في يوم المرأة العالمي.. تحية إجلال وإكبار إلى كل “خنساء” في فلسطين

عربي بوست
تم النشر: 2023/03/07 الساعة 08:48 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/03/07 الساعة 08:48 بتوقيت غرينتش
قوات الاحتلال تواصل الاعتداء على الفلسطينيين /رويترز

في محطة جديدة في مسيرة الشعب الفلسطيني النضالية الممتدة على مدار أكثر من 100 عام، ظهرت ظاهرة "خنساوات فلسطين"، التي أرست قواعدها المجاهدة العظيمة الشهيدة  مريم محمد فرحات (أم نضال فرحات)، النموذج الأبرز لجهاد الأم الفلسطينية المسلمة التي ما تركت التضحية لأن تكون خيالات وشعارات، بل استطاعت أن تجعلها واقعاً يعيشه كل المراقبين لسيرة حياتها المجيدة.

هذه الأم الفلسطينية المجاهدة التي دفعت ولدها في ظلمات الليل لتجعل من جسده شعلة مضيئة على طريق تحرير فلسطين، وهي التي أوت في بيتها ذات مرة القائد المجاهد الشهيد عماد عقل، والتي كانت تستشعر أمومتها لكل مجاهد، فلم تؤثر الصمت، وظهرت في شريط الفيديو وهي تودّع ابنها المجاهد، وهي تعلم أنه لن يعود إليها.

لقد أسست هذه المرأة العظيمة مدرسة بأكملها، بإيمانها وبتواضعها وبصبرها وبثباتها  ورباطة جأشها، إنها حجة على الأمة جميعها، وقفت شامخة بكل تواضع تدعو إلى الجهاد، تدعو الأمهات وتدعو شعب فلسطين وتدعو المسلمين جميعاً.

في المسيرة النضالية للمرأة الفلسطينية خطت على نفس الطريق أم مجاهدة، أعادت لشعبنا الفلسطيني كبرياءه وكرامته، إنها المجاهدة البطلة "أم عامر أبو عيشة"، والدة المجاهد البطل عامر "عمر أبو عيشة"، الذي تتهمه قوات العدو الصهيوني مع المجاهد البطل مروان سعدي القواسمة بالمسؤولية عن خطف وقتل الجنود الصهاينة الثلاثة.

ذاقت "خنساء الخليل"، الأم المجاهدة "أم عامر أبو عيشة"، مرارة وألم استشهاد ابنها المجاهد البطل "زيد عمر أبو عيشة" يوم الجمعة، 2005/11/18م، والذي استشهد  خلال محاولته اقتحام مستوطنة في مدينة الخليل، ثم هدم العدو بيتها، ثم استشهد ابنها الثاني المجاهد عامر ورفيق دربه المجاهد سعدي القواسمة في 2014/9/23م.

تقول الأم المجاهدة "أم عامر أبو عيشة": "لن يفاجئني شيء، أعيش منذ 25 عاماً في مقاومة مستمرة، الاحتلال أوجع قلبي حين قتل ابني زيد، وقبلها شردني وأطفالي عندما هدم منزلي واعتقل زوجي، لا يوجد وجع لم يجرّعني إياه الاحتلال من قبل لأخشاه اليوم".

في الانتفاضة الثالثة "انتفاضة الأقصى" والتي يطلق عليها "ثورة السكاكين"، والتي دشنها المجاهد الشهيد مهند شفيق الحلبي في 2015/10/3م ضد جنود الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه، سواء بالدهس أو بعمليات الطعن البطولية، أو من خلال إطلاق النار، أنبتت الأرض الفلسطينية خنساوات كالجبال، رسمن لوحات من الصمود الفلسطيني العظيم، وكان شعارهن "إن التحدي والصبر يقودان للنصر".

"أم مهند الحلبي وأم عاصف البرغوثي وأم باسل الأعرج"، وعشرات الخنساوات اللواتي تحكي كل واحدة منهن حكايات وملاحم بطولة وتضحيات وإباء لا مثيل لها في تاريخ المرأة.

في الانتفاضة الرابعة "انتفاضة الاشتباك من نقطة الصفر"، ظهرت الأم الفلسطينية وهي تحث ابنها على الصمود في قتاله جنود الاحتلال قبل لحظات من استشهاده. 

"أم إبراهيم النابلسي، وأم محمد الدخيل، وأم محمد العزيزي، وأم عبد الرحمن صبح، وأم تامر الكيلاني، وأم وديع الحوح،  وأم عدي التميمي، وأم محمد جنيدي، وأم حسام أسليم، وعشرات الخنساوات على امتداد الوطن اللاتي أثبتن أن دماء الشهداء ستبقى بوصلة شعبنا، وشعلة لهيب ثورته، ووقوداً لاستمرار مسيرة المقاومة.

إن ظاهرة خنساوات انتفاضة الأقصى، وخنساوات الاشتباك من نقطة الصفر ليست حالات معزولة فردية أو فريدة، عشرات الخنساوات الفلسطينيات اللواتي تحكي كل واحدة منهن حكايات وملاحم بطولية وتضحيات لا مثيل لها في تاريخ المرأة.

"فأم نضال فرحات، وأم عامر أبو عيشة وأم نبيل حلس، وأم أحمد العابد،  وأم رضوان الشيخ خليل، وأم نافذ شهوان، وأم إبراهيم الدحدوح، وأم خالد الزهار، وأم جهاد دوفش، وأم جمال نصار، وأم ثائر الكسبة، وأم مهيوب أبو ليل، وأم بكر سعيد بلال، وأم ناصر حميد، وأم عناد البرغوثي، والمئات غيرهن من خنساوات فلسطين يشكلن اليوم ثورة حقيقية على واقع الهزيمة والجبن والضعف والتردد.

إن شريط الذكريات توقف ليتحول إلى حقيقة حين نقف أمام التضحيات الجسام التي تقدمها الأم الفلسطينية المؤمنة، التي تتقبل استشهاد فلذة كبدها بالزغاريد، وتحمد الله وتشكره على هذه النعمة التي أنعم عليها الله بها.

إن هؤلاء النسوة من المجاهدات الفضليات يشكلن مدرسة عظيمة لها ما بعدها، فعطاؤهن المتميز يشكل منعطفاً تاريخياً في حياة الأمة بأسرها، ونقلة نوعية في مفردات العمل الوطني. 

لذا نحن اليوم أمام مرحلة جديدة لا تعرف التراجع، ولو كان الثمن مهجة القلب وفلذة الكبد، فهؤلاء المجاهدات قدّمن أغلى ما يملكن لأجل فلسطين".

ففي فلسطين.. وفلسطين فقط، تحمل الأم ابنها مرتين، مرة في بطنها جنيناً، وأخرى على رأسها شهيدأ، لقد أكدت "خنساوات فلسطين" مقولة الشهيد القائد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي: "إن للوطن نساء يعرفن صناعة الرجال، ورجالاً يعرفون صناعة الموت"، لذلك ففي اليوم العالمي للمرأة نوجّه تحية تقدير وإجلال وإكبار لخنساوات وشهيدات فلسطين.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

عادل أبو هاشم
كاتب وصحفي فلسطيني
كاتب وصحفي فلسطيني
تحميل المزيد