محنة وطن بين شامت وغاضب

أنا لست ضد أحد من الجنسين، لكن أخاطب اللواتي لا يتقن سوى فن الحداثة تحت ذريعة المرأة المتحررة، بل لا ننسى أيتها النسوة أنه منذ نعومة أظافرنا ترعرعنا تحت كنف جدات لا يعرفن معنى الحداثة، ومع ذلك تربينا أفضل بكثير من بعض نساء اليوم.

عربي بوست
تم النشر: 2016/12/17 الساعة 01:48 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/12/17 الساعة 01:48 بتوقيت غرينتش

تعلمنا أن الديمقراطية حكم الشعب نفسه بنفسه، وأنها حكم الأغلبية ما دام لا يمكن جمع الناس كافة على قلب رجل واحد أو حزب واحد أو برنامج انتخابي واحد.
واقتنعنا بأن آلية إفراز ممثلي الأغلبية الحاكمة هي صناديق الاقتراع، وأنه لا يحق لأحد أن يشكك في شرعية المنتخبين، بعد مرور الانتخابات.

وليس هناك سوى أن تكون ديمقراطياً أو ألا تكون، وأن تكون ديمقراطياً يستلزم أن تقبل بما تسفر عنه صناديق الاقتراع الحر النزيه.

اليوم وعلى غير المعتاد قررت أن أرد على الحسم بالحزم وعلى القسوة بالكتابة، فمن المعتاد أن كتاباتي لا تخلو من جنس النساء، طبعاً فأنا أجدني دائماً تحت رحمتهن، ويجب عليَّ إدخالهن في جميع منشوراتي، فمعظم قرائي من جنس الرجال سيحبونني ما إن قرأوا هذا أسفله فعذراً أيتها النسوة.

فلنقُل إذاً ماذا تريد النساء في هذا الوطن الجميل؟

قصص كثيرة في هذا الوطن العجيب تبين أن المرأة فيه لا تكتفي بأن تناصف الرجل في بعض مجالات العمل بجدارة حيناً، والمجاملة في أحيان كثيرة، ولكنها تطمح إلى الحصول على امتيازات، وحرمانه من بعض الحقوق، ونساء كثيرات جداً فرادى وجماعات وجمعيات يناضلن لذلك.

لقد شاركت المرأة الرجل في كل مجالات الحياة فهيهات أن يأتي علينا زمان يتمنى فيه الرجل لو كان امرأة جميلة ورائعة الجمال، فاصبحن النساء الآن نساء حداثيات جداً أولئك المتأنقات، فيفضلن بدافع حداثي طبعاً أن يصعدن أدراج السلم قبل الرجل.

وما يثير الدهشة حقاً أن المرأة مع كل هذه الامتيازات التي كثيراً ما تكون ظلماً للرجل تصعد الحافلة، وهي تعلم أن لا مقعد فارغ، وترغب أن يتنازل لها رجل شهم عن مقعده لطبيعتها الأنثوية.

غريب أمر النساء في هذا البلد الجميل، تحب إحداهن العمل نهاراً لتفرغ ليلاً لشؤون البيت والزوج والأولاد؛ ليسهر الرجل في العمل كأنه ليس له منزل ولا أبناء يستحقون أن يهل عليهم مع وجبة العشاء؛ ليشاركهم الأكل والفرحة والضحك.

أما الحض على أن تَقَر المرأة في بيتها فليس معناه أن تسجن فيه، وأن تكون فيه رقيقة مسلوبة الحرية مسلوبة من كل معاني الحياة، ولكن معناه الصحيح أن البيت هو أقدس الأشياء، وأنه صومعة السعادة والحب، وأنه المصنع الذي تنشأ فيه التربية، معناه أن البيت ينبغي أن يكون له المقام الأول والمكانة العليا، معناه أن لا يتسكعن في الأسواق، إذا لم يكن لها حاجة تقضيها أم ملتمس تلتمسه.

لكن المصيبة التي أصبنا بها هي أن كل تجمّل تبدو به المرأة هو تبرج، في حين أن لا شك في أن التبرج يهدر كرامة المرأة وحشمتها أمر ممجوج ينبغي الإقلاع عنه؛ لأنه فضلاً عما فيه من احتقار لأذواق الناس فإنه يشير إلى معانٍ خفية في نفسية المرأة.

أنا لست ضد أحد من الجنسين، لكن أخاطب اللواتي لا يتقن سوى فن الحداثة تحت ذريعة المرأة المتحررة، بل لا ننسى أيتها النسوة أنه منذ نعومة أظافرنا ترعرعنا تحت كنف جدات لا يعرفن معنى الحداثة، ومع ذلك تربينا أفضل بكثير من بعض نساء اليوم.

فما فائدتكن إن لم تكنَّ شامخات الفكر والعلم وروح الوطن والدفاع عنه، بدلاً من التملق ونكران الشعب والوطن؟ وما جدوى أن يكون نصف البرلمان أو الحكومة من النساء إذا كان فيهن من ليست تستحق أصلاً للمنصب؟

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد