ابتكر مجموعة من الباحثين في جامعة وارويك البريطانية طريقة جديدة لتشخيص الإصابة بمرض التوحد، من شأنها أن تعطي نتائج دقيقة.
وتجدر الإشارة إلى أن مرض التوحد يؤثر على إدراك الإنسان وسلوكه وتفاعله الاجتماعي. وتؤكد مراكز مكافحة الأمراض واتقائها أن طفلاً من بين 68 طفلاً مصابٌ بالتوحد. ووفقاً لطبيعة تطور مرض التوحد، فإن الإصابة به تكون في وقت مبكر، ولكن ظهور أعراضه الأولى يستغرق بعض الوقت. ولهذا السبب، يعتبر تشخيص المرض في بدايته صعباً للغاية، بحسب موقع Medical News Today البريطاني
وفي هذه الحالة، فإن التشخيص الذي يعتمد على تحليل مركبات معينة في الدم قد يكون حاسماً، ويمنح الأطفال فرصة جيدة لتعاطي العلاج اللازم في مرحلة مبكرة من المرض. وحتى وقتنا الحاضر، لا يوجد اختبار آخر يضاهي هذا الاختبار.
وفي هذا الصدد، ابتكرت مجموعة من الباحثين برئاسة الدكتورة نائلة ربّاني، المحاضرة في مجال بيولوجيا الأنظمة التجريبية في جامعة وارويك، طريقة أخرى للكشف المبكر عن المرض تعتمد على قياس معدل البروتين في الدم والبول.
نسبة دقة الاختبار بلغت 92 بالمائة
عملت الدكتورة ربّاني وفريقها على فحص وتحليل عينات دم وبول لنحو 38 طفلاً مصاباً بالتوحد، تتراوح أعمارهم بين 5 سنوات و12 سنة، فيما أجري نفس التحليل لقرابة 31 طفلاً غير مصابين بهذا المرض. وبناء على النتائج، اكتشف الباحثون أن هناك اختلافات بين الأطفال المصابين بالتوحد وغير المصابين، فقد تبين أن هناك علاقة بين التوحد والبروتينات التالفة في بلازما الدم.
وبعد إجراء العديد من الاختبارات المطورة على عينات الدم والبول، وجد العلماء أن الأطفال الذين يعانون من التوحد لديهم مستويات أعلى من مركب "ديتروسين"، وفئة أخرى من مركبات "غليكشن" المعقدة أو " AGE". وفي الواقع، يعتبر مركب "ديتروسين" المسبب لعمليات الأكسدة الضارة، بينما تعتبر مركبات "غليكشن" المعقدة نتيجة لعملية غليكشن، التي تتحد فيها السكريات مع الأحماض الأمينية، ما ينتج عنها في النهاية مركب البروتين.
فيا بعد، أدخلت الدكتورة ربّاني وفريقها البحثي هذه النتائج إلى خوارزمية حاسوبية، وبلغت حساسية الاختبار قرابة 92%، علماً بأن كلمة "حساسية الاختبار" تشير إلى قدرة الاختبار الطبي على تشخيص حالات المرض.
هل يمكن تشخيص مرض التوحد بشكل مبكر عن طريق التحليل؟
أوضحت الدكتورة ربّاني متحدثة عن نتائج البحث "أن تشخيص وعلاج مرض التوحد في مراحله المبكرة سيصبح أمراً ممكناً من خلال هذا الاختبار الجديد. ونأمل أن تكشف الاختبارات النقاب عن العوامل المسببة لهذا المرض". وأضافت ربّاني "أن إجراء المزيد من الاختبارات قد يكشف لنا بعض خصائص بلازما الدم وخصائص البول، أو بصمات التركيبات التي تحدث لها تغييرات ضارة". وتابعت ربّاني "إن هذا التحليل سيساعدنا في تطوير طريقة تشخيص مرض التوحد، فضلاً عن أنه يرشدنا إلى أسبابٍ لم نكن نعلم أنها تسبب المرض".
في المقابل، شكك المدير المساعد لقسم تعزيز الصحة في الكلية الملكية البريطانية لطب الأطفال وصحة الطفل، ماكس ديفي، في نتائج هذا الاختبار قائلاً "إن هذا الاختبار يعتبر أمراً رائعاً، ومع ذلك، مازال أمامنا الكثير من أجل تشخيص مرض التوحد بصورة أدق". وتابع ديفي "إن الاختبار جرى على أطفال في عمر 7 أو 8 سنوات، وبالتالي، لا يوجد ما يثبت أن الأطفال الأقل سناً لهم نفس النمط الأيضي، وبالتالي لن تكون النتائج بنفس الدقة عند الأطفال الرضع".
وحيال هذا الشأن، قال الدكتور ديفي "على الرغم من أننا وصلنا إلى مرحلة متقدمة من البحث العلمي، إلا أن ذلك يجب أن لا يجعلنا نفرط في الحماسة تجاه هذا الاختبار". كما أكد الدكتور ديفي أن خضوع عدد كبير من الأشخاص لهذا الاختبار، قد يؤدي إلى حالة إيجابية كاذبة.