في سعي الأخصائيين الحثيث لتقييم آثار الوسائل التكنولوجيا الحديثة على الأطفال، تبين أن التعليم التفاعلي والتواصل مع البشر ما زال هو الخيار الأفضل، في حين تسارع المدارس إلى إدخال السبل التقنية في التعليم والتربية.
ونشرت الرابطة الكندية لطب الأطفال توصياتها المتعلقة باستخدام الوسائط الرقمية في أعمار مبكرة، لتأتي شبه متطابقة مع ما نشرته مؤخراً الأكاديمية الأميركية.
1. تدور التوصيات حول مجموعة أفكار أساسية:
تقليل وقت التعرض للوسائط الرقمية للأطفال أقل من 5 سنوات.
عدم استخدامها من قبل الأطفال الأصغر من عامين.
استخدامها أقل من ساعة يومياً للأطفال بين عامين و5 أعوام.
الامتناع عن استخدامها قبل النوم بساعة.
عدم الاستخدام السلبي للشاشات في دور الحضانة (أي مشاهدة الأفلام التجارية).
منع استخدامها خلال الطعام والقراءة.
2. التخفيف من المخاطر المتعلقة باستخدام الوسائط الرقمية
مراقبة المحتوى والبقاء – بقدر الإمكان – مع الطفل أثناء استخدام الحاسب اللوحي.
إعطاء أولوية للمحتوى التعليمي على أن يكون مناسباً لعمر الطفل.
اتباع استراتيجية للتعليم الذاتي والتهدئة وإرساء الحدود.
3. الانتباه لاستخدام الأجهزة
أن يكون هناك خطة تتعلق باستخدام اللوح الرقمي في المنزل ( وعدم تركه للارتجال)
مساعدة الطفل على التعرف والتشكيك في الرسائل الإعلامية، والصور الذهنية والمحتويات الإشكالية الأخرى.
تذكر أن قضاء وقت في صحبة اللوح الرقمي يأتي على حساب فرص أخرى للتعلم ( الأطفال لا يتعلمون شيئاً عبر الشاشات في هذا العمر).
تذكر أنه لا توجد أية دراسات تدعم تقديم التكنولوجيا للطفل في هذا العمر المبكر.
4. أنت القدوة
استبدل أوقات استخدام اللوح الرقمي بأنشطة صحية مثل القراءة واللعب في الهواء الطلق.
أطفئ أجهزة المنزل خلال الأوقات التي يقضيها أفراد الأسرة معاً
أطفئ الأجهزة حين لا تستخدمها وتحديداً التلفزيون.
جدير بالذكر أن دراسة حديثة أخرى نشرت محتواها عربي بوست كشفت أن الأطفال الذين يقضون وقتاً طويلاً أمام شاشات الهاتف يعانون من صعوبة النطق والقدرة في التعبير عن أنفسهم بالكلمات.
ويمكن الوصول إلى استنتاج مفاده أن استخدام الشاشات بشكل يتجاوز توصيات الروابط الطبية الرئيسية في العالم قد ينتج عنه مشكلات تعليمية، وفقدان الفرص في تكوين علاقات شخصية والاندفاع وعدم الانتباه وانخفاض الحصيلة اللغوية ومشكلات الإدمان واللغة، وغيرها الكثير.
فانتباه الطفل أمام الشاشات انتباه زائف تُبقي عليه محفزات خارجية متكررة ومتقطعة، يكون المسيطر فيها تطبيقات الجهاز المبرمجة لجذب المستخدم. إلا أن الطفل لا يتعلم من خلال الشاشات، وإنما من خلال التجربة الواقعية من خلال العلاقات الشخصية مع إنسان مدرك. بيد أن الأجهزة تفتقر إلى هذه الحساسية التي تعد شيئا إنسانياً يميز البشر فقط.
ويطرح سؤال نفسه: لو قرر الأهل تطبيق هذه الرقابة على الأطفال، بل وربما منعهم من استخدامها كبقية أطفال جيلهم، فهل يعني هذا أنهم تأخروا عن رَكِب التكنولوجيا؟
هنا لا بد من الإشارة إلى أن التكنولوجيا مصممة على التقادم وفق قانون السوق، لذا لا يجب أن نخدع أنفسنا. وإذا تعلم طفلنا دون مساعدة أن يستخدم الهاتف الذكي في 5 دقائق فهذا ليس لأنه ولد رقمياً بالفطرة ولا لأنه شديد الذكاء، إنه بسبب أن مصممي هذه التكنولوجيا أذكياء. أدرك ستيف جوبز (مؤسس شركة آبل) هذه الحقيقة، وربما لهذا السبب لم يسمح لأبنائه باستخدام الآي باد، وربما لهذا السبب أيضاً أرسل كبار مديري المؤسسات التكنولوجية في وادي السيليكون أبناءهم إلى مدرسة لا تستخدم الشاشات.
ونصحت الدراسة التي نشرتها صحيفة "الباييس" الإسبانية بعدم الانجراف خلف مفهوم " الحل الأفضل هو تأخير عمر التعرض لهذه الوسائل بهدف الاستخدام المسؤول لها"، لأن التحول الرقمي معدٍ وقد يؤدي إلى سوء تقدير الوالدين، بحملهم على إدخال تحول تكنولوجي في حياة أبنائهم لافتنانهم المروع بالتكنولوجيا على أنها الطريق نحو المستقبل.
فالتكنولوجيا أمر واقع وسبيل هام يرفع من جودة حياتنا. هل تتخيل القيادة دون GPS والاستعانة عوضاً بخرائط كبيرة من الورق، أو التخطيط لإجازة دون استخدام الإنترنت، أو العمل يومياً دون استخدام الكمبيوتر؟ إذاً التكنولوجيا مفيدة ورائعة للعقل المستعد لاستخدامها، وليس للعقل غير الناضج الذي لا يملك القدرة على التحكم في الذات والقوة والشعور بالخصوصية.