من منّا لا تستيقظ كل يوم وتنظر في المرآة دقائق؛ لتتأكد من أن بشرتها ما زالت تحافظ على نضارتها، وأن "كريمات التجميل وتأخير الشيخوخة" التي تستخدمها تجدي نفعاً، وتبعد عنها علامات التقدّم في العمر.
وليطمئنّ البال أكثر، لا نغيب عن أي منتج جديد يُطرح في الأسواق وينصح به أطباء التجميل، فنتهافت على شرائه صباحاً، وتبدأ جولة "السيلفي" التي لا تنتهي على هواتفنا مساءً، دون أن ندرك أن كلّ هذه العناية يومياً تذهب سدىً!
فقد خلصت دراسة جديدة، نشرتها صحيفة الغارديان البريطانية، إلى أن الضوء الأزرق الذي ينبعث من شاشات هواتفنا وأجهزتنا الالكترونية، يجعلنا نبدو أكبر سنّاً.
هذا الضوء، بحسب ما يقول خبراء التجميل، له نفس تأثير التقدّم في العمر الذي تسببه أشعة الشمس الضارة على بشرتنا.
فلم تكن شركة "Make" الأميركية لمستحضرات التجميل تحاول فقط أن تسوّق لمنتجها الجديد آنذاك "مون لايت برايمر" (55 دولاراً) عام 2015؛ بل كانت تسلّط الضوء على مسألة أخطر من مجرّد تسويق وترويج.
فقط، أطلقت الشركة حينها ذاك المنتج تحت شعار "احتمي من الضوء المرئي عالي الطاقة المنبعث من الأجهزة الإلكترونية، وقلِّلي تأثير الأشعة تحت الحمراء".
ومنذ ذلك الحين، أصبح قطاعٌ عريض من شركات مستحضرات التجميل -بدءاً من سوب آند غلوري وحتى لانكوم- يُروج لمنتجاته التي تحجب الضوء المرئي عالي الطاقة.
ولنا أن نتخيل في حال نجحت شركات التجميل في الوصول إلى أهدافها، فسيصبح لمصطلح "الضوء المرئي عالي الطاقة" ثقله في الدعاية تماماً كما كان لـ"عامِل الوقاية من الشمس" في تسعينات القرن الماضي.
وإن لم نكن نلاحظه على أرفف المتاجر التجميلية، فإنَّ ذلك سيحدث قريباً.
ويقول أندرو بيرني، أخصائي الأمراض الجلدية والخبير في سرطان الجلد بمستشفيات ويليام هارفي وكِنت وكانتربري ببريطانيا: "يوجد الضوء المرئي عالي الطاقة في ضوء النهار، لكنَّه ينبعث أيضاً من الإضاءة الفلورسنت وشاشات LED، وضمن ذلك شاشات التلفاز، والهواتف الذكية، والأجهزة اللوحية، والحواسيب".
وحقيقة أنَّ هذه الأشياء قد تسبب ضرراً دائماً، هي مرعبة حقاً.
وتتواصل الأبحاث بشأن تأثير الضوء المرئي (الضوء الأزرق)، ويقول بيرني: "عدتُ مؤخراً من اجتماع الأكاديمية الأميركية للأمراض الجلدية، وكان من بين ما نُوقِش هناك ما إذا كان يجب الاحتماء من الضوء المرئي عالي الطاقة أو الأشعة تحت الحمراء باستخدام مستحضرات الوقاية من الشمس".
ورغم ذلك، كان الرجل واضحاً في تصريحه، فقال: "لا دليل على أنَّ الضوء المرئي عالي الطاقة يُسبِّب سرطان الجلد".
لكن، هل يوجد دليلٌ علمي على تسبُّب الشاشات في أضرارٍ للوجه؟
ووفق بيرني، فإن هنالك بعض البيانات التي تزعم أنَّ البشرة الداكنة أكثر قد تشهد خلل اصطباغ الجلد بشكلٍ أكبر بعد تعرُّضها للضوء المرئي، مثل الكلف حول الجبهة والعينين.
ومن المثير للاهتمام، أنَّ المحال والمتاجر الرئيسة أصبحت تقبل فكرة أنَّ الضوء الأزرق ينبعث من الشاشات التي نستخدمها كما ينبعث من ضوء الشمس.
هذا الموسم، تبيع متاجر "يونيكلو" نظارات عادية وشمسية لا تحتاج إلى وصفة طبية للوقاية من انبعاثات الضوء الأزرق.
أما جراح تجميل المشاهير وخبير العناية بالبشرة، جان-لوي سباغ، فيؤيد فكرة أنَّ علينا جميعاً استخدام واقٍ للشمس والشاشات الواقية من الأشعة.
ويوضح سباغ، نقلاً عن دراسة أخرى أُجريت عام 2013 بتكليفٍ من شركة ليبو للكيماويات، أنَّ "الضوء المرئي عالي الطاقة يمكن أن يكون مدمراً للبشرة مثل الأشعة فوق البنفسجية الطويلة والموجة المتوسطة مجتمعتين معاً".
وتوضح الدراسة أنَّ تأثيرات الضوء المرئي عالي الطاقة هي مثل أضرار الأشعة فوق البنفسجية الطويلة والموجة المتوسطة المتمثلة في "اصطباغ البشرة غير المتساوي، والشيخوخة المبكرة وإضعاف وظيفة الحاجز الفيزيائي التي يقوم بها الجلد، هذا رغم أنَّك بالطبع لن تحصل على احمرار الحرق الذي ينتج عن تعرضك المفرط للشمس".
ولدى سباغ ما يكفي من الاعتقاد بأضرار الضوء المرئي عالي الطاقة لدرجة أن يطلق منتجاً جديداً.
ويحتوي المرطِّب الأحدث من علامته التجارية للعناية بالبشرة التي تحمل اسمه "دكتور سباغ" -سوبريم داي (145 يورو أي ما يعادل 162.6 دولار)- على "حبيبات مركب صبغ الميلانين المُصنَّعة خصيصاً لحماية البشرة من الضوء المرئي العالي الأزرق أو البنفسجي".
وبينما يعترف سباغ أنَّه بالنسبة لبعض شركات منتجات العناية بالبشرة "الأخرى"، فإنَّ الضوء المرئي عالي الطاقة يُحتَمل أن يكون فرصةً تسويقية أخرى، لكنَّه يُشدِّد على أنَّ الضوء المرئي عالي الطاقة يمكن أن يكون مصدراً للشيخوخة المبكرة، وأنَّه "نظراً لكمية الوقت الذي نقضيه جميعاً أمام الشاشات الآن، فإنَّ التعرُّض للضوء المرئي عالي الطاقة هو شيء على الجميع -وليس مجرد جيل السيلفي- أن يفكر فيه".