هل حياتك مرتبة؟

إن حياتك بشكل عام هي عبارة عن أَهداف وأنشطة تقوم بها، ولكن ما علاقة ذلك بذاك؟ بالطبع لن تكتمل الصورة النهائية للعبة البازِل إلا حين تَجمَع القطع كلها بالترتيب المطلوب

عربي بوست
تم النشر: 2016/03/09 الساعة 02:59 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/03/09 الساعة 02:59 بتوقيت غرينتش

عُدتُ إلى البيتِ حاملةً بيدي صُندوقاً، فدخلتُ به إلى غرفتي ووضعته في مكان آمن بعيداً عن متناول المُتطفلين، ثم أنهيتُ من أعمالي المعتادة وأنشطتي اللامنتهية، قدرَ المستطاع، ورجعت إلى ذلك الصندوق مغلقةً باب غرفتي وهاتفي المحمول وجميع وسائل التشتيت.

كان على غلافِ الصندوق صورة جميلة جدًّا كُتب بجانبها (1000 قطعة) وفي داخلها يوجد عدد كبير من القطع مُختلفةً في الشكلِ واللون وعليّ أن أضعها جنباً إلى جنب حتى تكتمل وتشكِّل صورةَ الغلاف. مسكتُ القطعةَ الأولى وتأملتُها ومن هنا بَدأتْ رحلتي، أيقنتُ أن صندوقَ لعبةِ البازِل هذه ما هو إلا نموذجٌ عملي عن حياة كل واحد منّا، كيف ذلك؟


إن حياتك بشكل عام هي عبارة عن أَهداف وأنشطة تقوم بها، ولكن ما علاقة هذا بذاك؟ بالطبع لن تكتمل الصورة النهائية للعبة البازِل إلا حين تَجمَع القطع كلها بالترتيب المطلوب، وكذلك الصورة الكاملة لحياتك لن تستطيع فَهمها وتشكيلها ورؤيتها بوضوح، إلا إن قمتَ بكتابةِ جميعِ أهدافك أمامَك ورسمتَ شكلَ حياتك الذي تريدُه. فقِطع البازِل إذاً هي أنشَطتك اليومية والسنوية، وأهدافك قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى التي تضعها أمامك بالشَّكل الصحيح والترتيب المنطقيّ لتبيّن لك الصورة العامة لحياتِك ولتكشف لك وضعك المستقبلي.

والآن تختلفُ طريقة تركيبِ الصورةِ من شخصٍ لآخر، فالبعض يَبدأ بأولِ قطعةٍ تقع بين يديه ويبني كل اللعبةِ عليها، فيبحثُ عن القطعِ التي يجبُ أن تقع بجانبِها، وإن صَعُبَ عليه إيجادُ القطَع المجاورة لقِطعته تراهُ يَئِس ولم يجرّب قطعة أخرى من مكانٍ مختلف. وهذه الطريقة تُمثّل الشخص الذي تَقِفُ حياتُه على فرصةٍ واحدة يحاولُ استغلالها وتَتَمحور حياته كلها عليها. وإن لم يحالفْهُ الحَظ هذه المَرة يتركُ كل شيءٍ ويستَسلِم.

والبعضُ لهُ طريقةٌ أخرى وهي أن يَبدأ اللعبة من زاويةٍ أو موضوعٍ محدّد في الصورة (كالشجرة مثلاً) ولا ينظُر إلا إليها ولا يعلَم ماذا سيكونُ حولَها، ويُقنع نفسَه بأن ينتهيَ منها تماماً وإن استَنزَفَتْ من وقتِه الكثير ثم ينتقل إلى زاويةٍ أخرى.. وهذه الطريقة تُمثّل الشّخص الذي يضعُ أمامَه هدفاً محدداً يَدرُس جميعَ تفاصيلِه ولا يهدأُ له بالٌ إلا حين يُنجِزُه وينتهِي من جميعِ أجزاءِه ويراهُ أمامَه مكتملاً بصورةٍ جميلةٍ كما تخيَّلهَا تماماً، ولكنه لا يعلم ماذا سيأتي بعدَ ذلك، ولا يفْقَهُ إلى أين سيقودُه إنجازُه هذا بل يترُكهُ للزَمن.

والبعضُ أيضاً يبحثُ عن القِطع التي تُشكّل جميعَ حواف اللعبَة فتُكوِّن إطارًا للصورة، ثم يقوم بتجميع القِطع ذاتِ الألوان المُتشابهة ويَضَعُها جنباً إلى جنب أمامَه ليُسهّل على نفسه البحث، ثم يبدأ بأسهل زاوِيَة أو موضوع وهو الذي يحتوي على صورةٍ واضحةٍ وألوانٍ زاهية ومميزة، وعلى عَلم بما سيأتي بعدها. وهذه الطريقة هي الطريقةُ الأمثلُ برأيي، لأنه بذلك وكأنّه يضع إطاراً لحياتِه يفهَم من خلالِه وَضعه العام وكافة جوانِب حياتِه ثم على أساس هذا الإطار يبدأ بتحديدِ أهدافه العامة والخاصة، وعليه أن يتذكّر أنه لن يستطيع تحديدَ هذه الأهداف بكبيرها وصغيرها، إلا أن تابَعَ النَّظرَ إلى الصورةِ الأساسية والمتكاملة لحياته. وفي حال طرأ أمرٌ ما أو تغيّرَتْ طريقةُ تفكيرِه وأرادَ تغيير هدفٍ أو أكثر، يكونُ بذلك قد قام بشراءِ صندوق بازِل جديد وبقطع جديدة وصورة جديدة وأكثر وضوحاً.

وأنت هل اشتريت صندوقك؟

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد