لسنا عالقات بالمنازل للطهي! هكذا عبرت مغربيات عن أنفسهن

عندما أخرجت شعرها الطويل من تحت الخوذة ونفضته برقة لم يثر هذا استغراب المارة، ولكن ما أدهشهم أنها لم تكن وحدها، فقد كانت واحدة من ضمن مجموعة كبيرة من نساء مغربيات يركبن دراجات نارية.

عربي بوست
تم النشر: 2019/03/30 الساعة 08:52 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/04/01 الساعة 14:00 بتوقيت غرينتش
وصل عدد راكبات الدراجات النارية لألف/ istock

عندما أخرجت شعرها الطويل من تحت الخوذة ونفضته برقة لم يثر هذا استغراب المارة، ولكن ما أدهشهم أنها لم تكن وحدها، فقد كانت واحدة من ضمن مجموعة كبيرة من نساء مغربيات على دراجات نارية.

عندما حلَّ الليل على مدينة الدار البيضاء المغربية المزدحمة انتشرت نساء مغربيات يركبن الدراجات في الشارع الرئيسي في منطقة راسين المركزية حيث يتوقف الدراجون الذين يرتدون الملابس الجلدية خارج رصيف أحد المقاهي الشهيرة.

نساء مغربيات يركبن دراجات نارية يؤسسن أول ناد من نوعه

أخذ الكثير من المارة والجالسين على المقاهي الذين يتناولون الشاي يحدقون في السائقات  باستغراب، كون المجموعة بأكملها مكونة بالكامل من النساء، حسب ما ورد في تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية.

وتقول دليلة مصباح، قائدة المجموعة، بينما كانت تجلس على الطاولة "نحن نسمي أنفسنا Les Miss Moto Maroc.

وأردفت قائلة: "نحن أول ناد للدراجات النارية في المغرب يتكون من النساء فقط".

مسيرة الـ1000 سيدة.. يفضلن الدراجات الكبيرة

يستضيف النادي أيضاً سباقاً سنوياً دولياً، يسمى March Moto Madness، ويُعقد في نفس الشهر الذي يوافق اليوم العالمي للمرأة، حيث يستضيف نحو 1000 سيدة من اللواتي يركبن الدراجات، ويخرجن في الشوارع لدعم حقوق المرأة.

توضح مصباح قائلة: "إنه نادٍ للنساء من جميع الأعمار ومن جميع الخلفيات. تخرجت أصغر عضوة من الجامعة مؤخراً، وأكبر عضوة بلغت سن التقاعد، مثلي، لكننا جميعاً نتحمس للدراجات الكبيرة [أعلى من 500 سي سي].

نلتقي بانتظام لركوب الدراجات، واستكشاف بلدنا الجميل، وببساطة من أجل الخروج إلى المقهى والدردشة، مثلما نفعل اليوم".

ورغم المشكلات الاقتصادية عدد عشاق الدراجات النارية في تزايد

لا تزال الدراجات النارية الكبيرة ترفاً لا يستطيع الكثير من الناس تحمل تكاليفه في المغرب، حيث تشير آخر الأرقام إلى أن أكثر من 4 ملايين شخص يعيشون تحت خط الفقر، لكن شعبيتها في ارتفاع.

إذ زادت أعداد الدراجات النارية المرخصة في البلاد من 31.353 دراجة في عام 2010 إلى 55.517 دراجة في عام 2016.

ومع ذلك، أقل من 1٪ من هذا العدد تملكه النساء.

أنشأت النادي بعد التقاعد

مغربيات على دراجات نارية
يتشاركون شغفهم في قيادة الدراجات النارية/ istock

كانت مصباح تملك دراجة نارية صغيرة عندما كانت في سن المراهقة، ولكنها توقفت عن ركوب الدراجات البخارية.

وبعد تقاعدها عام 2008، حصلت على رخصة دراجة نارية كاملة لأنها "كانت تواقة لامتلاك دراجة نارية من طراز هارلي ديفيدسون".

بعد ثلاث سنوات، في عام 2011، أسست رابطة Miss Moto Maroc بعد ركوبها على طريق 66 في الولايات المتحدة مع زوجها، وأُعجبت بمجموعات الدراجات النارية النسائية التي قابلتها في رحلتهم.

في البداية، كان دافعها الرئيسي هو مشاركة شغفها بالدراجات مع نساء أخريات، وتشجيع زميلاتها من النساء في المغرب على التجرؤ على الركوب.

وهي عازمة على كسر النظرة التقليدية للمرأة المسلمة

وهي الآن عازمة أيضاً على كسر النظرة الغربية للمرأة المسلمة على أنَّها مقيدة وعاجزة ومضطهدة، وإظهار أنَّ نساء بلدها يستطعن أن يكنَّ "حرائر" مثل نظرائهن الغربيات.

تقول مصباح: "يعتقد الكثير من الأجانب أن النساء العربيات لا يُسمح لهن بعمل أي شيء، لكن هذا ليس صحيحاً.

نادي Les Miss Moto Maroc  يمثل النساء المغربيات العصريات. نحن لسنا عالقات في المنزل نرتدي الجلباب وأغطية الرأس، ونقوم فقط بالطهي لأزواجنا وأطفالنا، بل هناك الكثير من الأمور الأخرى التي نهتم بها، نحن نغطي وجوهنا فقط من أجل المرح".

والرابطة ألهمت نساء كثيرات

إلهام الفيلالي إحدى السيدات اللواتي تأثرن بمصباح، وهي صيدلانية وعضوة في النادي، تعيش أيضاً في الدار البيضاء. تعلمت كيفية الركوب منذ خمس سنوات بعد مشاهدة تقرير عن رابطة Miss Moto Maroc على شاشة التليفزيون.

تقول: "مشاهدة هؤلاء النساء على الشاشة منحني الشجاعة للحصول على دراجة نارية.

كانت أمي هي التي شاهدت التقرير أولاً ثم سجلته من أجلي. لقد تأثرت كثيراً وسرعان ما أغرتني فكرة الخروج مع النساء المغربيات الأخريات لركوب الدراجات النارية. أعتقد أنَّ أمي كانت سترغب في القيام بنفس الشيء عندما كانت في عمري، لكن في وقتها لم يكن هذا الأمر ممكناً".

وسجل المغرب في المساواة بين الجنسين تحسن بشكل ملحوظ

منذ أن صادق المغرب على اتفاق دولي بشأن المساواة بين الجنسين في عام 1993، حدث تقدم كبير في التشريعات المحلية في هذا الملف.

زاد تمثيل النساء في البرلمان بشكل كبير من 1٪ في عام 2003 إلى 21٪ في عام 2016، وتم الترحيب بقانون الأسرة المغربي لعام 2004 باعتباره أحد أكثر القوانين تقدماً، والتي تحمي حقوق المرأة في العالم العربي.

ومع ذلك، في الحياة اليومية، الأمور ليست بهذه البساطة.

الفيلالي لا تستخدم دراجتها للتنقل إلى الصيدلية التي تعمل فيها، حيث تقع في حي فقير، وتخشى أن تكون العقليات أكثر تقليدية هناك.

لا تعتقد أنه سيتم قبول هوايتها، وتظن أن العديد من العملاء لن يتفهموا هذا الأمر ببساطة. وتقول: "إذا رأوني أنا الصيدلانية، على دراجة نارية، فسيكون ذلك سيئاً للغاية.

الكثير سيفقدون احترامهم لي. سيصعب عليهم استيعاب الأمر. لذلك لا أذهب بالدراجة إلى العمل. وهو أيضاً سر أخفيه عن بعض أصدقائي، لأسباب مماثلة".

المشكلة في الأفواه المفتوحة عند إشارات المرور

الفيلالي ليست وحدها التي تشعر بأنَّ المجتمع سيمتعض من خيارها الخاص بالتنقل، فهناك المهندسة المدنية فاطمة الزهراء لحرير، أصغر عضوة في النادي، تشاركها نفس الشعور. وتقول: "لا يزال ركوب المرأة للدراجة النارية في المغرب من المحرمات. بعض الناس يدعموننا ويفخرون بما نفعله، لكن الآخرين يشعرون بالصدمة".

وأضافت: "عند إشارات المرور غالباً ما يكون المشهد مضحكاً. عادة ما يكون الرجال هم الأكثر إبداء للدهشة. يحدقون أحياناً بأفواه مفتوحة، لكن هذا لا يزعجني، وأعلم أنني أساعد في تعزيز قضية المساواة بين الجنسين".

بشكل عام، تتمتع المرأة بتمكين أكبر في المدن الكبرى في المغرب، لكن في المدن والقرى الأصغر، يظل الناس أكثر تحفظاً. لهذا السبب، ينظم النادي في كثير من الأحيان مسيرات ركوب الدراجات إلى المناطق النائية لمشاركة رسالته مع أولئك الذين يمكنهم الاستفادة منها بشكل أكبر.

وهن يفضلن إقامة المسيرة في مراكش بدلاً من الدار البيضاء

تُقام مسيرة March Moto Madness في مراكش بدلاً من الدار البيضاء لأنَّ المدينة تتمتع بتاريخ مثير للاهتمام عن النساء اللواتي ركبن الدراجات والدراجات البخارية هناك. منذ ستينيات القرن الماضي، أصبحت المدينة معروفة بروحها المستقلة وثقافتها القوية لتحرير المرأة.

تقول لحرير: "مسيرة March Moto Madness حدث مذهل لا يصدق يستمر لبضعة أيام من المرح حيث يأتي سائقو الدراجات النارية من الذكور والإناث من جميع أنحاء العالم للالتقاء والاحتفال بحقوق المرأة.

ونقوم بتنظيم موكب كبير وحفلات موسيقية وحفل لتوزيع الجوائز. من الرائع أن نشعر بأننا حصلنا على دعم عالمي".

والبعض يرى أن موقف الرجال نابع من خوفهم على النساء

محمد محرلي مشارك منتظم ورئيس الاتحاد المغربي لسائقي الدراجات النارية، الذي يتكون من 22 نادياً ويضم أكثر من 5000 عضو.

يقول محرلي إنَّ معظم هؤلاء الرجال يرحبون بالسائقات الإناث في صفوفهم، ويرحبون أكثر باللواتي ليس لديهن مخاوف تتعلق بالسلامة.

في عام 2017، كان هناك ما يقرب من 90 ألف حادث على الطرق المغربية، أسفرت عن أكثر من 3500 حالة وفاة.

وفي بريطانيا، يبلغ عدد الضحايا نصف هذا العدد، رغم أنَّ هناك ثمانية أضعاف عدد المركبات على طرقهم.

 يقول محرلي: "لا أعتقد أن الرجال هنا ضد النساء اللائي يركبن الدراجات النارية. بالنسبة لي يبدو الأمر كما لو أنهم قلقون بشأنهن بطريقة أخوية".

وأضاف "إنَّهم لا يحبون فكرة تعرض السيدات للإصابة، ولكن بمجرد رؤيتهن يقدن بأمان، لا أعتقد أن هناك مشكلة. لن يحاولوا منع امرأة من ركوب دراجة نارية إذا رأوها في الشارع. الأمر ليس كما هو الحال في الخليج، حيث الوضع مختلف تماماً".

وسائقات المغرب سيكون لهن تأثير في العالم العربي كله

محرلي مقتنع بأن سائقات الدراجات المغربيات يلعبن دوراً مهماً، وسيكون لهن تأثير إيجابي على بقية العالم العربي. يثني عليهن كنموذج يحتذى به.

ويقول إنَّ بإمكانهن إحداث تقدم من خلال إظهارهن أنه لا يزال بإمكانك أن تكوني سيدة مسلمة ملتزمة حتى لو كنت تقودين دراجة نارية أو تمارسين أنشطة أخرى مماثلة.

وأضاف: "لدي ابنة عمرها عام واحد، واشتريت لها مؤخراً أول دراجة نارية وهي عبارة عن لعبة بلاستيكية".

وتابع قائلاً "أعظم أمنياتي لها هي أن تشاركني شغفي بركوب الدراجات. في يوم من الأيام، أتمنى أن يكون باستطاعتنا ركوب الدراجات على الطريق معاً جنباً إلى جنب. بالتأكيد لا يمكن لأحد أن يقول أن هناك أي شيء خطأ في ذلك، أليس كذلك؟".

تحميل المزيد