عدم انتظام الدورة الشهرية لا يعني فقط صعوبة عدم توقع الأعراض المصاحبة لها؛ فترقّب مجيئها، وحساب الأيام مراراً وتكراراً، جميعها عوامل من شأنها أن تؤثر على صحة المرأة النفسية وتسبب لها ضغطاً هائلاً.
ما سبب عدم انتظام الدورة الشهرية؟ كيف أعرف أن الدورة الشهرية غير منتظمة؟ وهل عدم انتظام الدورة الشهرية يمنع الحمل؟ الأسئلة كثيرة فيما خصّ عدم انتظام الدورة الشهرية وأسبابه. لكن أولاً:
كيف أعرف أن الدورة الشهرية غير منتظمة؟
سواء كنتِ تستخدمين أحد تطبيقات تتبع الدورة الشهرية، أو تلجئين إلى تسجيل موعدها على هاتفك أو دفتر ملاحظاتك الصغير، فإن مراقبة دورتك الشهرية هي من دون شكّ فكرة ذكية.
لن تعرفي أن الدورة الشهرية غير منتظمة لو أنكِ لا تسجّلين موعد قدومها، ومن المهم ألا تهلعي لو لاحظتِ أن موعدها يختلف من شهرٍ إلى آخر، لأن اليوم ليس مهماً بقدر الإطار الزمني.
وفقط حين لا تأتي في إطارها الزمني، يمكنك الحديث عن عدم انتظام الدورة الشهرية. ما الذي يعنيه ذلك؟
الأمر بسيط: حين يأتي الحيض في اليوم الـ21 من الدورة الشهرية، ثم في الشهر التالي يبدأ في اليوم الـ28، لا يعني ذلك عدم انتظام الدورة الشهرية. كيف ذلك، وما هو القدر الطبيعي من "عدم الانتظام"؟
ما يعنيه انتظام الدورة الشهرية لصديقتك قد يختلف عمّا يعنيه بالنسبة إليكِ. فصحيح أن النساء في سنّ الحيض عادةً ما تأتيهن الدورة الشهرية مرة واحدة كل 28 يوماً، لكن هناك أخريات لا يحدث لهن هذا بمعدلٍ دقيق، وتكون دورتهن الشهرية أقل قابلية للتنبؤ.
في حديثٍ إلى Huffpost، تقول الدكتورة إيرينا إيليتش، وهي المستشارة الطبية في تطبيق Flo المختص بصحة المرأة ودورتها الشهرية: "النطاق الطبيعي للدورة الشهرية يتراوح من 21 إلى 35 يوماً".
وتضيف: "إذا كانت مدة دورتك أقلّ أو أكثر من ذلك بشكلٍ مستمر، أي أن موعد الدورة الشهرية يأتي خلال فترة أقلّ من 21 يوماً أو أكثر من 35 يوماً، فهذا يعني أنها غير منتظمة بالفعل".
ومع ذلك، فإن الوقت بين كل دورة وأخرى ليس المؤشر الوحيد لعدم انتظام الدورة الشهرية. فعليكِ ألا تغضّي النظر عن كل العلامات التالية، مثل:
- استمرار الحيض لفترة أطول من 7 أيام أو أقصر من يومين.
- اختلاف في عدد أيام الحيض بين شهرٍ وآخر.
- آلام ملحوظة تصاحب فترة الحيض.
- غزارة الحيض أو عدمه.
وقد تؤدي الدورات الشهرية غير المنتظمة إلى صعوبة تتبع الإباضة من أجل تحديد النسل أو تنظيم الأسرة.
ما سبب عدم انتظام الدورة الشهرية؟
من المهم أن تدركي عزيزتي القارئة أن الدورة الشهرية يمكن أن تخضع لتقلبات طوال حياتك، وقد لا يعني ذلك بالضرورة أنكِ تعانين من أزمةٍ صحية. فتقلبات الوزن، والإجهاد البدني، إضافةً إلى الضغط النفسي؛ جميعها عوامل يمكنها أن تساهم في هذه التقلبات.
لكن إن كنتِ تبحثين عن أجوبة علمية عن سؤال "ما سبب عدم انتظام الدورة الشهرية؟"، فإليك أكثر الأسباب شيوعاً:
1- مشاكل واضطرابات الغدة الدرقية
أحد أسباب عدم انتظام الدورة الشهرية هو اضطرابات ومشاكل الغدة الدرقية المتنوعة. ووفقاً لموقع Cleveland Clinic الطبي، فقصور الغدة الدرقية أو فرط نشاطها يؤثران على هرموناتك. وهذا يسبب عدم انتظام دورتك الشهرية.
فالغدة الدرقية مسؤولة عن إنتاج العديد من الهرمونات الهامة لعمليات الأيض، والتي قد تؤثر كذلك على توازن الهرمونات الجنسية المختلفة في الجسم. ومن أعراض اضطرابات الغدة الدرقية: التعب، الإسهال، تغير الوزن، والشعور بالحرارة أو البرودة معظم الوقت.
2- مشاكل وأمراض الجهاز التناسلي
بعض الأمراض والاضطرابات التي تصيب الجهاز التناسلي الأنثوي من شأنها أن تؤدي إلى عدم انتظام الدورة الشهرية، وهذه أهم الحالات التي تؤثر بشكلٍ مباشر على عدم انتظام الدورة الشهرية:
- سرطانات الرحم وبطانته.
- متلازمة تكيّس المبايض.
- بطانة الرحم المهاجرة.
- ألياف الرحم.
وقد يرافق جميع تلك الحالات غياب تام للدورة الشهرية، أو غزارتها بشكلٍ مقلق، أو حضورها لأيامٍ أطول من المعتاد، مع آلامٍ شديدة. ويُمكن لسرطان الرحم أن يسبب نزيفاً أثناء الجماع أو بعده.
3- الحمل والرضاعة
إذا شعرتِ أن دورتك تأخرت بشكلٍ غير طبيعي، ولم يسبق لذلك أن حدث من قَبل، أو في حال لاحظتِ وجود نقط دماءٍ خفيفة؛ فهذه جميعها قد تكون من الأعراض المبكرة للحمل.
وبعد الولادة، فإن عدم انتظام الدورة الشهرية طبيعي. ففترة الرضاعة عادةً ما تشهد غياباً أو عدم انتظامٍ في الدورة الشهرية، بسبب هرمون البرولاكتين (هرمون الحليب) الذي يعمل على تثبيط إنتاج الهرمونات الأنثوية، المسؤولة عن الدورة الشهرية والتبويض.
كذلك، من المهم الإشارة إلى أن الاقتراب من مرحلة انقطاع الطمث قد يؤدي إلى عدم انتظام الدورة الشهرية، إلى جانب التوتر والضغط النفسي، والعوامل التالية:
- مرض السكري وعدم الحصول على رعاية صحية.
- السلائل الرحمية أو سمك بطانة الرحم.
- عدم توازن مستمر في الهرمونات.
- الفشل المبكر للمبايض.
- فرط برولاكتين الدم.
هل عدم انتظام الدورة الشهرية يمنع الحمل؟
إن كانت الدورة الشهرية غير منتظمة، فقد يعني ذلك عدم انتظام الإباضة أيضاً، أو غيابها التام.. ما يعني حُكماً أنكِ قد تواجهين صعوبة في الحمل، أو لنقل إن فرص الحمل تقلّ، لأنه سيصعب عليك تحديد مواعيد الإباضة.
في الحالات الطبيعية، تتكرر الدورة الشهرية عند المرأة من 11 إلى 13 مرة سنوياً، وهذا يعني أن كل امرأة لديها ما بين 11 و13 فرصة للحمل كل عام. لكن في حالة عدم انتظام الدورة الشهرية، فغالباً ما تكون الفرص أقل بكثير.
وفقاً لموقع Very Well Family، فإن النساء اللواتي لديهن دورات منتظمة كنّ أكثر عرضة للحمل بـ4 مرات من اللواتي لا يملكن دورة شهرية منتظمة. لكن، وللإجابة عن سؤال "هل عدم انتظام الدورة الشهرية يمنع الحمل"، فالإجابة الأولى هي:
فرص الحمل ستقلّ بالتأكيد، لكن هذا لا يعني فقدان الأمل نهائياً، لأن الحمل ما زال ممكناً. ويمكنكِ زيادة فرص الحمل عن طريق حساب الإباضة، ولو كانت دورتك غير منتظمة، من خلال:
- فحص درجة حرارة الجسم.
- مراقبة الإفرازات المهبلية.
- فحص مستوى الهرمونات.
ويمكن زيادة فرص الحمل مع عدم انتظام الدورة الشهرية عن طريق الإكثار من ممارسة العلاقة الحميمة، في الفترة ما بين انتهاء الدورة ومجيء الدورة التي تليها، ما يعزز من فرص حدوث الحمل إذا ما صودف يوم الممارسة مع فترة التبويض.
الدورة الشهرية غير منتظمة، ماذا أفعل؟
الإجابة الواضحة والبسيطة، هي: تواصلي مع طبيبك. لن يتمكن أحد من تقديم الإجابات والنصح والتوجيه أكثر من الطبيب المختص، ولا تتأخري في ذلك. اتبعي هذا الخيار بمجرد ملاحظة أي من علامات عدم انتظام الدورة الشهرية المذكورة أعلاه.
أما بالنسبة إلى العلاج، فهو يعتمد على عوامل مختلفة، ولا يوجد طريقة علاج واحدة تناسب الجميع. تحديد الأعراض والأسباب خطوة أساسية، تترافق مع عمر المرأة وخططها الإنجابية، وجميعها عوامل تحدد طريقة العلاج المناسبة مع الطبيب.
على سبيل المثال، قد يشمل علاج تكيس المبايض تحديد النسل، في حين أن التعامل مع اضطرابات الغدة الدرقية يمكن أن يستدعي استخدام حاصرات مستقبلات بيتا. ومع ذلك، فهذا ليس سوى جزء بسيط من خطة العلاج. ولهذا من المهم التحدث مع طبيبك.
يؤكد فريق “عربي بوست” على أهمّية مراجعة الطبيب أو المستشفى فيما يتعلّق بتناول أي عقاقير أو أدوية أو مُكمِّلات غذائية أو فيتامينات، أو بعض أنواع الأطعمة في حال كنت تعاني من حالة صحية خاصة.
إذ إنّ الاختلافات الجسدية والصحيّة بين الأشخاص عامل حاسم في التشخيصات الطبية، كما أن الدراسات المُعتَمَدَة في التقارير تركز أحياناً على جوانب معينة من الأعراض وطرق علاجها، دون الأخذ في الاعتبار بقية الجوانب والعوامل، وقد أُجريت الدراسات في ظروف معملية صارمة لا تراعي أحياناً كثيراً من الاختلافات، لذلك ننصح دائماً بالمراجعة الدقيقة من الطبيب المختص.