تعرَّضت عارضة أزياء روسية لمضايقات على الإنترنت؛ بعد نشرها صورة "سيلفي" لها وهي تمطُّ شفتيها أمام نارٍ مشتعلةٍ في برشلونة المحترقة، كما لو كانت تشارك في جلسة تصوير مبهرجة.
وفق ما أوردته صحيفة The Sun البريطانية، الجمعة 18 أكتوبر/تشرين الأول 2019، اتَّهم سكَّان كاتالونيا الغاضبون إلينا ريبالتشينكو، التي تملك أكثر من 700 ألف متابع على Instagram بحسابها المسمَّى Fitness Mama، بالسخرية من الكفاح الكاتالوني من أجل الاستقلال.
عارضة أزياء روسية تثير غضب المحتجين في برشلونة
وأثارت العارضة الأمُّ لثلاثة أبناءٍ، عاصفةً من الاحتجاجات بارتدائها سروال جينز قصيراً وقميصاً طويل الكمَّين في أثناء التقاط صورتها إلى جانب متاريس ساقطة على الأرض بفعل نار متوهِّجة من علب النفايات ولافتات الطرق.
إلينا، التي تقضي حالياً مع زوجها ستانيسلاف إيرون إجازةً في العاصمة الكاتالونية الزاخرة بالعنف، عنوَنت صورتها بـ "برشلونة تحترق" إلى جانب أيقونات ألسنة لهب.
وأضافت: "من أمامي، ومن خلفي، وعن شمالي وعن يميني، وفي كل مكان هناك انفجارات ومروحيات وأصوات سارينات، إنه كفيلم هوليوودي".
وذيَّلت عنوانها كذلك بسلسلة من الأوسام عن كفاح برشلونة السياسي المستمر، منها #barcelonariots و#independenciacatalunya
وأجابت لورا سيري على إلينا حانقةً بقولها: "أشعر بأنك تسخرين من كفاح مجتمع. ينبغي أن تشعري بالخزي من نفسك، لنشر تلك الصور كما لو كنتِ أمام موقع سياحي. تمثِّل النار كفاح الكَتَلان. ليست شيئاً لتنشريه كما لو كان أمراً شائعاً غبياً".
وأضاف أليساندرو أروستيغي: "كيف بحق الجحيم تملكين الجرأة لنشر هذه الصورة في ظل ما يحدث في كاتالونيا! أتودين أن يفعل الناس الأمر ذاته في بلدك؟ يا لها من فضيحة لعينة!".
في حين أعرب مواطن محلي آخر عن سخطه قائلاً: "من المذهل رؤيتك تستغلين ما يحدث لالتقاط صورٍ في لحظةٍ عصيبةٍ كهذه، مليئة بالمعاناة والكفاح".
وسألتها طالبة الدراما الكاتالونية ألبا كويادو: "هل أنت غبية؟ الناس يفقدون أعينهم وأنت تلتقطين صوراً لثورة جماهيرية؟".
في حين قال لها مستخدم آخر بشبكة التواصل الاجتماعي: "إنه تمرد، لا جلسة تصوير، عودي إلى بلدك لالتقاط الصور".
وهو ما جعلها تتفاعل معهم وتردُّ على الانتقادات
وردَّت إلينا في الحرب الكلامية بإخبار المنتقدين بأنها تكنُّ "احتراماً كبيراً" للمدينة.
وأصرَّت أمس قائلةً: "أحب برشلونة. لهذا آتي إلى هنا بصفة دورية وأعرض كثيراً من أماكنها الجميلة. أكنُّ احتراماً كبيراً للمدينة ومواطنيها. أرجوكم أن تفهموا أن هذه الصورة لم تكن جلسة تصوير أو شيئاً مسيئاً، إنما كانت جزءاً من حياتي الحقيقية".
وتابعت: "كنت أتحدث إلى المقنَّعين الذين أضرموا هذه النار، وكانوا مهذَّبين معنا ومسرورين بأنِّي وآخرين نلتقط صوراً مع تلك النار".
وتأتي تعليقات إلينا بعد أيامٍ من إصابة 53 شخصاً على الأقل، مع اجتياح آلاف المحتجِّين المناصرين لاستقلال كاتالونيا مطار برشلونة.
وأطلقت شرطة مكافحة أعمال الشغب رصاصاً مطاطياً وغازاً مسيلاً للدموع على الجماهير الغاضبة الملقية بالحجارة، في حين أُلغِيت أكثر من 100 رحلةٍ جويةٍ ليلة الإثنين الماضي 14 أكتوبر/تشرين الأول.
وتصاحب أعمالَ العنف إدانةُ المحكمة العليا الإسبانية 12 من قياديي حركة الانفصال بالترويج لاستقلال كاتالونيا بطريقة غير شرعية.
سجن قياديِّين كاتالان يُشعل الإقليم الذي يطالب بالانفصال
وحُكم على تسعةٍ من قياديي الاستقلال الـ12 بالسجن فتراتٍ تتراوح بين تسع سنوات و13 سنةً، وهو ما أحدث هياجاً عاماً بين سكَّان الإقليم الثري المعادي لمدريد. علاوةً على إدانة أربعةٍ منهم بسوء استخدام المال العام.
أما الثلاثة الآخرون فغُرِّموا بتهمة العصيان، في حين حرمتهم المحكمة جميعاً من تولِّي أية مناصب عامة. وبُرِّئ القياديون الـ12 من تهمة التمرُّد الأكثر جديةً، والتي تستلزم استعمال العنف.
وقد وُجِّهت الاتهامات من مدَّعين عموميين ومحامين إلى حزب Vox الإسباني اليميني المتطرف.
وجاء هذا بعد عامين من محاولة قياديِّي الاستقلال الكاتالوني الفاشلة عام 2017 إعلان الانفصال عن إسبانيا.
وعقدت الحكومة الكاتالونية استفتاءً للاستقلال يوم 1 أكتوبر/تشرين الأول 2017، رغم تحريم المحكمة العليا بالدولة عملية التصويت.
وقد انتصر الجانب المؤيِّد للاستقلال، لكن لأنها كانت عملية اقتراع غير شرعية، لم يشارك فيها معظم المصوِّتين واعتُبر عدد الأصوات ذا قيمة مشبوهة.
ولكن بعد مرور ثلاثة أسابيع، أعلن البرلمان الكاتالوني الاستقلال من طرفٍ واحدٍ؛ وهو ما أسفر عن أسوأ أزمة سياسية في إسبانيا منذ عقود. وتدخَّلت الحكومة الإسبانية وعزلت الحكومة الإقليمية الكاتالونية، ثم وجَّه المدَّعون تهماً إليهم في وقت لاحق.