إشكالية قص الشعر!

لكل امرأة تعيش هانئة البال في أسرة صحية ولديها مساحتها الشخصية وتنمي ذوقها الخاص وتسعى نحو هدف مشروع، أتمنى دوام هذه الحالة الجميلة التي أنت فيها وأتمنى أن يكون لك أولاد وبنات خاصة في المستقبل لتنمي فيهم نفس الاستقرار النفسي ونفس التطلع إلى غد أفضل مليء بالخير والحق والجمال.

عربي بوست
تم النشر: 2016/01/21 الساعة 06:59 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/01/21 الساعة 06:59 بتوقيت غرينتش

عندما غنى كاظم الساهر "قولي لهم أحبه قصيرا" في حديث عن الشعر كسر قاعدة مهمة:

الأم عندما تطلب منها ابنتها إذنا بأن تقص شعرها تجيب بالرفض وتقول "عندما تتزوجين قطعيه أو أحرقيه ما شي شغلي" وعندما تتزوج الفتاة وتطلب نفس الطلب يا ولداه تجاب بالرفض أيضا"! أنا لا أحب الشعر القصير.. الطويل أكثر أنوثة"..

هنا أيضا أتذكر مقطع الساهر "ما الحل؟"

الفتاة أيضا في مجتمعاتنا ليس لديها خيار أو لِفت حتى في اختيار ملابسها. المفروض أن تلبس طويلا وحجابا ونو ميك أب.. طبعا لو أرادت أن يُنظر إليها كفرد صالح في المجتمع. المجتمع الذي يتحرش بالمنقبات قبل غيرهن.

الأم عندما ترى ابنتها كحلت عينها بقليل من الآي لاينر، تعطي محاضرة طويلة عريضة عن كلام الناس وطبعا بعد الترهيب تأتي لمسة ترغيب وفسحة أمل "عندما تتزوجين افعلي ما تريدين" وبعد الزواج تكتفي بالصابون ماركة "دوف" في أحسن الأحوال إن أرادت أن تبقى متزوجة..

طبعا لا ننسى المشية الرسمية المتعارف عليها وهي مزيج من حثيث الكوماندوز الأمريكي ورزانة الحس الميتافيزيقي لأوبرا بحيرة البجع..

حتى في العمل يجب أن تحظى بموافقة رب العمل ولو أثيرت أي شائعة حول "استقامتها" فمن الممكن أن تطرد أو تستغل، على حسب نوعية رب العمل. رغم أن موظفا في نفس الشركة وله نفس رب العمل من المستحيل أن تدخل هذه الحسابات في النظر إليه، بل إن الكل يراه على أنه فلتة من فلتات عصره وأوانه وإن كان غير "مستقيم". ويبدأ الكل في مناداته "يا وحش" "يا ذئب".. غريبة!

على العموم من الممكن أن تدخل الفتاة المأسوف على شبابها في علاقة حب.. يا لطيف.. وبما أن الاثنين كتب لهما أن يولدا في بلد عربي فبالتأكيد الزواج بحد ذاته متطلباته كثيرة و"منين أجيب يا ابني" وبعد 7 سنين من الانتظار من الممكن والغالب أن تبدل الفتاة بنسخة معدلة أصغر بكل سهولة وطبعا المفروض أن تبتلع الصدمة في صمت.. وترضى بأي عريس يتقدم لخطبتها فقط لترضي والديها و"يرتاحوا" منها مع خالص الشعور بالمديونية والامتنان للاب والأم.

ملحوظة: أهم شيء رضا الوالدين طبعا لاف يو ماما وبابا والدنيا كلها.. عادي

ومن الممكن أن يغرر بها وتقع بغباء منقطع النظير في علاقة جسدية مع شخص تحت وهم "نحن سنتزوج والله اعلم بنيتي".. لتجد بعدها أن الشخص نفسه بعد ما مل منها ذهب هو ونيته أدراج الرياح!

فهو لن يتزوج امرأة "ارتكبت غلطة" معه!.. كأنه لم يرتكب أي خطأ وكأن الله أقامه خليفة في الأرض ليجرب من هي الفتاة التي لا تخضع ومن التي من الممكن أنت بذكاء وتحت عباءة الحب والوعود الكاذبة أن تجعلها تضع مستقبلها كله بين يديك. وطبعا أنت رجل لا يعيبك شيء تافه مثل الشرف.. الشرف منتج حصري للنساء فقط.

ضحايا الاغتصاب في وطننا لا مغفرة لهم في شيء خارج عن إرادتهن، لينضم جرح الانتهاك الجسدي إلى جرح "الفضيحة" الاجتماعية وجرح رفض الأسرة لها. بل من الممكن أن لا يصدقها أحد لتجد نفسها رقما جديدا لنساء تشردن في الشارع لنفس السبب. ليُختزل إنسان بأكمله عقلا وأحاسيس ومعرفة وعلاقات أسرية إلى جسد فقط. جثة غير مرغوب فيها..

رغم سوداوية هذه التجارب للعازبات، فالمتزوجات لسن أفضل حالا فمنهن من تعنف يوميا وبالقانون..

الزوجة المثالية يجب أن تكون ربة بيت ممتازة وموظفة ذات دخل محترم و"أنثى".. على العموم مع الاجتهاد وساعات من العمل داخل وخارج البيت يأتي الزوج "اللطيف" ويطالب بالعيش والصينية والكرامة الزوجية في عجالة غالبا بينما يستلقي على الأريكة يقلب بين المحطات الفضائية والجملة الشهيرة "اليوم كان يوما صعبا جدا يجب أن أستريح قليلا عندما يجهز العشاء ناديني". كأن العبدة لله مصنوعة من بلاستيك مثلا أو أن تكوينها لا يسمح بالشعور بالتعب. وعادة بينما الزوجة منهمكة في الواجب الوطني اليومي طبعا الحالة المعنوية زفت.. البدنية زفت.. وطبعا كأي كائن بشري أو حتى غير آدمي يقوم بكل ذلك الجهد فمن الطبيعي أن تظهر علامات التعب والإرهاق على محاياها.. وهنا تكمن المشكلة، فالزوج في أثناء كل هذا كان يقلب عينيه بين هيفاء وشيلاء وجيداء ولميس وهاميس وأنجيلينا و.. و.. ويا سلام إن كانت قناة ميلودي من بين الغنائم. حين يقتلع عينيه من الشاشة على حس الأكل يرى كائن خائر القوى تماما ومن الممكن أن تجيز لها رصاصة الرحمة، هذا على الأقل سيوفر عليها عناء المواعين. ومن ثم نظرات "أنا مش شايف قدامي أيتها ست" وبعد كل هذا هي مطالبة بأن تكون "أنثوية".. مكانشي يتعز يا حبيبي.

بعد سنوات متكررة من نفس المسخرة ومن عدم إبداء أي نوع من التعاون من الزوج عادة يأتي حلان: زواج بارد وصوري المهم الاسم متزوجة والمهم الأولاد. يا إما طلاق..

الطلااااااااق يا سادة يا كرام هو البعبع لأي امرأة عربية لأن المجتمع يصنف المرأة على أنها فاشلة. وطبعا تسمعين نشيد "لو كان فيها خير لبقيت في دار زوجها" وطبعا لا داعي للتذكير بالعذااااااب الذي تمر به في سبيل الحصول على بطاقة الخلاص، هذا غير ضغط الأم والأب والأصدقاء والغرباء حتى ولا تنسي البقال لأن الكل يريد مصلحتك.. ملائكة ما شاء الله.

وطبعا حزب الأغلبية من النساء المتزوجات غير العاملات.. اللائي واللاتي تم اختيارهن خصييييييصا لأنهن لا يعملن.. وذوات تعليم 50/50 من أجل أن يرتاح الزوج من غلبة المرأة المثقفة التي لا يستطيع أن يلتف حول عقلها بسهولة.. هؤلاء الطلاق في حالة استحالة الحياة الزوجية لأي سبب كان بمثابة عملية انتحارية، أولا الأهل يرفضون عودتها لأنهم لم يزوجوها من أجل أن تعود إليهم أما إذا كان لديها أطفال فالحل الوحيد أن تتخلى عنهم للزوج لأن الأهل قد يتقبلونك على مضض لكن أنت وعيالك؟.. نو ثم نو. وبما أنها لا تعمل فإمكانية الاستقلالية بنفسها مهمة شبه مستحيلة ويجب أن تضع في ذهنها إمكانية أن يعاد سيناريو فيلم "الجراج" وتعمل خادمة.. وأمام هذا السيناريو المخيف تبتلع المسكينة ذلك الحلم بالخلاص وتستعيذ بالله من الشيطان الرجيم وتفتح التلفزيون على قناة الإم بي سي مسلسل ليث ونورا.. وأعطيها "هاااااااااح"..

وبعد سنوات تربي هذه الفتاة فتاتها بنفس الأسلوب التي تربت هي عليه، هي لم تعرف غيره ولم تستطع أن تغيره.. استسلمت له وأصبح جزءا منها وبالتالي عندما تتمرد ابنتها على هذه التعاليم تقابل أيضا بالرفض.. المرأة عدوة نفسها والإنسان اليائس الضعيف يخشى من قوة الغير حتى لو كانوا من صلبه. ويخشى من التغيير لأنه لا يعرفه ولم يستأنس به ويخشى من حرية الكلمة لأنها حلم غريب تعوَّد على مدى سنين أن يتناسى حلاوتها.

طبعا هناك نساء يستحققن الضرب بالقباقيب، شجرة الدر ستايل. منهن المشجع الرسمي لفريق كرة النكد والطماعة والانتهازية والباردة الدم والإحساس والمتسلطة والأمثلة كثيرة، وعادة يا سبحان الله هؤلاء النسوة يتزوجن رجالا محترمين يقدسون الحياة الزوجية.. اللهم لا اعتراض!

وإذا نظرنا للحركات النسائية نجد أنها لم تضف للمرأة الكثير ومن هنا أطالب بالآتي:

أي علاقة تستمر لسنين وتفسخ لسبب غبي أو دنيء من طرف الرجل يجب أن يدفع مبلغا على كل شهر في تلك العلاقة كغرامة وكرادع لكل من تسول له نفسه اللعب ببنات الناس. ولا تدفع المرأة أي مبلغ في حالة أن الفسخ منها لأنهما في مجتمع ذكوري والرجل لا يعيبه شيء بيد أن المرأة كلها عيوب. استعمال كلمة "بيد أن" يشعرك أنك مثقف.

لأي شخص يسأل أي فتاة "لماذا لم تتزوجي حتى الآن غرامة و20 جلدة لأن السؤال يتضمن التشكيك في قضاء الله وقدره بالإضافة إلى جرعة زائدة من الفضول غير الصحي ونزعة إلى نشر عقد النقص لدى الضحية.

لأي رجل يتفرج على عروض فيكتوريا سيكريت ويقول "هؤلاء هن النسوة الحقيقيات" دورة تدريبية في الحياة وأصول الدين مع صور فيكتوريا ذات نفسها بدون مكياج بعد يوم شاق من الهاوس وورك.

أي متحرش يحبس شهرا في قفص في حديقة الحيوان والعامة من كافة طوائف الشعب تتفرج عليه كفصيلة حيوانية دونية عن باقي الحيوانات النبيلة.

أي قاض يحاول أن ينقذ ابن جلدته من الحبس ويقنع الزوجة أن "تصبر هذه المرة" يعزل من منصبه لأنه لا يعرف شيئا عن العدل.

أي رجل يحاول أن يبرر أن التحرش سببه طريقة لبس الفتاة سيتم إعطاؤه أسبوعا من التخفي كفتاة بأي لباس يريد وحينها فليأتينا بالدليل على صحة قوله.

أي شخص يقول عن أي امرأة إنها عانس، غرامة مالية ودورة تدريبة سواء كان ذكرا أو أنثى لأن المرأة ليست علبة سردين تنتهي فترة صلاحيتها عند وقت معين.

هذه الإجراءات لو طبقت فمن الممكن أن نخلق بصيص أمل.. رغم أن جملة "بصيص أمل" أصلا جملة مستهلكة ومن كثرة ما امتهناها أصبحت لا توحي بأي أمل!

وياحبذا لو يكتب في الدستور:

إن لكل أنثى الحق في التصرف المطلق في خصلات شعرها بالقص أو الصبغ أو الحرق حتى.

لكل امرأة الحق في رفض أو قبول أي عريس بدون أي تدخل من جهة أجنبية أو وصاية حزب الناتو.

لكل امرأة الحق في الطلاق والعيش بعده كإنسان كامل الأهلية لا تسقط عنها كل ما اكتسبته من مكاسب وحقوق كفرد صالح في المجتمع. وأي شخص يعاملها بغير ذلك فهو مواطن لا مؤاخذة ميت أخلاقيا ودينيا.

لأي امرأة الحق بالتمتع بما خلق الله من مناظر طبيعية بدون أن يكدر صفوها أي من الكائنات غير الطبيعية.

في النهاية:

لكل امرأة تعيش هانئة البال في أسرة صحية ولديها مساحتها الشخصية وتنمي ذوقها الخاص وتسعى نحو هدف مشروع، أتمنى دوام هذه الحالة الجميلة التي أنت فيها وأتمنى أن يكون لك أولاد وبنات خاصة في المستقبل لتنمي فيهم نفس الاستقرار النفسي ونفس التطلع إلى غد أفضل مليء بالخير والحق والجمال.

ولكل امرأة لا تنعم بنفس هذه البيئة أتمنى أن نجد أنا وأنت سلامنا الداخلي لنستمر في أن نحلم بغد أفضل ولو كان ليوم واحد.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد