عميقاً في غابات الأمازون، تعيش قبيلةٌ مهددة بالانقراض ترتحل عبر غابات شرقي البرازيل حاملةً كل ما تملكه: أطفالها، أسلحتها وحيواناتها الأليفة.
القبيلة بدأت تتعرض للانقراض بسبب المستعمرين الذين اتخذوا أفراد القبيلة عبيداً وبسبب مربي الماشية الذين سرقوا الأرض التي تحتاجها القبيلة لبقائها.
ومع ذلك، يعيشون في تناغم تامٍ مع موطنهم في الغابة. تتبنى معظم عائلات قبيلة "آوا" العديد من الحيوانات البرية كحيوانات داجنة، والمثير للاستغراب حقاً هو أن نساء العائلة يرضعن هذه الحيوانات حتى يكتمل نموها.
صحيفة دايلي ميل البريطانية ذكرت أن هذه القبيلة على وشك الانقراض النهائي، إذ أن بقاءها يعتمد على الابتعاد عن العالم المتمدن.
نتيجة لذلك، التقت قلة من الناس قبيلة "آوا"، وكان المصور الفوتوغرافي دومينيكو بوغلييس صورا عديدة من رحلته، أحد أولئك المحظوظين بما يكفي لقضاء بعض الوقت مع القبيلة المميزة، بل وأن يصبح مصدراً لتسليتهم.
التقى بوغلييس قبيلةَ "آوا" لأول مرة في عام 2009 بعد أن اقترح عليه أحد أصدقائه الصحفيين أن يرافقه بصحبة عالم مختص بالأعراق في رحلة تستغرق يومين أسفل نهر الأمازون، حيث توجد منطقة غير محمية من الغابة المطرية التي تسميها القبيلة "الوطن".
يتذكر بوغلييس قائلاً: "سمعوا صوت محرك القارب فأتوا إلى ضفة النهر. كان تأثير رؤيتهم هو الشعور بأني في عالم آخر، كان الإحساس عصياً على التفسير".
ما ظنه أفراد القبيلة بهذا الوافد الغريب الذي وصل للتو إلى عالمهم لم يكن واضحاً في البداية، لكنهم سرعان ما وجدوا شيئاً يضحكون عليه.
يقول بوغلييس "لم يفهموا كيف يمكن لشخص بالغ مثلي أن يكون أعزب، بدون عائلة. نظروا إلي وحاولوا أن يعطوني نصيحة. هم لا يعرفون من أين أتيت، وليس لديهم مفهومٌ معين لما نسميه العالم. لا أستطيع أن أشرح لهم من أين أتيت، لا أستطيع أن أشرح نمط حياتي لهم. بالنسبة لهم من المستحيل تصديق أن يكون الرجل بلا عائلة".
العائلة مهمة جداً لقبيلة "آوا"، وهي ليست محصورةً بالبشر. حيواناتهم الأليفة التي تساعدهم في تدبر أمور حياتهم اليومية، مثل تكسير البندق أو جمع الفاكهة من الأشجار العالية، وحتى حمايتهم أثناء نومهم، هي أفرادٌ من العائلة، مثلهم في ذلك مثل أطفال العائلة تماماً.
تربي العائلة الخنازير، السناجب، الببغاوات والقوارض الكبيرة، لكن دواجنها المفضلة هي القردة.
الحيوانات التي تنتمي إلى فصيلة الرئيسيات تشكل مصدراً للغذاء بالنسبة للقبيلة، لكن حين يُجلب إحداها إلى العائلة ويرضع من صدر إحدى نسائها، يصبح محرماً عليهم أكلها. حتى لو عادت إلى الغابة، سيعرفونها على أنها "Hanima"، أي جزءٌ من العائلة.
يقول بوغلييس: "إنهم يطعمون السناجب والقردة مثلما يطعمون أطفالهم، بالرضاعة من صدر المرأة مباشرة. يشير هذا إلى المسافة التي قطعناها لنصبح ما نحن عليه الآن. إنهم قريبون جداً من الطبيعة. في الحقيقة، إنهم ليسوا فقط قريبين من الطبيعة، إنهم جزء منها".
لكن هذا الانسجام تعرض لمخاطر تجعله قابلاً للزوال للأبد. من بين عشرات الآلاف من السكان الأصليين الذين كانوا يسكنون في مناطق على طول ولاية "مارانهاو" قبل أن يصل المستوطنون البرتغاليون قبل 500 سنة، بقي حوالي 400 شخص اليوم. حوالي ستين منهم، لم يتصلوا مع العالم الخارجي أبداً.
مات كلهم تقريباً بسبب الأمراض التي جلبها المستعمرون معهم، أما أولئك الذين نجوا من الموت، فقد تم استعبادهم ليعملوا في مزارع المطاط والسكَّر.
وفي عام 1853، بعد قرون من الاضطهاد، ثارت قبائل مارانهاو على حكامها الأوروبيين في ثورة استمرت خمس سنوات وانتهت بإبادة حوالي 100 ألف شخص منهم.