أعتني بأولادي الثلاثة وأعمل في مشفى بباريس.. كيف استطعتُ تنظيم وقتي بين هذه المهام؟

عربي بوست
تم النشر: 2019/06/17 الساعة 14:32 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/06/17 الساعة 15:26 بتوقيت غرينتش
لكل تجربة خصوصيتها وتفردها، ولكن إن كنتِ عزيزتي مقبلة على أمر عمل أو دراسة في وجود أولاد، فاعلمي أن الأمر صعب ولكنه غير مستحيل

منذ أكثر من عامين توجب عليَّ البقاء وحدي في باريس مع الأولاد ما يقارب العام؛ نظراً لظروف عمل زوجي، في هذا العام كنت مسؤولة عن ثلاثة أطفال، من بينهم طفل يحتاج إلى رعاية خاصة، وفي نفس الوقت كنت أقضي سنة تدريبية كطبيبة أسنان متدربة في أحد مستشفيات باريس الجامعية للأطفال.

الكاتبة أسماء بركات

يومياً يجب أن أوصل أطفالي إلى مدارسهم، وأذهب إلى المشفى، وكان لديَّ ١٨ موعداً ثابتاً أسبوعياً خاصة بأبنائي، خلال هذا العام اعتذرت حوالي مرتين فقط عن موعدين، إلى جانب وظيفتي كأُم وربة منزل. يبدأ يومي في السادسة صباحاً وينتهي في الثانية فجراً، كان عاماً شاقاً، لكنه كان مثمراً بفضل الله.

دائماً ما نصحتني صديقاتي بتأجيل فكرة الدراسة، خصوصاً أنني لا أحب مجال طب الأسنان، وأنه يكفي أن أربي أبنائي وأعتني بصحتي، نصحني آخرون بأن المبالغة في رعاية طفل يحتاج إلى رعاية خاصة ولا يضمن مستقبله والركض به يمنةً ويسرةً هو الجنون نفسه.

أطفال أسماء بركات الثلاثة

يقول بعضهم مِن أين تأتين بالوقت؟ وهذا ما فعلته تحديداً:

1- لا أتحدث في الهاتف إلا نادراً، أستخدم بدلاً من المكالمات الهاتفية الرسائل الصوتية والنصية، المكالمات وخصوصاً مع الأصدقاء المقربين تُشعر المرء بالراحة الشديدة، خصوصاً في حالة أن يكون المرء مضطراً لَأن يتحدث بلغة غير لغته الأم طوال اليوم، فلا يشعر بالوقت.

2- المصالح الحكومية والانتظار في طوابير والصبر على طلبات الموظفين يفسد يومي ومزاجي ويضيع وقتي، ولذلك كل ما أستطيع إنهاءه بالبريد أو بالبريد الإلكتروني أو عبر مواقع الخدمات الحكومية أنهيه، وأتجنب قدر المستطاع الذهاب بنفسي إلى المؤسسات الحكومية والخاصة.

3- لا أذهب أبداً دون موعد لأي مكان إلا جبراً أو لظرف طارئ.

4- لا أشاهد التلفزيون إلا نشرة الأخبار وما يهمني فيها كان الأحوال الجوية ومتابعة حركة الإضرابات، وذلك أثناء تناولي الطعام.

5- ابتعدت كثيراً عن مواقع التواصل الاجتماعي والدخول في جدالات لا تنتهي تستنزف الوقت والجهد والطاقة النفسية.

6- أتوقف عن أي نشاط أثناء العطل المدرسية -وهي أسبوعان كل ٦ أسابيع- على الأقل أسبوع منهما لا أرتبط فيه بأي مواعيد، فقط أرتاح وأريح الصغار.

7- لا أدرس أبداً في حضرة أطفالي فقط حين يأتي موعد النوم، لأني عندما أفعل أتوتر بشكل ما وأحتاج إلى هدوء للتركيز، يؤدي ذلك إلى توتر الأجواء أثناء يقظتهم.

8- لا أذهب إلى التسوق أبداً دون وجود قائمة مشتريات بالمطلوب يختصر هذا الوقت ويوفر المال أيضاً، ويجنبني العودة مجدداً إذا نسيت شيئاً. أيضاً لا أذهب بصحبة أطفال إلى التسوق الأسبوعي.

9- أجهز بعض الموضوعات التي عليَّ قراءتها قراءة سريعة أولية لقراءتها في المواصلات وأوقات الانتظار التي تصل إلى حوالي 30 ساعة أسبوعياً على الأقل.

10- فترة الصباح من أكثر أوقات اليوم توتراً، ولذلك فإن الملابس التي سيرتدونها خصوصاً الجوارب لأنها أحد أكثر أسباب التأخير، وحقيبة المدرسة تُجهز مساءً تحسباً لأي طارئ.

11- إذا تعارضت مواعيد دراستي مع مواعيد أو اختبارات لي مع مواعيد مهمة أو لا قدر الله مرض لأولادي فالأولوية لهم، حتى لو اضطررت لعدم دخول الامتحان، الأمر كان شاقاً جداً في بداية القرار لكنه منحني كثيراً من الراحة النفسية لاحقاً وتجنبت كثيراً من الضغط النفسي.

لكل تجربة خصوصيتها وتفردها، ولكن إن كنتِ عزيزتي مقبلة على أمر عمل أو دراسة في وجود أولاد، فاعلمي أن الأمر صعب ولكنه غير مستحيل، وأننا نستطيع فعل أشياء نتخيلها غير ممكنة، فقط إذا أردنا وأصررنا، فقط اعلمي أن صحتك الجسمانية والنفسية هي وقود الرحلة فحافظي عليها، وابتسمي للصعاب فيوماً ستذكرينها وتبتسمين كما أبتسم أنا الآن.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

أسماء بركات
طبيبة أسنان مقيمة في ألمانيا
أسماء بركات، أم لثلاثة أطفال، طبيبة أسنان، مدونة ومهتمة بحالة حقوق الإنسان والأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة وصعوبات التعلم، مقيمة في ألمانيا.
تحميل المزيد