دخل الجزائر مع الأندلسيات وانتشر في عهد العثمانيين وكان رمزاً لمقاومة الفرنسيين.. الحايك اللباس النسائي الأشهر بالجزائر

تم النشر: 2022/08/30 الساعة 10:06 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/08/30 الساعة 10:06 بتوقيت غرينتش
إمرأة جزائرية ترتدي الحايك في وسط مظاهرة جزائرية / Getty Images

يُعبّر اللباس عن عدة رمزيات تختص بها المجتمعات، فإذا كان اللباس النسائي الشائع في منطقة الشرق الأوسط هو النقاب والحجاب، فإنّ لباس الحايك يعدّ أحد أبرز الألبسة النسائية  التي تختص بها نساء الجزائر ويلبسنه في الأفراح والأتراح. 

والحايك هو قطعة من القماش ترتديه المرأة لتستر رأسها ووجهها وسائر جسدها،  رافق هذا الزيّ النسائي محطات هامة من تاريخ الجزائر، ولا يزال يقاوم التطور الذي تشهده الأزياء النسائية، وصار رمزاً للمجتمعات المحافظة في البلاد. 

الحايك دخل للجزائر مع الهجرة الأندلسية، وأسهم العثمانيون في  نشره بين الجزائريات

بسقوط غرناطة سنة 1492م، حمل الأندلسيون ثقافتهم وتقاليدهم إلى جانب أرواحهم، وهربوا بها إلى السواحل الجنوبية للضفة المتوسطية، وكانت الجزائر وجهة الآلاف منهم. 

ومع مطلع القرن السادس عشر بلغت الهجرة الأندلسية إلى الجزائر أوجها.

الحايك
دخل الحايك إلى الجزائر في القرن 16 / ويكيبيديا

من بين الأزياء التقليدية التي  هاجرت مع النساء الأندلسيات لباس  الحايك، الذي دخل الجزائر مع دخول الأندلسيات إلى البلاد مطلع القرن السادس عشر، ومنذ ذلك الوقت صار الحايك لباساً للجزائريات، يلبسنه أثناء  تنقلاتهن لقضاء مصالحهن.

ومن شدة انتشار الحايك بالجزائر العثمانية، صارت الجزائر تسمى في العهد العثماني بالبيضاء: كناية عن حجم انتشار لباس الحايك بين الجزائريات. 

تحوّل الحايك إلى السواد حداداً على وفاة أحد الحكام العثمانيين للجزائر 

إذا كان بياض الحايك قد أعطى تسمية الجزائر البيضاء لعاصمة العثمانيين الجزائر، فإنّ مدينة قسنطينة  لها تاريخ آخر مع الحايك، فقد كان حاكم  قسنطينة "صالح باي"  أواخر القرن الثامن عشر، أحد أكثر البايات العثمانيين الذين شجعوا لبس الحايك بين نساء قسنطينة والشرق الجزائري.

وعند وفاته سنة 1792، وتعبيراً عن حزن نساء قسنطينة على وفاة أحد أبرز حكامها، أقامت نساء الجزائر حداداً على وفاة صالح باي بطريقتهن الخاصة. 

الحايك
الحايك تحوّل إلى السواد حداداً على وفاة باي قسنطينة سنة 1792 / مواقع التواصل

خرجت نساء قسنطينة خلال ذلك اليوم بالحايك الأسود حداداً على رحيل باي قسنطينة، ومنذ ذلك الوقت صار يطلق على الحايك باللون الأسود الحايك القسنطيني، والذي لم تخلعه نساء قسنطينة منذ ذلك الوقت. 

ساهم الحايك في  تحرير الجزائر من الاحتلال وكان رمزاً لمعركة الجزائر 

وخلال حقبة احتلال فرنسا للجزائر التي  امتدت 132 سنة، ارتبط الحايك بذاكرة الجزائر، وقد رافق المرأة الجزائرية خلال ثورة التحرير. وكان وسيلة لتهريب بعض الأسلحة من قبل جنود ثورة التحرير، فضلاً عن كونه رمزاً من رموز القصبة العتيقة. 

الحايك
نسوة جزائريات ترتدين الحايك بالقصبة الجزائرية/ Getty Images

استعمل الحايك كثيراً في عمليات ضد القوات الفرنسية، خصوصاً أثناء  معركة الجزائر التي  اندلعت سنة 1957م، حينها تعددت وظائف الحايك، ما بين حمله للمتفجرات من طرف الجزائريات لاستهداف الأحياء الأوروبية، وتنكر الثوار الجزائريين به لكسر الحصار المفروض  على مدينة الجزائر خلال المعركة. 

أبرز الثائرات الجزائريات اللاتي ارتبطت تضحياتهن الثورية بالحايك نجد كلاً من الشهيدة  حسيبة بن بوعلي،  والمناضلتين زهرة ظريف بيطاط وجميلة بوحيرد اللواتي  استعملن الحايك كثيراً في عملياتهن ضد شرطة الاحتلال الفرنسي.

أسماء وأنواع عديدة للحايك 

تختلف تسمية الحايك في الجزائر من منطقة إلى أخرى، ففي وسط وشرق الجزائر نجده باسمه الأصلي الحايك، أما في مناطق الغرب، يسمى "الكساء"، وفي بعض المناطق الجزائرية يسمى "السفساري"، وبالجنوب يسمى "الملحفة". 

وكما تختلف تسميات الحايك بين المناطق، فإن أنواعه أيضاً مختلفة حسب كل منطقة، فنجد نوع حايك المرمة وهو من أجود أنواع الحايك، حيث كان ارتداؤه يقتصر على النساء اللواتي  يمتلكن المال والجاه، تجده منسوجاً من الحرير الخالص، ويتميّز بلون شديد البياض.

أمّا في الشرق، فتجد نوع الحايك السفساري الذي ترتديه نساء المدن، وتجده مصنوعاً من الحرير أو القطن، ويكون على عدة ألوان كالأبيض والأصفر.

أمّا نساء الغرب الجزائري، فيلبسن الحايك العَشْعَاشي الذي يتميّز بلونه الأبيض ويتخلله اللون الأصفر.

وحتى اللحظة، لا يزال هذا اللباس التقليدي تلبسه العروس الجزائرية عند خروجها من بيت أهلها إلى بيت زوجها، أمّا سعره فيتراوح ما بين 50  إلى 100 دولار أمريكي.

تحميل المزيد