دقت ساعة الصفر! هي سويعات قليلة تفصلنا عن عقد الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" جمعيته العمومية غير العادية في زيورخ السويسرية، لانتخاب رئيسه الـ 9 خلفاً للسويسري جوزيف بلاتر الذي تقدم باستقالته بعد أيام من إعادة انتخابه في مايو/آيار الماضي إثر اتهامات بفضائح فساد كبيرة.
فضائح الفساد أدت إلى وقف العجوز السويسري والفرنسي ميشيل بلاتيني رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، لـ 8 أعوام عن ممارسة أي نشاط مرتبط بكرة القدم، قبل أن تخفف إلى 6 أعوام لكليهما، إضافة إلى وقف لجنة الأخلاق في "فيفا" لأكثر من 15 مسؤولاً آخر، أبرزهم الأمين العام الفرنسي جيروم فالكه.
وكان ثمانية مرشحين أعلنوا عن نيتهم ترشيح أنفسهم هم: الفرنسي ميشيل بلاتيني، والأردني الأمير علي بن الحسين، والبحريني الشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة، والإيطالي – السويسري جياني انفانتينو، والفرنسي جيروم شامبين، والتريندادي دايفيد ناكيدا، والجنوب أفريقي توكيو سِكسويل، والليبيري موسى بيليتي.
غير أن عدد المرشحين تقلص إلى 5 فقط هم: علي بن الحسين، وسلمان بن إبراهيم، وجياني انفانتينو، وجيروم شامبين، وتوكيو سِكسويل.
لحظة فارقة في تاريخ "فيفا"
وأمام "فيفا" هذه المرة تحديات عظيمة، أهمها إعادة مصداقيتها وإرساء استقرار السفينة في خضم البحر العباب الذي أوشك أن يغرقها، وهذا ما حدا بالكاميروني عيسى حياتو، الذي يتولى رئاسة الاتحاد الدولي بصورة مؤقتة للقول، "هذا الحدث يمثل فرصة تاريخية، ويأتي في مرحلة هامة عقب فترة صعبة"، معتبراً أن انتخاب رئيس جديد لـ "فيفا" هو "مرحلة جديدة بالنسبة للمؤسسة ومستقبل كرة القدم في كل العالم".
ويدعم ذلك التغييرات التي اقترحتها لجنة الإصلاحات التي تم تشكيلها قبل أشهر، ودعمتها اللجنة التنفيذية لـ "فيفا" بالإجماع، وأبرز تلك الإصلاحات، تقنين فترات الرئاسة المتتالية بـ 3 ولايات، تمتد كل منها لـ 4 أعوام.
كما تتضمن الإصلاحات فصل المهام السياسية عن الإدارة بصورة يكون معها المجلس الجديد مسؤولاً عن الإدارة الاستراتيجية والأمانة العامة للعمليات والمعاملات التجارية.
ولأنها انتخابات غير مسبوقة, عدّها كثيرون الأهم والأخطر منذ تأسيس "فيفا" قبل 112 عاماً، ولأنه "من خلال التجارب السابقة والمعلومات التي يتم تداولها حاليا فإنه يطلب من المشاركين في التصويت تصوير ورقة التصويت بالهاتف المحمول لإثبات إتباعهم التوجيهات" بحسب المرشح الفرنسي شامبين، فقد أكد رئيس اللجنة الانتخابية دومينيكو سكالا أنه سيتم تذكير جميع الوفود "بأنه يحظر استخدام الهواتف المحمولة أو الكاميرات أو أي معدات الكترونية يمكن أن تُستخدم في تسجيل عملية التصويت داخل كبائن التصويت"، مضيفاً: "سيتم تسليم أوراق التصويت إلى المشاركين في التصويت بعد دخولهم كبائن التصويت فعلا".
أوزان الاتحادات وطريقة الانتخابات
عدد الاتحادات المنتمية للاتحاد الدولي لكرة القدم والتي يحق لها الانتخاب 209 اتحاداً، يحق لـ 207 منها التصويت في هذه الانتخابات بعد بعد قرار اللجنة التنفيذية في الاتحاد الدولي الأربعاء 24 فبراير/شباط استمرار إيقاف اتحادَيْ الكويت وإندونيسيا.
يملك الاتحاد الأفريقي المعروف بالـ "كاف" العدد الأكبر من الأصوات (54 صوتاً)، بينما للاتحاد الأوروبي "يويفا" (53 صوتاً)، وللاتحاد الآسيوي "آفك" (46 صوتاً) يحق التصويت لـ44 منها فقط (لاستبعاد الكويت وإندونيسيا)، أما اتحاد أميركا الشمالية والوسطى والكاريبي المعروف بالـ "كونكاكاف" فيمتلك (35 صوتاً)، والاتحاد الأوقياني "أوفك" (11 صوتاً)، وأخيراً اتحاد أميركا الجنوبية المعروف بـ "كونميبول" (10 أصوات).
يفوز بسباق الرئاسة من الجولة الأولى المرشح الذي يحصل على ثلثي الأصوات فأكثر، أي 138 صوتاً فأكثر، وفي حالة عدم حصول أي مرشح على الثلثين – وهو المرشح بقوة في هذه الانتخابات -، يكفي أي مرشح في المرحلة الثانية الحصول على نصف عدد الأصوات زائد واحد للفوز (104 أصوات)، بينما يخرج من السباق بعد الجولة الأولى من التصويت المرشح الذي يحصل على العدد الأقل من الأصوات.
انتخابات غير مسبوقة
اتسمت الانتخابات هذه المرة بسمات ربما لم تكن موجودة من قبل، لكنها لم تكن بادية بهذا الوضوح؛ سنكتفي بالوقوف على ثلاث سمات منها:
السمة الأولى هي وجود تكتلات قارية لتأييد مرشح ما بوضوح وعلانية؛ فقد أعلن الاتحاد الأوروبي دعمه لانفانيتنو، إلا أنه سيسمح لأعضائه بحرية التصويت، كما أعلن اتحاد أمريكا الجنوبية لكرة القدم "كونميبول" عزمه توحيد أصوات الاتحادات التابعة له لصالح انفانتينو.
كما قرر الاتحاد الأفريقي دعم سلمان بن إبراهيم على الرغم من ورود أنباء مؤكدة عن عزم بعض الاتحادات الأفريقية عدم الالتزام بذلك ومنح أصواتها لغيره من المرشحين؛ فاتحاد رواندا مثلاً سيصوت لعلي بن الحسين، والجزائري سيصوت لانفانتينو.
ثاني السمات تظهر في موقف الاتحادات العربية من هذه الانتخابات؛ ففي حين اجتمعت اتحادات أخرى، اختلفت الاتحادات العربية وتفرقت فيما بينها، بل لم تكن هناك محاولات من جانب القيادات الرياضية في العالم العربي للاتفاق على مرشح واحد في الانتخابات المقبلة، وربما ساعد في ذلك وجود مرشحين عربيين هما علي بن الحسين وسلمان بن إبراهيم، إلا أن اللافت للنظر أن الانقسام لم يكن عليهما فقط؛ إذ أعلن الاتحاد الجزائري لكرة القدم على سبيل المثال بوضوح دعمه لانفانتينو.
كما لا يخفى أن قرار التأييد عربيّاً يتعدى أن يكون قراراً رياضيّاً؛ فالقيادة السياسية وأحكام الجوار والانتماء لمنطقة واحدة وتاريخ العلاقات العربية العربية كل ذلك له دور في تحديد بوصلة الدعم ستكون نحو أيٍّ من المرشحين.
إضافة إلى ما سبق، فإن وجود مرشحَيْن عربيَيْن يقلل من فرص فوز أحدهما في الانتخابات؛ لأن الأصوات العربية بالدرجة الأولى، والآسيوية بالدرجة الثانية بحكم أن المرشحَيْن آسيويَّيْن، ثم العلاقات العربية المتقاربة مع دول عدة بالدرجة الثالثة، كل هذا سيفتت الأصوات بينهما، وهو ما دعا الأمير علي إلى المطالبة بتأجيل الانتخابات في خطوة مفاجئة منه، وقبل أيام فقط من موعد الانتخابات المقرر، وما ذلك إلا لحرصه على كسب فترة زمنية جديدة تسمح بوساطات تقنع الشيخ سلمان المرشح العربي الآخر بالتنازل عن الترشح.
أما السمة الثالثة، فتتمثل في دور الغائبَيْن الحاضرَيْن بلاتر وبلاتيني؛ فعلى الرغم من استقالة الأول ومنع الثاني من الترشح، وبرغم قرار منعهما من الاقتراب من كل ما يرتبط بكرة القدم لمدة 6 أعوام؛ إلا أنهما حاضرَان وبقوة؛ فـ 4 من المرشحين الـ 5 لهم صلات بأحدهما على الأقل؛ ولم ينجُ من هذا إلا علي بن الحسين الذي ناصب بلاتر العداء منذ ظهر في أروقة "فيفا"، أما البقية فمنهم من عمل تحت مظلة أحدهما (انفانتينو مع بلاتيني وشامبين وسِكسويل مع بلاتر)، ومنهم من كان تحت مظلة أحدهما ومحسوباً عليه كعلاقة الشيخ سلمان ببلاتر.
حظوظ المرشحين.. في سطور
في الكلمات التالية سنحاول التعرف على حظوظ كل مرشح في الفوز بثقة أكبر عدد من الاتحادات المنتمية للاتحاد الدولي لكرة القدم، واستقراء من منهم سيكون سيد "فيفا" الجديد.
جياني انفانتينو.. البديل الأقرب
ما ينبغي توضيحه أولاً هو أن انفانتينو يُعرف بأنه "المرشح البديل" حيث تم ترشيحه ودعمه من قِبل الاتحاد الأوروبي "يويفا" بعد فشل كل محاولات بلاتيني للترشح؛ فلجأ إليه "يويفا" ليحل محل بلاتيني.
ولكن هذا الأمر لم يَحُل من اعتبار انفانتينو من أبرز المرشحين لخلافة بلاتر؛ بل ربما الأقرب للفوز؛ فما كان سبب كونه بديلاً أعطاه قوة تصويتية والتي تمثلت في دعم الاتحاد الأوروبي (53 صوتاً) له، كما مكنه هذا الدعم من الحصول حتى الآن على دعم أميركا الجنوبية (10 أصوات)، ومنطقة وسط أميركا (7 أصوات)، وبعض الأصوات المتناثرة هنا وهناك.
لكن شبح عمله مع بلاتيني من خلال منصبه كأمين عام للاتحاد الأوروبي لكرة القدم أثار حول نظافة يده وعدم اشتراكه مع بلاتيني الشكوك وعلامات الاستفهام، وبالرغم من عدم وجود ما يشير إلى تورطه في الفضيحة التي عصفت بـبلاتيني وبلاتَر بأي شكل من الأشكال، إلا أن انفانتينو كثيراً ما وجد نفسه مُضطرّاً إلى نفي تَحَكُّم رئيسه في الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بقراراته، مؤكداً على أن مسيرته في الهيئة الأوروبية لكرة القدم دليل على معرفته وإلمامه الجيِّد لما يتطلبه الأمر للتحكُم باللعبة.
بيد أنه على الرغم مما سبق، ومما وُصف به انفانتينو من ثقافة وذكاء وحنكة، وقدرة على التحدث بست لغات بينها العربية، وبالرغم مما قيل عن خبرته الطويلة بحكم عمله في "يويفا"، وعلى الرغم كذلك من وعوده بأنه "ستكون هناك إصلاحات، وسيحصل تغيير في القيادة"، إلا أنه لا يبدو كما يقولون؛ فهذا الرجل المحنك بزعمهم وضع نفسه في موضع قد يؤثر بشدة على فرص نجاحه حين أعلن أنه سيقدم مبلغ 5 ملايين دولار كل أربع 4 لكل اتحاد من اتحادات "فيفا" الـ 209 من أجل تطوير كرة القدم، إضافة إلى 40 مليون دولار لكل اتحاد قاري، هذا الإعلان أعاد إلى الأذهان ممارسات سلفه بلاتر في رشوة الاتحادات لدعمه، واعتبره المتابعون عملية إغراء واضحة لشراء الأصوات، الأمر الذي وضع علامات شك كبيرة في مدى تأثر انفانتينو بمن سبقه بحكم سنوات عمله الطويلة في "يويفا"، وشكك في مدى قدرة الرجل على اختيار الطريقة المناسبة والصحيحة لقيادة "فيفا"؛ فيما اعتبره مراقبون إعلاناً غير موفق وإن لم يفز انفانتينو في الانتخابات سيكون لهذا الإعلان دور كبير في فشله.
كما أن لانفانتينو نقطة ضعف أخرى تتمثل في افتقاره للكاريزما، وهي التي حاول أن يستدركها بعض الشيء من خلال استدعائه لعدد من أنصاره البارزين في كرة القدم مثل جوزيه مورينيو، والنجوم السابقين لويس فيغو، وفابيو كابيلو، وروبرتو كارلوس، لكن هؤلاء لا يمكن الاعتماد عليهم وحدهم للنجاح دون وجود عوامل أخرى.
الشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة.. المستعد جيداً
أجمعت غالبية وسائل الإعلام العالمية على أن الشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة يتصدر سباق انتخابات "فيفا"، وذلك بالنظر إلى حجم التأييد الواسع الذي يحظى به في كل من قارتي آسيا وأفريقيا (100 صوت)، إلى جانب تأييد معظم دول الخليج العربي له بحكم الانتماء والصفات المشتركة، يضاف إلى ذلك قدرته على كسب ثقة العديد من الاتحادات الوطنية في القارات الأخرى.
كما يراهن سلمان في نجاحه على برنامجه الانتخابي القوي والطموح الذي عده المراقبون أفضل البرامج بين المرشحين، وهو ما ترك أصداء إيجابية على ساحة كرة القدم العالمية لما يتضمنه من رؤى وأفكار متميزة تصلح لإعادة هيكلة الإتحاد الدولي وفق أسس سليمة وعلى أرضية صلبة تمهد الطريق أمام تحقيق الإصلاح الحقيقي في مسيرة "فيفا".
يضاف إلى ما سبق خبرة سلمان بن إبراهيم في العمل الرياضي الإداري بوصفه رئيساً لاتحاد الآسيوي لكرة القدم ونجاحه في إعادة الاستقرار والوحدة للكرة الآسيوية بعد أكثر من عامين عاشهما الاتحاد تحت وطأة المشاكل المتعددة التي كادت تعصف بمسيرته.
كما عرف عن الشيخ سلمان أنه منفتح ولا يؤمن بالقاعدة التي تقول: "من ليس معي فهو ضدي"، بل هو قادر على التواصل مع الجميع والتعامل مع الجميع، وهو ما عده البعض في مصلحته، بينما رآه آخرون أنه ليس رجل مواقف.
كما أن شبح علاقته القوية ببلاتر وأنه كان دوماً أحد أذرعه القوية التي يعتمد عليها قد يُضعف فرصه في الفوز.
وبالطبع ما أشرنا إليه آنفاً حول وجود مرشحين عربيين يعتبر عاملاً آخر ليس في صالح سلمان بن إبراهيم في طريقه لكرسي "فيفا".
الأمير علي بن الحسين.. نجم الجماهير المواجِه
إذا كان المتابعون يرون أن اينفانتينو، وسلمان بن إبراهيم، هما الأوفر حظّاً للفوز بمنصب رئيس الاتحاد، فإنه لا يمكن إنكار حظوظ الأمير علي بن الحسين الذي يبرز كمرشح قوي من يوم وقوفه أمام بلاتر مما جعله أول من تصدى لفكرة مكافحة الفساد في "فيفا"، وأول من تجرأ على الوقوف في وجه بلاتر، وقد حصل حينها على 73 صوتاً من أصل 209 في انتخابات مايو/ آيار من العام الماضي، أمام جوزيف بلاتر.
ولا يمكن قياس تأييد الاتحادات القارية لعلي بن الحسين نظراً لأنه انتهج سياسة مخالفة للمرشحين الآخرين؛ بل إنه انتقد هذا النهج قائلاً: "أنا لست المرشح الذي يحاول استخدام اللجان التنفيذية أو الاتحادات القارية لدفع التصويت في اتجاه معين"، وأضاف: "هذا ما يجعلني مختلفاً عن بعض المرشحين الآخرين… عندما يختار المرشحون الآخرون الضغط على المناطق وتقسيم العالم، عندئد أنا أقول أنه شيء سيء"، موضحاً أنه "لا يُسمح لأي أحد باستخدام الاتحاد القاري الذي ينتمي اليه لأغراض انتخابية.. هذا واضح".
وهذا النهج الذي انتهجه الأمير علي هو ما جعل حملته تتبنى شعار "الجماهير تختار الأمير علي رئيساً لـ (لفيفا)".
كما يُعد الأمير علي الأكثر حركة ونشاطاً بين المرشحين الخمسة في محاولة منه لكسب أكبر عدد ممكن من الأصوات.
ولا يختلف أحد على أن وقوف الأمير علي بن الحسين في وجه بلاتر والفساد يعتبر عاملاً إيجابيّاً في معركته للظفر بكرسي "فيفا"؛ لكن هل عدم وجود اتحاد قاري خلفه أمر يصب في صالحه أم ضده؟
الفرنسي جيروم شامبين.. نصير الفقراء
خالف الفرنسي جيروم شامبين المرشحين الآخرين في نقطتين محوريتين:
الأولى: رغبته في إعادة صياغة النظام الحالي للمنح التي يقدمها "فيفا" للاتحادات الوطنية لا على أساس المساواة؛ بل هو يرى أنه لا يجب أن تحصل الاتحادات الغنية على مثل ما تتقاضاه الاتحادات الفقيرة، ويجب منح الاتحادات الفقيرة النصيب الأكبر من الأموال.
الثانية: إعلانه أنه ضد زيادة منتخبات كأس العالم إلى 40 فريقاً.
وفي هاتين النقطتين يستجلب شامبين دعم الاتحادات الفقيرة، بيد أنه يكتسب عداوة الاتحادات الغنية والقوية.
ويمتلك شامبين مزية كونه دبلوماسيّاً ذا خبرة، وهو من تحتاجه سفينة "فيفا" اليوم ليقودها بوعي لتوحيد صفها من جديد لتسير على هدى وسط الأمواج المتلاطمة.
غير أن المرقبين يرون أن شامبين لا يحظى بشهرة واسعة، كما أنه لم يحظ بذلك الدعم الكبير الذي يؤهله للمنافسة بشكل جدي، بل تعدى الأمر ذلك إلى اعتبار المراقبين أن شامبين إنما أراد بترشحه خطف الأنظار بانتقاداته الأخيرة للمرشحين، مع توقعهم أن يعلن انسحابه من السباق خلال الساعات المقبلة، وربما قد يكشف عن متغيرات في المعركة الانتخابية في ذات الوقت.
توكيو سِكسويل.. مناهض العنصرية الرافض للأوروبيين
بنى الجنوب أفريقي توكيو سِكسويل شعار ترشحه الأساسي الذي رفعه لرئاسة "فيفا" على رفض وصول الأوروبيين لرئاسة الفيفا، ومن هذا الشعار انطلق سِكسويل في سباق الترشح.
وإذا كان سِكسويل معتقلاً سياسيّاً سابقاً ورفيقاً للزعيم الأفريقي نيلسون مانديلا خاض معه معارك في مناهضة العنصرية؛ فإنه اليوم يبدو عنصريّاً حين يرفض تولي الأوروبيين لرئاسة "فيفا".
ولأن سِكسويل يعلم صعوبة المهمة التي هو مقدم عليها وربما استحالتها؛ فقد صرح قائلاً: "سأعمل بكل ما أستطيع من أجل أن يكون الرئيس من أفريقيا أو من آسيا.. يجب ألا نستبدل السويسري بسويسري آخر".
كما يعد برنامج المرشح الجنوب أفريقي توكيو سِكسويل الأضعف بين نظرائه، والذي اكتفى فيه بإبداء برغبته في زيادة مقاعد أفريقيا في كأس العالم، وزيادة إيرادات الاتحادات الوطنية من اتفاقات الرعاية على قمصان المنتخبات الوطنية، واعداً باعتماد شفافية مالية مطلقة في حال انتخابه.
وبالرغم من معاناته من نقص الدعم داخل عالم كرة القدم؛ فإن عدداً من المراقبين اعتبره الشخص المحايد المنتظر الذي قد يكون في جعبته الحل؛ خصوصاً في هذه المرحلة التي اهتزت نزاهة "فيفا" وشفافيتها لدرجة قد تكون ألغتها تماماً، ومن أفضل من رجل اتسم بنظافة اليد وحارب من أجل العدالة؟
الاتحادات القارية جعلت جياني انفانتينو المرشح الأول، والتقارير الإعلامية وضعت من الشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة في الصدارة، ومواجهة بلاتر ودعم الجماهير قدمت الأمير علي بن الحسين على غيره، وخبرة جيروم شامبين كدبلوماسي قد تكون طريقه لقيادة الركب، والتاريخ النضالي للمحارب توكيو سِكسويل ربما يكون الخيار الأمثل لمحاربة الفساد.
أعلى سلطة لكرة القادم على أبواب استحقاق كبير وخطِر.. ويا ترى: سيد "فيفا" الجديد".. من يكون؟