فلنكن صادقين مع أنفسنا؛ نخطئ أحياناً في حق أطفالنا، فنحن بشر أولاً وآخراً، ولكن ما هو أسوأ من الخطأ بحقهم هو عدم معرفة الطريق الصحيحة لإصلاح الأمر.
هذه الحقيقة نادراً ما يُعترف بها علانية، ولكن قد يجرح الأبوان مشاعر أبنائهم؛ فلا أحد مثالياً.
وفي مسيرة فهم الحياة وتدريب النفس على التربية السليمة، علينا أن نختار أفضل السبل التي تتيح لأبنائنا النمو والتقدّم.
ولكن هذه النية قد يغلب عليها مزاج يوم عصيب في العمل، فترى الوالدين أو د أحدهما يسارع إلى الصراخ بشأن فوضى الدمى المتناثرة والألعاب، التي يجب أن يلعب الأطفال بها كل يوم.
فماذا تفعل عندما يؤنبك ضميرك بشأن نبرة صوتك أو كلمة خرجت من فمك دون تفكير؟
الاعتذار للأطفال عند الإساءة إليهم ليس فقط فكرة جيدة، بل ممارسة تخلق طفرة هائلة في النمو العاطفي للطفل.
اقرأ أيضاً
لماذا يجب الاعتذار للأطفال؟
كتب موقع Psychology Today أن تلك الكلمات أهم ما يستخدمه المرء في أي علاقة: "أحبك. أسمعك. أنا آسف. ماذا يمكنني أن أفعل لإصلاح الموقف؟".
يوافق كثير من البشر، على الأرجح، على الكلمات المذكورة أعلاه، لكن لسبب ما، يجد الأهالي صعوبة في تقديم الاعتذار لأبنائهم.
وأشار الموقع إلى أن السبب المفترض هو شعور الأبوين الدائم بأنهما على حق، وبأن الاعتذار يُشعِرهما بالخزي.
لكن الاعتذار يعلّم الأبناء أن الوالدين مجرد بشر في الحقيقة، بل يعزز أيضاً العلاقة بين الطرفين.
بدورها تشير مؤسسة Idaho Youth Ranch الخيرية المعنية بالأسرة والأطفال، إلى أنك "حينما تعتذر لأبنائك، تعزز بذلك علاقتكما بتأكيد حق أبنائك في المشاعر التي تنتابهم، كما تُعلمهم بأنه لا بأس بارتكاب الأخطاء ما دمت ستتحمل مسؤوليتها وتتعلم منها".
بعبارة أخرى، إظهار حقيقتنا كبشر أمام أطفالنا تقرّبنا منهم.
اقرأ أيضاً
كيف تعتذر لأطفالك؟
إذا لم تنشأ على يد أبوين يعتذران لك عند الخطأ، فربما يكون من الصعب عليك تطبيق الأمر.
لتعليم الاعتذار لأبنائك عليك أن تمارس هذا السلوك منذ حداثة سنّهم عندما يتطلب الأمر.
وهذا لا يعني أن تكون طرفاً مُستضعفاً مُهاناً في علاقتك بأبنائك، ولا يعني أن كل خطأ تفعله تحتاج الاعتذار عنه.
وتقدم Psychology Today نصيحة عظيمة بهذا الصدد: "بوضوح، ليس عليك الاعتذار عن وضع حدود ملائمة. لكن مهمتنا أن نتعامل مع مشاعرنا الخاصة، مهما فعل أبناؤنا. لذا فإن الاعتذار عندما لا نتعامل بحكمة مع مشاعرنا أمر أساسي، إلا إذا كنت تريد لأبنائك استنساخ صدماتك النفسية نفسها!".
أحياناً، يعتقد الأبوان أن نوبة غضب منهما ليست أمراً جللاً ولا يفهمان سبب غضب أبنائهم بالأساس. بدلاً من التقليل من شأن مشاعر طفلك، ركز على فهم مبعثها. فربما لا تعتقد أن طفلك يحتاج منك اعتذاراً، لكنه إذا كان في حاجة إلى هذا الاعتذار منك، يجدر بك معرفة ذلك وتنفيذه".
ومن المهم أيضاً أن نقدم اعتذاراً صادقاً حقيقياً، وألا نوحي لهم بأن ردّ فعلهم هو خطأهم.
على كل حال، عليك الاعتذار لطفلك بالطريقة التي تريد أن تتلقى بها اعتذاراً من شخص آخر يسيء لك، بغض النظر عن عمره.
فوائد عديدة للاعتذار للأطفال
يجني الأطفال كثيراً من الفوائد عندما يتعلم آباؤهم وأمهاتهم الاعتذار. بالنسبة للمبتدئين، غالباً ما يكون الآباء قدوة لأطفالهم، إذ يقتدي بنا الصغار فيما نفعله وما لا نفعله.
ويشير الدكتور ستيف سيلفسترو لموقع Little Things، إلى أن كثيراً من الآباء يريدون أن يكون أطفالهم مستعدين للحياة ويبذلون قصارى جهدهم لتعليم صغارهم ما يحتاجونه من دروس، باستثناء ما يتعلق بالاعتذار.
يقول ستيف: "نحرص على تعليم أبنائنا كل شيء آخر، لن ألقي بابنتي في المياه دون أن أعلمها كيفية السباحة أولاً. لكن حينما يتعلق الأمر بمهارات اجتماعية أو شخصية تمثل تحدياً لي؛ مثل تهدئة نزاع أو الاعتذار بصدقٍ للآخرين. عادة ما نطلب من أبنائنا فعل ذلك دون أن نعلمهم كيف يعتذرون".
إن تعليم أطفالنا كيفية الاعتذار- والتصرف كقدوة عندما نخطئ- يساعد أطفالنا على معرفة أنه لا يوجد شخص مثالي.
ومجدداً يشرح ستيف ذلك شرحاً وافياً؛ إذ يقول: "عندما تقول لطفلك: (أنا آسف، لقد ارتكبت خطأ، قلت ما قلته بسبب مشاعري آنذاك وليس ما أعتقده حقاً)، تُبين لطفلك أن الجميع- حتى الأشخاص المثاليين في نظره، مثلك- ليسوا دائماً مثاليين في الحياة الواقعية".
قد يبدو الظهور كشخص غير مثالي أمام أطفالك شيئاً مخيفاً، لكنه في النهاية سيؤدي إلى تقوية العلاقة بينكم، وتعزيز قدراتهم على تكوين علاقات صحية مع جميع البشر.