كثيرة هي الأخبار والمعلومات الصحية التي تنتشر هنا وهناك، وخصوصاً على صفحات فيسبوك أو غيرها عن علاجات سحرية قاتلة للسرطان.. وللأسف عند الاطلاع عليها من قبل باحثين، يدركون مدى التلفيق والكذب في نشر هذه المعلومات، وكأن عدد الإعجاب والتعليقات غدا أهم من حياة إنسان!
نحن لا ننكر أن الطبيعة غنية بكل المكونات التي هي دواء وقد عمل الأطباء والصيادلة القدامى على مداواة الناس بها، ولكن من تابع التاريخ وقرأ جيداً، يجد أن معظم الأمراض المستعصية والأوبئة لم يكن ينجع معها أي من الأعشاب والخلطات الدوائية، وكان علماؤنا القدامى من عمق معرفتهم في كافة العلوم ذوي حكمة ومخافة لله، فالمرض الذي يصعب شفاؤه يداوون مريضه بالدواء الذي يخفف أعراضه الجانبية الآخرى كتخفيف الآلام والقيئ وغيره.
وأي موضوع يتعلق بنوع من الأعشاب أو الغذاء توجد فيه مركبات مقاومة للسرطان قبل حدوثه، أو قد تساعد على استقرار الخلايا السرطانية وعدم انتشارها في المراحل المبكرة، ولكن سواء هذا أو ذاك يجب السؤال والبحث وعدم المبالغة في تناول هذه الأعشاب وعمل الخلطات الغريبة التي تؤذي أكثر من أن تساعد على الشفاء.
ولكن ومع تقدم العلم والمعرفة وازدهار التكنولوجيا، وتفاقم أنواع الأمراض وازدياد شراستها أصبح الكثير من الناس، المتخصص وغير المتخصص ينصب نفسه منبراً للتطبيب والمداواة، دونما أدنى حرص على صحة إنسان غدا يتعلق بقشة الشفاء.
فنجد كلمات وعناوين براقة ومرعبة تخطف عيون المريض المسكين وينطلق راكضاً إلى العطارين باحثاً عن تلك العشبة أو مستخلصات لم تحقق أقل.. المواصفات العلمية والصحية في استخلاصها.
ومن أهم هذه العناوين هي تلك الموجهة لمرضى السرطان!
كأن يقال الزنجبيل قاتل السرطان الفتاك والتفاح يفترس الخلايا السرطانية أو الثوم شفاء للسرطان 100% أو كربونات الصودا التي تستخدم بنسب قليلة في الطبخ غدت أيضاً قاتلة للسرطان! حتى حجار الشبّة أصبحت قاتلة للسرطان وتشفي الزهايمر!
أعشاب بمسميات غريبة وقد تكون مستخلصاتها سامة تشفي السكري، الذي عجز عن شفائه العلماء منذ العصور القديمة حتى الآن..
حتى بيوض الطيور كالخفافيش (علماً أنها لا تبيض) والهداهد أصبحت أدوية..
وما خفي كان أعظم!
الرجاء خافوا الله في معلوماتكم المنشورة، كفاكم قتلاً للبشر وكفاكم كذباً وتلفيقاً لتجنوا إعجابات وشعبية لصفحاتكم أو مجموعاتكم.
لا توجد عشبة أو نبتة أو حجر أو بيوض أو عظام تشفي الأمراض المستعصية!
في حال السرطان..
جميع الأعشاب المتعارف عليها والأغذية وغيرها هي وقاية للسرطان قبل حدوثه، لذلك من يحكم عقله يجد أن أجدادنا القدامى كانوا أقل إصابة بهذا المرضى لتغذيتهم السليمة والطبيعية.
ممكن أن تكون بعض الأعشاب التي ثبتت علمياً بالأبحاث المجربة على الفئران أولاً ثم على البشر أن تخفف من أعراض مرض السرطان، أو أن تساند العلاج الكيماوي في العلاج، وهذا فقط في الحالات المبكرة، وقد أثبتت دراساتٌ أهميةَ هذه المواد كعلاج مساعد فقط.
لكن للأسف في الحالات المتأخرة، والتي انتشرت فيها الخلايا السرطانية، تصبح هذه الأعشاب والنباتات من خضراوات وفواكه هي فقط تغذية مقوية للمريض.
آلاف العلماء في كافة أنحاء العالم، ما زالوا يعملون بجهد لعلاج السرطانات بأنواعها، فالسرطان ليس نوعاً واحداً فقط يا أطباء المنابر الكاذبة، بل هو أكثر من مئتي وخمسين نوعاً.
الرجاء ممن يقرأ أي عنوان مضيء لعلاج السرطانات وغيرها، التأكد من صدقها قبل نشرها، فلن ترضوا عن أنفسكم أن تكونوا مشاركين في زهق أرواح تعلقت بكلمات ( دَجَل وخزعبلات) شاركتموها وساعدتم على انتشارها.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.