونية، واجتازت تلك الاختبارات بشكل جيد. العديد من العلماء يعتبرون نظرية التضخم تفسيراً بسيطاً وأنيقاً لنشأة المجرات في الكون".
وبينما نظريات أخرى قد تبدو أيضاً واعدة، يقول مارش إن هناك عناصر غير واضحة في نظرية ماغويجو وأفشوردي. ويضيف "يبقى أن نرى مدى صلابة تلك التوقعات عندما يتم تناول جميع القضايا النظرية".
-هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Guardian البريطانية. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.