أقرباؤنا أسلاف البشر أورثونا جينات تنتشر في السلالة جمعاء.. هذه فضائلها وسلبياتها

عربي بوست
تم النشر: 2016/10/20 الساعة 13:35 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/10/20 الساعة 13:35 بتوقيت غرينتش

في معظم الخريطة الجينية البشرية بقية متبقية من الحمض النووي البشري البدائي من سلالة الـ Neanderthal الذي ورثناه نتيجة التزاوج بين أجدادنا وأبناء عمومتهم أسلاف الإنسان hominids.

وراثة أوقعتنا عموماً في خبر كان. تشير الأبحاث إلى أن مقداراً يصل إلى 10% من الجينات البشرية وصلنا بالوراثة عن أسلاف قدماء hominids يختلفون عن سلالة Homo Sapiens العاقلة، وقد اختفت معظم تلك المورثات وتنحّت بعد عشرات آلاف السنين من عملية الانتخاب الطبيعي. لكن المورثات الجينية المتبقية فينا هي السبب الملام في عرضتِنا للاكتئاب والنوع الثاني من داء السكري ودار متلازمة كرون (التهاب الأمعاء الناحي) والذئبة والحساسيات بأنواعها والإدمان والقائمة تطول، حسب تقرير لصحيفة واشنطن بوست في 19 أكتوبر/تشرين الأول 2016، وفق واشنطن بوست.

بيد أن علماء الجينات فيرناندو راسيمو ودافيد مارنيتو وإيميليا هويرتا-سانشيز، أرادوا العثور على أدلة تثبت أن إرثنا القديم هذا قد تكون له بعض المنافع والمناقب التي غفلنا عنها.

فوائد الجينات

انطلق فريق العلماء بحثاً عن أدلة لوجود "انجبال داخلي تكيفي"، وهو ظاهرة تعود فيها قطعة مادة وراثية بالكثير من النفع على الكل فسرعان ما تنتشر وتسطع في السلالة جمعاء.

يقول راسيمو عالم الجينات في مركز نيويورك الجيني وقائد فريق الدراسة "لم يقم أحد بعد بإجراء مسح منهجي للانجبال الداخلي التكيفي حول العالم. لقد تحققنا من بعض النتائج السابقة ورصدنا كذلك أمثلة لم يعثر عليها من قبل".

نتائجهم المنشورة هذا الأسبوع في مجلة علم الأحياء الجزيئية والتطور الطبيعي Molecular Biology and Evolution تشير إلى أن البشر ورثوا متغيرات جينية مفيدة ذات صلة بتخزين الدهون والتنفس وتصبغ الجلد ووظائف الكبد والاستجابة المناعية وإنتاج الكيراتين.

بقايا الحمض النووي هذه أتتنا بالوراثة من أسلافنا البدائيين Neanderthals ومن سلسلة Denisovans التي هي سلالة بدائية أخرى لم نكن ندري بوجودها لولا رفاتٌ متبقٍ عُثر عليه في روسيا.

ورغم مرور عشرات آلاف السنين من انقراض هذه الأنواع البشرية، إلا أن أحماضها النووية لعلها ما زالت تساعدنا على البقاء في عالمنا المعاصر.

أما السبب من وراء ذلك كله فمبهمٌ غير واضح. فالأداة الإحصائية التي طورها راسيمو وزملاؤه في بحثهم كانت مصممة لمسح آلاف الجينات البشرية من شتى بقاع العالم وللإشارة بالتحديد إلى شرائح المجتمع البشري التي تحمل في حمضها النووي قدراً أكبر من التشابه مع الحمض النووي البشري البدائي القديم أكثر من تشابهها مع حمض سلالة الـHomo Sapiens النووي؛ أي بكلمات أخرى أن البحث كان عن أمثلة للانجبال الداخلي التكيفي.

أيّ القطع الجينية الموروثة هي المفيدة؟

الفرضية تقول إن هذه المتغيرات الجينية انتشرت عبر البشر وحمضهم النووي لأنها قدمت لنا ميزة ونفعاً ما.

على سبيل المثال هناك حالة شهيرة معروفة توضح الانجبال الداخلي التكيفي أكدتها دراسة راسيمو، وهي حالة موجودة في أهل التيبيت (الذين تشكل جينات الـDenisovan حوالي 5% من خريطتهم الجينية). فسكان ذلك البلد الجبلي لديهم متغير جيني يساعدهم على التنفس في أعلى المرتفعات الشاهقة، مرتبطٌ بالجين الموروث من الـ Denisovan وهو جينٌ غائب تماماً في الخريطة الجينية لشعب الهان الصيني المجاور.

لكن معظم الصفات البشرية تنحدر من توليفة معقدة من الجينات، ما يصعّب علينا أكثر مهمة استيضاح أيّ القطع الجينية الموروثة هي المفيدة بالضبط.

يقول راسيمو الذي كان طالب دكتوراه في جامعة كاليفورنيا ببيركلي عندما أجريت الدراسة "في كثير من المواد الجينية المختارة التي خضعت للمسح يمكننا التكهن بناء على وظيفة الجين، ولكن السبب التكيفي الحقيقي أصعبُ فهماً بكثير".

انتشر قدامى البشر وتوسعوا إلى خارج أفريقيا

ولدى راسيمو شكوك بمنافع وفوائد الجينين اللذين اكتشفهما هو وفريقه، فهذان المتغيران الجينيان موجودان في مجتمعات الأميركان الأصليين والشعوب اليوروآسيوية فضلاً عن سلالة الـDenisovan، وكلاهما ذو صلة بإنتاج النسيج الدهني.

يقول راسيمو بحذر "لدينا فكرة عن عمل هذين المتغيرين". لكنه لم يفصح عن الكثير لأن نتائج أبحاثه تلك قيد النشر في بحث آخر، ولذلك اقتصد في كلماته.

العبرة المستفادة من الدراسة حسب قول راسيمو، هي أننا ندين لأقربائنا الـبدائيين الـ Neanderthal والـ Denisovan بأكثر مما كنا نظن. فقد كان الاعتقاد السائد على مر السنين، أن قدامى البشر كانوا أضعف منا بنيةً وأقل منا ذكاءً وأقل لياقةً من ناحية التطور الطبيعي بالمقارنة مع البشر الحديثين، ولذلك السبب انقرض أولئك القدامى واندثروا. بيد أن راسيمو يعتقد أن سلالة بشر قديمة من الـ hominids قد ساعدت البشر بالفعل وعادت عليهم بالنفع.

يقول "لقد انتشر قدامى البشر وتوسعوا إلى خارج أفريقيا قبل مجيء البشر الحديثين، يعني أنهم كان لديهم متسع وافر من الوقت كي يتأقلموا ويتكيفوا مع الظروف الخاصة بأوروبا وآسيا. لكن ثمة طريق مختصر للتأقلم مع تلك الظروف بدلاً من انتظار التحول الجيني وطفراته، ألا وهو الحصول على تلك المواد الجينية من مجموعات البشر القدامى تلك التي كانت موجودة قبلهم بوقت طويل".

الجينات المرتبطة بالمناعة

على سبيل المثال لعل الجينات المرتبطة بالمناعة أسهمت في قدرة سلالتنا الـHomo Sapiens على مقاومة مسببات الأمراض الجديدة التي صادفتهم فيما كانوا ينتشرون حول أصقاع العالم.

ولكن مهلاً قبل أن تجرفكم المشاعر الجياشة والعواطف الشجية إزاء أقربائنا أسلاف البشر الـ Neanderthal وإرثهم الكريم الذي خلفوه، فالعدد الصادر من مجلة Molecular Biology and Evolution يضم بين دفتيه دراسة تبحث في جهة أخرى من ميراثنا القديم: إنها الثآليل التناسلية. فطبقاً لدراسة وتحاليل جينية لفيروس الورم الحليمي البشري من النوع 16 فقد ظهر أن المرض أصاب البشر الحديثين الذين مارسوا الجنس مع سلالتي الـ Neanderthals والـ Denisovans القديمتين بعد مغادرتهم أفريقيا.

هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Washington Post الأميركية. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.

علامات:
تحميل المزيد