الكِبر والغطرسة.. مشكلة تقضّ مضجع منتخب إنكلترا

عربي بوست
تم النشر: 2016/06/16 الساعة 11:29 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/06/16 الساعة 11:29 بتوقيت غرينتش

يقولون إن الغطرسة في الرياضة تُعد شيئاً جيداً، فبدونها يكاد يكون من المُستحيل تحقيق النجاح – بغض النظر عن اللعبة -، وبدونها أيضاً ستُسلب الرياضة حتماً أعظم سماتها. ومع ذلك؛ فإنه يُعاب على الكثيرين ممارستها، وهو انتقاد موجه في الآونة الأخيرة إلى إنكلترا.

فقد هوجمت كرة القدم الإنكليزية بانتقادات لاذعة خلال الأسبوع الماضي بكل ما تعنية الكلمة فيما يتعلق بموضوع بمشجعيها، فالتعادل بالهدف الذي سجله الروسي فاسيلي بيريزوتسكي في الوقت المُحتسب بدل الضائع كان مؤلماً بحسب تقرير نشرته النسخة الإنكليزية من موقع شبكة Eurosport الرياضية الفرنسية.

بغض النظر عمن يجب أن يُوَجه إليه اللوم بشأن أعمال العنف التي شوّهت أولى مباريات إنكلترا في كأس أوروبا 2016 أمام روسيا في مرسيليا، لازالت التساؤلات عن المزاج الوطني مطروحة. مامشكلة العقلية الرياضية الإنكليزية، وماذا عن المُشجع الإنكليزي، الذي غالباً ما يثير مثل هذه الأحداث؟

لاعب منتخب وايلز غاريث بايل اتهم إنكلترا بالغطرسة، قائلاً "أنهم يعظِّمون أنفسهم قبل أن يفعلوا أي شيء"، مشبهاً إياهم بالأخ الأصغر الذي يفرغ إحباطة المكبوت على والديه، وإن إنكلترا تفتقر إلى الفخر والعاطفة التي يتمتع بها خصومها الوايلزيون. ومع ذلك فإن اتهامهم بالغطرسة كان الأكثر وطأة.


ويعد هذا اتهاماً طالما يوجه إلى إنكلترا؛ ولكن من أين جاء؟ كما أن هذا الانتقاد ليس مقتصراً على منتخب كرة القدم في البلاد، فقد واجه المدرب ستيوارت لانكستر المسؤول عن فريق إنكلترا للركبي اتهامات بالعجرفة خلال كأس العالم العام الماضي، وواجه السائق البريطاني لويس هاميلتون هذه الاتهامات منذ فوزة ببطولة فورمولا 1 عندما كان مُراهقاً.

فما مشكلة الرياضين الإنكليز الذين يخلفون انطباعاً بالغطرسة، ولاعبي كرة القدم في هذه الحالة بشكل خاص؟ فمنتخبهم الوطني لديه القليل جداً من الأسباب لهذه الغطرسة عندما يتعلق الأمر بالبطولات الكبرى، سيما بالنظر إلى 50 عاماً مرّت منذ آخر مرّة فاز فيها الفريق بنهائي كأس العالم. فما الحكاية؟

الكثير من تلك الغطرسة خلقتها وسائل الإعلام، بالتغطية الهستيرية التي تقوم بها الصحافة الإنكليزية ذات الشهرة الواسعة للمنتخب الوطني. لكن الأدق هو أن السبب هو ما تنتجه وسائل الإعلام، أو ما ينتجه المشهد الإعلامي في المملكة المُتحدة، فما يلائم إنكلترا ليس بالضرورة أن يلائم دوماً باقي بريطانيا.

ففي بلد فريد من نوعه، مكون من أربعة دول مُختلفة، تأتي وسائل إعلام فريدة من نوعها أيضاً؛ إنكلترا هي الأكبر من حيث عدد السكان، وبطبيعة الحال عدد المشاهدين والقراء فيها أكبر من عددهم في وايلز واسكتلندا وآيرلندا الشمالية. غالباً ما يضطر مواطنو هذه الدول إلى متابعة محتوى لا يتعلق بهم على الإطلاق. وحين يتعلق بكرة القدم، أكثر الرياضات قومية، يعتبر هذا مزعجاً.

فعلى سبيل المثال، توقف تحليل الشوط الأول على محطة BBC للمباراة الافتتاحية لمنتخب وايلز في كأس أوروبا أمام سلوفاكيا، للحديث عن المباراة التي تجمع بين إنكلترا وروسيا في وقت لاحق من اليوم.

لم يستطيعوا البقاء لمدة 15 دقيقة دون الحديث عن تشكيل روي هودجسون للفريق، أو ما إذا كان ينبغي على واين روني اللعب في خط الوسط أو في خط الهجوم. من المؤكد أن معدل التنقل بين محطات التلفزيون كان مُرتفعاً في وايلز خلال تلك الدقائق.


وتمثل غطرسة كرة القدم الإنكليزية شيئاً من ظاهرة حديثة، فربما تعد نتيجةً مصاحبة للروح التي خلفها تأسيس الدوري الممتاز – أفضل دوري بالعالم -. فهل يمكن القول بأن مثل ذلك التعويذة قد تسربت إلى عقلية مشجعي كرة القدم العاديين؟ وهل شوهت المنظور الذي يُرى به المنتخب الوطني الإنكليزي؟

وأياً كان السبب لهذه الغطرسة الملموسة للمنتخب الإنكليزي، فمن الصعب إلقاء اللوم على اللاعبين أنفسهم. فقد كان ثمة وقت حين كانت الأمة بأكملها تمتطي ظهور أسود المُنتخب الثلاثة (أو البالغ عددها 23، بوصف أدق) في طريقها للبطولات الكبرى، بلاعبين تروج إليهم باسم "الجيل الذهبي" مثلما كان يفعل الجميع.

وجاءت ذروة الغطرسة الإنكليزية في نهائيات كأس العالم 2006، عندما تم تشكيل فريق سفين جوران اريكسون باعتباره الفائز المنتظِر بكأس العالم، ووُصِف اللاعب واين روني بأنه "بيليه الأبيض"، في وجود القليل للغاية من آراء تخالف هذا الطرح، كما لو أن الفريق عليه فقط الفوز.

لكن حتى في تلك الحالة كان من الممكن التماس العذر إلى حد ما لأي عجرفة، فقد كانت إنكلترا، في ذلك الوقت، تتفاخر بواحد من أفضل الفرق في عالم كرة القدم. وكان ينبغي لهم توقع الفوز، وقد كانت مثل تلك التوقعات مبررة، حتى وإن جعلت النتائج النهائية من إنكلترا هدفاً سهلاً للسخرية.

توقيت تصريحات بايل كان غريب أيضاً؛ فرغم النتائج الرائعة لإنكلترا في التصفيات، فإن التوقعات بأن يحقق المنتخب شيئاً لم تكن أبداً بهذا الضعف.

بشكل طبيعي، كان من المفروض أن يفقد هودجسون وظيفته بعد عامين من فشله بتجاوز الدور الـ 16 في كأس العالم، إلا أنه يتم تطبيق معايير مختلفة الآن، وبإمكان إنكلترا فعلاً استخدام بعض الغطرسة لتعزيز ثقتها بنفسها.


وفي الواقع يمكن أن تكون الحال معكوسة، فتصريحات بايل يوم الثلاثاء والتي قال فيها إنه لن يستطيع لاعب واحد من الفريق الإنكليزي مجاراة التشكيل الأساسي لوايلز، تدفعنا للقول أنه هو المتعجرف وليس خصومه.

قد يكون الأمر كله بغرض الاستعراض، واستعداء هودجسون ولاعبيه لأجل المنافسة والخصومة، ولكن جناح ريال مدريد هو من ينفخ صدره بغطرسة.

ربما يُنظر إلى الإنكليز على أنهم متغطرسون بشكلٍ عام، فقد خلصت دراسة بحثية أجراها مركز Visit Britain إلى أن السياح الأجانب المتوافدين إلى شواطئ البلاد يعتقدون ذلك أيضاً.

ربما هي مجرد سمة وطنية تتجلى في المنتخب الوطني للبلاد. قضية وايلز مع إنكلترا قد تكون قضية ثقافية وليس رياضية، فالإنكليز يقولون "لا أحد يُحبنا، لا نكترث"، لكن الآخرين يكترثون.

هذا الموضوع مترجم عن النسخة الإنكليزية من موقع شبكة Eurosport الرياضية الفرنسية. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.

تحميل المزيد