يعتبر بعض الشباب أن شبكات التواصل الاجتماعي هي المتنفس الوحيد للتعبير عن آرائهم، كما يتخذون من السخرية والنكتة أسلوباً جديداً لانتقاد الأحداث السياسية والاجتماعية حولهم، لكنهم لم يتوقعوا أن تكون السخرية على الشبكات الاجتماعية سببًا في دخولهم السجن.
إذ قامت قوات الأمن المصرية باعتقال عددٍ من الشباب على خلفية فيديوهات ومنشورات ساخرة نشروها على صفحاتهم الشخصية على الشبكات الاجتماعية، بعدما الذين لجأوا للمزحة والسخرية كسبيل أخير للتعبير عن الرأي.
وهنا نستعرض قائمة بأبرز وقائع الاعتقال على خلفية السخرية السياسية في مصر:
أدمن تمت الترجمة
قامت قوات الأمن المصرية باعتقال أدمن صفحة "تمت الترجمة" خالد مختار عبداللطيف الشهير بـ"شيكو بيكو"، 21 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، على خلفية نشر الصفحة فيديو ساخر من تصريحات الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي حول "الفكة" (القروش- عملة نقدية).
فيما جرى اتهام الشاب المصري الذي يعمل عضواً في فريق إعداد برنامج "أبلة فاهيتا" الكوميدي بالتظاهر وقطع الطريق، والانتماء لجماعة أسست على خلاف القانون، فيما قيضت القضية برقم رقم 9374 لسنة 2016 إداري الساحل، فيما قال المحامي بمؤسسة حرية الفكرة والتعبير في تصريحاتٍ لموقع "مصر العربية" موضحاً المحضر المحرر ضد عبداللطيف يحتوي على إشارة للدعوة لتظاهرات 11 نوفمبر المقبل.
وقد قامت نيابة الساحل بالقاهرة بالإبقاء على الشاب محتجزًا حتى ترد تحريات الأمن الوطني في التهم الموجهة إليه، قبل أن يتم الإفراج عنه في 24 من أكتوبر/تشرين الأول، بالتزامن مع الغضب الكبير الذي اجتاح الشبكات الاجتماعية على خلفية واقعة الاعتقال.
الممثلة شروق عبدالعزيز
قضت محكمة جنح قصر النيل بحبس الممثلة الشابة شروق عبدالعزيز بعد اتهامها بممارسة أعمال منافية للآداب والتحريض على ممارسة الفجور، ومشاركتها على موقع إباحي شهير على شبكة الإنترنت، فيما ربط البعض هذا الحكم غير المفهوم بفيديو شهير هاجمت فيه عبدالعزيز وزارة الداخلية مطلع العام الجاري.
حيث اشتهرت الطالبة بالمعهد العالي للسينما بنشر فيديوهات ساخرة في القضايا العامة، من بينها فيديو شهير هاجمت فيه الداخلية قائلةً: النهاردا عيد ميلادي، بس أنا مينفعش أحتفل بيه وفي واحد دمه مهدور على إيد (…) من الشرطة، وبحب أقولهم كل سنة وانتوا (…)، وكل سنة وانتوا (…) ناس في مصر"، وذلك في فبراير/شباط الماضي.
فعقب انتشار الفيديو طالبت صفحة "الشرطة المصرية" بمحاكمة الفتاة قائلةً: "البنت دي ظهرت، معرفش اسمها باين شروق عبدالعزيز، في فيديو شتمت الشرطة بأقذر الشتائم وفي منتهى السفالة، هي كومبارس حلمها الشهرة، أحمد مالك وشادي وسبناهم للمجتمع.. ودي؟"، فيما نشر ضابط آخر فيديو قال إن الفتاة نشرت ذلك لرغبتها في الشهرة ليس إلا.
وما أكد ربط النشطاء بين هذا الفيديو والقضية الأخيرة غرابة بعض التفاصيل في القضية، إذ قامت وزارة الداخلية بتوزيع بيان على الصحف تقول فيه أنها قبضت على الفتاة متلبسة بتهمة ممارسة الدعارة.
بينما شمل تفاصيل البيان معلومات مغايرة بأن القبض على شروق جاء بعد وصول معلومات إلى رجال الإدارة العامة لمكافحة الآداب حول نشاطها، وقام أحد أفراد الإدارة باستدراجها مقابل مبلغ مالي، ثم قامت قوة بالقبض عليها أثناء لقائها هذا المصدر السري للشرطة دون وجود حالة تلبس في شقة سكنية.
أطفال الشوارع
وفي مطلع مايو/آيار الماضي قامت أجهزة الأمن باعتقال أعضاء فرقة "أطفال الشوارع" بسبب الفيديوهات والأغاني الساخرة التي يقومون بنشرها على صفحتهم الرسمية على فيسبوك ويوتيوب، حيث جرى اتهامهم بالتحريض ضد مؤسسات الدولة والتحريض على التظاهر والترويج لأفكار إرهابية.
واستمرت الأجهزة الأمنية في احتجاز 4 من أعضاء الفريق وهم: "محمد دسوقي، ومحمد عادل، ويحيى، ومحمد جبر" نحو 5 أشهر، حتى قررت نيابة شرق القاهرة الإفراج عنهم في 7 سبتمبر/أيلول 2016، مع اتخاذ التدابير الاحترازية.
رسام كاريكاتير إسلام جاويش
أواخر يناير/كانون الثاني 2016 قامت قوات الأمن باعتقال رسام الكاريكاتير إسلام جاويش، صاحب صفحة "الورقة" على فيسبوك، بعدما اقتحمت مقر شركة إيجبشن نتورك لتكنولوجيا المعلومات في منطقة مدينة نصر بالقاهرة، كما جرى مصادرة بعض الأجهزة الإلكترونية الخاصة بالشركة.
فيما أعلنت الصفحة الرسمية لجاويش أن أجهزة الأمن وجهت له تهماً برسم كاريكاتير ضد النظام، كما اتهم بإدارة موقع إلكتروني غير مرخص، ومع المطالبات الحقوقية الكثيرة والغضب الذي أصاب نشطاء شبكات التواصل الاجتماعي، أمرت نيابة مدينة نصر بإخلاء سبيل رسام الكاريكاتير في اليوم التالي لاعتقاله.
وكانت صفحة "الورقة" التي أسسها جاويش تحظى بمتابعة أكثر من نصف مليون شخص، حيث اشتهرت بنشرها رسوم كاريكاترية وكوميكس لمواقف حياتيه للمصريين بشكلٍ ساخر.
شادي حسين وأحمد ومالك
لم يكن الاعتقال الطريق الوحيد الذي استخدم لمواجهة السخرية في مصر، إذ كانت الملاحقة القضائية أيضاً إحدى وسائل القمع، فعقب فيديو ساخر للشاب شادي حسين مراسل برنامج "أبلة فاهيتها"، والممثل الشاب "أحمد مالك" قدم ضدهم العديد من البلاغات، كما وصلهم تهديدات من عناصر بالشرطة المصرية.
ففي الذكرى الخامسة لثورة الخامس والعشرين من يناير، قام الشابان باستخدام واقيات ذكرية على أنها بالونات، فيما قاموا بتقديمها لأفراد من أجهزة الأمن الذين كلفوا بإغلاق ميدان التحرير لمنع التظاهرات، وهو ما أثار رد فعلس غضب من جهة الأجهزة الأمنية.
ففي اليوم التالي لنشر الفيديو أحال النائب العام بلاغ مقدم من المحامي سمير صبري حمل رقم 1602 لسنة 2016 لنيابة وسط القاهرة للتحقيق في الواقعة، حيث اتُّهِما بإهانة الشرطة، بينما قام نقيب المهن التمثيلية أشرف زكي بدر بإحالة مالك للتحقيق كما أوقف تصاريح عمله.
كما تلقى حسين رسائل تهديد من أفراد بالشرطة تمس أمنه وسلامته الشخصية، على أثرها تقدمت مؤسسة حرية الفكر والتعبير ببلاغٍ للنائب العام، للمطالبة بإلزام وزارة الداخلية بحماية حسين وعدم التعرض له، وحمل البلاغ رقم 1502 لسنة 2016 عرائض النائب العام.