المرأة هي النصف الجميل في المجتمع، ولا بد أن تحافظ على مظهرها طوال الوقت، وتستخدم الأدوات المناسبة للعناية بجمالها والمحافظة على تألقها.
ومن ضمن الأشياء التي استعملتها النساء على مرِّ التاريخ لتغيير إطلالتهن صبغات الشعر. فعلى الرغم من خطورة هذه الأصباغ على المدى البعيد، ومعرفة النساء بأضرارها، إلا أن استعمالها يتزايد يوماً بعد يوم.
هيا نتعرّف على تاريخ صبغات الشعر على مرِّ العصور، وكيف تطوَّرت صناعتها حتى وصلت لما هي عليه الآن.
المصريون أول المستخدمين
استخدم المصريون القدماء الحناء لإخفاء شيب الشعر، وقد وُجدت أوراق الحنّة في مقابر العصر الفرعوني المتأخر، والعصر البطلمي، ووُجدت ببعض المومياوات، وقد صبغ شعرها باللون الأحمر.
وبعد سنوات، استخدم الإغريق والرومان المستخلصات النباتية لتلوين شعورهم، كما اخترعوا صبغة شعر سوداء دائمة، ولكنها كانت سامة، ولذلك استبدلوها بمادة توضع في وعاء من الرصاص حتى يتم تخميرها.
أي أنه يمكن اعتبار أن الحناء المصرية وخليط النباتات والحشرات أول ملونات للشعر في التاريخ، وبقيت المكونات النباتية على الرغم من محدوديتها المصدر الأساسي لجميع ملونات الشعر حتى القرن التاسع عشر.
فتيات الليل الشقراوات
نصَّ القانون الروماني على وجوب صبغ "فتيات الليل" شعرهن باللون الأصفر أو الأشقر، وقد يعود سبب ذلك إلى اعتقادهم أن الفتيات الشقراوات أكثر طلباً للمرح والمتعة. معظمهن استعملن الباروكات، ولكن البعض استخدمن خليطاً مصنوعاً من رماد النباتات المحترقة.
كان اللون الأشقر بصفة عامة منتشراً جداً عند الرومان، وكان علامة على الجمال، حتى إن الأغنياء منهم كانوا ينثرون غبار الذهب على رؤوسهم.
وكان شعوب الحضارات القديمة الأخرى، مثل حضارة الإغريق والساكسون يصبغون شعرهم أحياناً بألوان نابضة بالحياة، لإظهار رتبتهم، وكوسيلة لتخويف المعارضين في ساحة المعركة.
الشعر الأحمر والسحر
لسنوات عديدة، عانى أصحابُ الشعر الأحمر الطبيعي من تهمة تعاطي السحر، حتى ثبت أن الشعر الأحمر هو نتيجة لطفرة وراثية حدثت في العصور الوسطى، حيث ظهرت أول حالة لمولود شعره أحمر طبيعي في اسكتلندا.
وأعادت الملكة إليزابيت للون الأحمر مكانته المميزة في التاريخ، بعدما حاول الكثيرون تقليد خصلات شعرها الحمراء تشبّهاً بالعائلة المالكة.
وفي عصر النهضة فضّلت السيدات أن يحصلن على خصلات من الشعر الأشقر الذهبي، الذي كان يعتبر ملائكياً في تلك الفترة، وقمن بتحسينه عن طريق خلط الكبريت الأسود والعسل، ووضع هذا الخليط على الشعر، وتعريضه إلى أشعة الشمس التي تساعدهن في الحصول على اللون المطلوب.
من الملاريا إلى صبغة الشعر
كان الكيميائي الإنكليزي ويليام هنري بيركين William Henry Perkin يحاول إيجاد علاج للملاريا، ولكنه اكتشف شيئاً مختلفاً تماماً في أبحاثه، دفعه لإنتاج أول صبغة صناعية عام 1863.
اكتشف بركين أنه يمكن تحويل الأنيلين جزئياً إلى مزيج خام، يعطي باستخلاصه في الكحول مادة ذات لون أرجواني كثيف، أي أنه أصبح بإمكانه إنتاج مادة أرجوانية وتسويقها كصباغ، سمي لاحقاً الموفين.
وبعد اكتشاف الموفين، ظهرت العديد من أصبغة الأنيلين الجديدة، وانتشرت المعامل التي تنتجها في أوروبا.
وبعد فترة وجيزة اشتق أستاذه (أوغست هوفمان) جزيئاً مشتقاً من الأنيلين، اسمه (para-phenylenediamine or PPD)، ولا يزال هو الأساس لمعظم أصباغ الشعر الدائمة اليوم.
تأسيس لوريال
في عام 1907، أنشأ يوجين شويلر أول صبغة كيميائية لأغراض تجارية، وأطلق عليها اسم "أوريول Aureole". وسيطلق عليها لاحقاً اسم "لوريال L'Oréal"، وهي نفس اسم الشركة التي أسسها.
ويعود الفضل للمنتج Howard Hughes، في ظهور صبغة الشعر الأشقر البلاتيني، حيث أصدر فيلماً من بطولة الممثلة Jean Harlow، التي كان شعرها مصبوغاً بهذا اللون، وسرعان ما قام جمهورها بمحاولة تقليد نفس لون الشعر الجديد.
وقبل عام 1950 كان صبغ الشعر باللون الأشقر يؤدي لحدوث مشكلات، منها تبييض الشعر، ولكن في عام 1950 ظهر منتج لصباغة الشعر بدون مشكلات التبييض من كليرول، وهو قسم العناية الشخصية لمنتجات شركة بروكتر آند غامبل، المتخصصة في تلوين الشعر (بدأت في عام 1931 من قبل الأميركيّين لورانس وجوان جيلب).
ومكّنت صبغة الشعر Miss Clairol Hair Colour Bath النساء من تلوين شعرهن في المنزل، وكان هذا مهماً في ذلك الوقت، لأن النساء كنّ يفضلن عدم الإعلان عن حقيقة تلوين شعرهن في هذا الوقت.
ثورة الصبغات
في أواخر عام 1960 أصبح تلوين الشعر أمراً شائعاً، وأصبح من غير الضروري ذكر لون الشعر على جوازات السفر، وبحلول السبعينات شجّعت شعارات مثل لوريال "لأنك تستحق كل هذا العناء" النساء على تلوين شعرهن، وأصبح الأمر مقبولاً بصورة أكبر في المجتمع.
ظهرت كايلي جينر (ممثلة برامج الواقع وعارضة أزياء أميركية) بشعر ملون وجريء عام 2014، واعترفت جينر أنّها عمدت إلى تغيير لون شعرها منذ كان عمرها 16 عاماً، ومن دون أن تأخذ الإذن من والدتها، وحتى اليوم ما زالت جرأتها تدفعها إلى اعتماد صبغات الشعر الغريبة.
إنّها كايلي جينر، التي ما إن نعتاد على لون شعرها المصبوغ حتى تغيّره، فهي مهووسة بتغيير لون شعرها؛ إذ يعطيها ذلك الشعور بأنّها شخص جديد.
ثم ظهرت موضة لون البينك الباستيل، سواء كلون كامل للشعر أو هايلايت، وقد انتشرت بشكل كبير بين مواليد التسعينات، كما ظهرت موضة Tortoiseshell Hair Dye
وأصبحت الموضة في وقتنا الحالي هي ألوان النيون والألوان فائقة اللمعان، بالإضافة إلى صبغة لون الكراميل، وصبغة اللون الأشقر بلون الزبدة، وصبغة blorange، وهي خليط من اللونين الأشقر والبرتقالي والهاي لايت في الجزء العلوي من الشعر، وغيرها من الألوان. ويبدو أنك ستشعر في المستقبل أنك أمام عدد لا نهائي من درجات ألوان الشعر.