من بقايا أجهزة وآلات ومعدات تالفة تمكّن شابان فلسطينيان في قطاع غزة من تصنيع أول سيارة "محلية" تعمل بالطاقة الشمسية، دون الحاجة لاستخدام الوقود التقليدي، في محاولة لمواجهة أزمة نقص الوقود وارتفاع أسعاره، التي يعاني منها أهل غزة، بسبب الحصار الإسرائيلي المتواصل منذ 10 أعوام.
جاء التصميم ضمن مشروع للتخرج الجامعي طرحه الشابان جمال الميقاتي (23 عاماً)، وخالد البردويل (23 عاماً)، خريجا كلية الهندسة وتكنولوجيا المعلومات بجامعة الأزهر في مدينة غزة، فيما بدأت عملية تطبيقه منذ نحو عام.
وحسب مختصّين في الهندسة الميكانيكية، فإن هذا المشروع يعتبر الأول من نوعه على مستوى قطاع غزة الذي يستخدم الطاقة الشمسية لتشغيل السيارات، عوضاً عن الوقود. ونجحت السيارة، المخصصة لراكب واحد فقط، كونها نموذجاً تجريبياً مصغراً، في قطع مسافة – وصفها الخريجان – بـ"الطويلة" اعتماداً على الكهرباء المولدة من الطاقة الشمسية. وبلغت تكلفة تصنيع السيارة حوالي 2000 دولار أميركي.
وعن مكونات السيارة الجديدة، أشار الميقاتي إلى أن تردي الأوضاع الاقتصادية ساهم في عدم تمكّنه وزميله من شراء قطع "جديدة" لتشغيل السيارة. وتابع: "قمنا بإعادة تصنيع قطع حصلنا عليها من أجهزة قديمة، بعضها احتاج إضافات، كما أن هناك قطعاً قمنا بإعادة تصنيعها من الصفر".
ولفت الميقاتي إلى أن التحدي الأكبر الذي واجهه وزميله خلال تنفيذ مشروع "سيارة بالطاقة الشمسية" هو نقص الإمكانيات المالية. وتضم السيارة – بحسب الميقاتي – لوحين يعملان على تحويل الطاقة الشمسية إلى كهرباء، ينتجان حوالي 300 واط من الكهرباء، ومحرك سيارة يستهلك طاقة كهربائية تصل إلى 160 واط، فيما تبلغ سرعته القصوى 35 كيلومتراً في الساعة الواحدة، وسعة تخزين لبطاريتها تكفي للسير دون طاقة شمسية لمدة 4 ساعات.
عندما تكون الشمس مشرقة
وتعمل السيارة، التي بلغ وزنها 190 – 200 كيلوغرام عندما تكون الشمس مشرقة، على الكهرباء التي يتم توليدها من الألواح الشمسية مباشرة، بينما تستهلك الطاقة المخزنة داخل بطاريات خلال ساعات الليل، ولا يمكن شحن بطاريتها إلا عبر ألواح الطاقة الشمسية، كما يقول الميقاتي.
من جانبه، قال خالد البردويل إن السيارة أخذت شكلاً رباعي الأضلاع، كي تكون مهيئة لتثبيت ألواح الطاقة الشمسية عليها، بحيث تعطي أعلى كفاءة عند تجميعها للطاقة.
وأضاف البردويل: "هذا المشروع تم البدء بتنفيذه بعد إعداد دراسة نظرية مفصلة، استغرق إعدادها حوالي 3 أشهر".
وأشار إلى أن محرك السيارة تم الحصول عليه من آلة قديمة، والبطاريات المخزنة للكهرباء كانت مستخدمة من قبل، والألواح الشمسية على غرارها، فيما تم بناء هيكل السيارة من الحديد.
وأوضح البردويل أن الغرض من تصنيع السيارة هو مواجهة أزمة نقص الوقود وارتفاع أسعاره، التي يعاني منها الفلسطينيون في غزة بسبب الحصار الإسرائيلي المتواصل منذ 10 أعوام.
وتعد أسعار المحروقات في فلسطين من أعلى الأسعار في الدول العربية، بحسب تقرير سابق لـ"الأناضول"، ويبلغ سعر ليتر البنزين الواحد (95 أوكتان الأكثر استهلاكاً) 5.76 شيكل ما يعادل (1.5 دولار).
وفي السياق، يصف مازن أبوعمرو، أستاذ الهندسة بجامعة الأزهر في غزة المشرف على مشروع "سيارة الطاقة الشمسية" بأنها "نموذج ناجح يمكن تطبيقه على سيارات أضخم".
ويقول: "بالتأكيد هذه الأفكار والنجاحات التي يحققها خريجو الجامعات في قطاع غزة بحاجة إلى حاضنة كي ترى النور". ويؤكد أن فكرة تصميم سيارة تعمل على الطاقة الشمسية واجهت العديد من التحديات في قطاع غزة، من أبرزها شح الموارد المتاحة بسبب الحصار، وسوء الوضع الاقتصادي للطلاب الخريجين.
ويعيش حوالي 1.8 مليون مواطن في قطاع غزة واقعاً اقتصادياً وإنسانياً قاسياً، في ظل تشديد الحصار الإسرائيلي.
ووفقاً لتقارير أعدتها مؤسسات دولية، خلال العام الجاري، فإن 80% من سكان غزة باتوا يعتمدون، بسبب الفقر والبطالة، على المساعدات الدولية من أجل البقاء على قيد الحياة.