يُمْكِنُ للإنسان أن يتسلقَ أعلى الجبال ويعيشَ في أقسى الصحاري. بيد أننا جميعاً نعيشُ حيوات محفوفة بالمخاطر، نكون فيها على شفير الموت إذا فقدنا سُبُلَ الوصول إلى أشياء بسيطة، مثل الماء، أو الغذاء أو حتى النوم.. فكم يمكننا البقاءُ على قيد الحياة دون هذه الأساسيات؟
يختلف الأمر من شخصٍ لآخر ومن وضعٍ لآخر، رغم أن "قاعدة الثلاثات" تكشف عن الطبيعة القُصوى لاحتياجات أجسامنا: ثلاث دقائق من دون أكسجين، وثلاثة أيام من دون ماء، وثلاثة أسابيع من دون طعام.
غير أن بعض أفراد جنسنا البشري الاستثنائيين كسروا هذه المُحَدِّدات المتعلقة بالبقاء على قيد الحياة وسواها، وأعادوا تحديدها.
ونورد في ما يلي بعض الأرقام القياسية لمدة بقاءِ الناس على قيد الحياة من دون الأساسيات، مثل الهواء، والماء، والغذاء، وأشعة الشمس، والنوم، كما نشرها موقع Techinsider.
تحذير: لا تحاولوا كسر أيٍّ من هذه الأرقام القياسية بأنفسكم. فقد تموتون جَرّاءَ ذلك.
إن قاعدة الثلاث دقائق من دون هواء توصيةٌ جيدة. احبس أنفاسك لمدة أطول، وستكون عُرْضَةً لخطر تلفٍ في الدماغ.
ولكن بعض الناس يمكن أن يحبسوا أنفاسَهُم لمدة أطول من ذلك بكثير، كما هو الحال مع مُتَمَرِّسي الغوص الحر.
22 دقيقة بدون تنفس
ويَبْلُغُ الرقم القياسي العالمي الحالي لانقطاع النفس الثابت، أو حبس النفس في الماء دون تحرك (غالباً يكون الوجه نحو الأسفل، عكس هذه الدورة التدريبية)، 11 دقيقة و35 ثانية، وسَجَّلَهُ ستيفان ميفسود في عام 2009.
وإذا سُمِحَ بشحن الرئتين بالأوكسجين النقي قبل المحاولة؟ سيتضاعفُ الرقم القياسي تقريباً إلى 22 دقيقة و22 ثانية؛ وهو الرقم الذي سجله توم سياتس في عام 2012.
يمكننا أن نحبسَ أنفاسنا تحت الماء لمدة أطول من حبسِ الأنفاسِ في الهواء بسبب وظيفةٍ غامضةِ تعرف باسم "مُنْعَكَس الغوص لدى الثدييات". وتُتيحُ لنا هذه الوظيفة أن نَكْبِتَ المنعكس الذي يجبرنا على التنفس بسهولة أكبر، وأن نغمر أنفسنا.
كم تصمد من دون ماء؟
وماذا عن الماء؟ كم يمكن أن نصمد من دون السائل الحيوي الذي يشكل ثلثي أجسامنا؟ اعثر على مصدر للمياه في غضون ثلاثة أيام، وإلا ستكون في مأزق.
ولكن الوقت الفعلي الذي يمكن أن يصمد فيه الإنسان من دون ماء يتنوع بشكل كبير، وذلك لأن أجسامنا يجب أن تحافظ أساساً على توازن السوائل، ويجب تعويض مخزون السوائل لدينا، حيث إننا نعرقُ، ونتبولُ، ونَزْفُر.
في ظل الظروف القاسية، مثل ممارسة التمارين الرياضية تحت أشعة الشمس الحارقة، يمكن أن نفقد 1.5 لتر من المياه في الساعة بالتعرق. وإذا فشلنا في تعويض هذه الكمية، سينقص حجم الدم، ويتوقف التعرق، ونصبح أكثر سخونة وأكثر عرضة للجفاف، مما يؤدي إلى الموت في غضون ساعات.
ولكن في بيئة مريحة، يمكن أن يصمد الفرد البالغ من دون ماء لمدة أسبوع أو أكثر.
أندرياس ميهافيتش، وهو رجل نمساوي يبلغ من العمر 18 عاماً، بقي حياً من دون ماء أطولَ مدة، فقد نَسِيَتْهُ الشرطة في زنزانة احتجاز لمدة 18 يوماً في عام 1979. ورغم ذلك، فهو رقم قياسي غامض، حيث يُزْعَمُ أنه كان يلعق قطراتِ تَكَثُّفِ الماء على جدران السجن.
ماذا عن الطعام؟
لَعَلَّهُ من الصعب تحديدُ أمدٍ للبقاءِ على قيد الحياة من دون طعام. فقد طور البشرُ استمراريةَ الصيد، الأمر الذي يجعلنا بارعين جداً في التعامل مع التضور جوعاً.
كما أنه من الصعب أخلاقياً تجريب الحرمان من الطعام، رغم أن الإضراب الطوعي عن الطعام يمنحنا أدلة. فقد استمر أطول صيامٍ للمهاتما غاندي 21 يوماً.
ولكن أطول إضرابٍ مستمر عن الطعام في التاريخ المسجل قام به السجين السياسي الأيرلندي تيرينس ماكسوايني، حيث انتهى إضرابه عن الطعام الذي استمر 74 يوماً بوفاته في عام 1920.
أثناء الجوع، يبدأ الجسمُ باستهلاكِ الغليكوجين الموجود في الكبد والعضلات لإنتاج سُكَّرٍ يسمى الغليكوز، ثم بعض الأحماض الأمينية، بعد ذلك يبدأ الجسم بمعالجة مخزون الدهون، ثم البروتين.
إذا انتهت فترة الجوع، ولم يتم التحكم بكمية طعام المريض بدقة، يمكن أن يؤدي ذلك إلى الاحتفاظ بالكثير من الصوديوم، الأمر الذي يتسببُ بتراكمٍ خطيرٍ للسوائلِ، يمكن أن يؤدي إلى قصورٍ في القلب.
العيش في الظلام
وماذا عن أشعة الشمس؟ هل يمكن أن يعيشَ الإنسانُ في ظلامٍ دامس؟
للأسف، نحن نعرف الإجابة على هذا السؤال من مجموعة من الأطفال الذين احْتُجِزوا في سراديبَ مظلمة على يد طائفة روسية في مدينة قازان، عاصمة تتارستان، حتى عام 2012. وكثيرٌ منهم، بمن فيهم شخص يبلغ من العمر 19 عاماً، لم يَرَوا الشمسَ بتاتاً.
ولكن طالما أنكم تتناولون فيتامين (د) لدرء الكساح، تستطيعون العيشَ من دون أشعة الشمس. ورغم ذلك، قد تَخْتَلُّ مستوياتُ السيروتونين في الجسم، الأمر الذي يمكن أن يؤثر على النوم والمزاج.
نم أو يتلف دماغك
والنوم ضروري. تخلَّ عنه لفترة طويلة جداً، وسيبدأ دماغك بالانهيار. وغالباً ما يُشار إلى راندي غاردنر على أنه حامل الرقم القياسي في الاستيقاظ، وهو طالب في المدرسة الثانوية يبلغ من العمر 17 عاماً، وبقي مستيقظاً لمدة 264 ساعة (11 يوماً) في عام 1965 في معرضٍ للعلوم.
وقد صمد البعض الآخر أكثر من غاردنر بـ 11 يوماً، رغم أنهم مروا بحالاتِ استراحةٍ مشابهةٍ للنوم. ويعاني البعض الآخر من الأرق الوراثي المميت (FFI)، الذي يؤدي، بعد شهورٍ من عدم النوم، إلى تَلَفٍ تدريجيٍّ في الدماغ والموت.
لا يزال العلماء غير متأكدين لماذا نحتاج إلى النوم بالضبط. فقد يطرد السموم من الدماغ، أو يتيح لنا تنظيم أفكارنا على شكل ذكريات ومعرفة. ولكن ثمة شيئاً واحداً مؤكداً حول النوم: عدم نَيْلِ قِسْطٍ منه أنباءٌ سيئة.
– هذا الموضوع مترجم عن موقع Techinsider. للاطلاع على المادة الأصلية يرجى الضغط هنا.