6 حالات طلاق في الساعة.. ظاهرة تهدد المجتمع الجزائري

بمجرد أن تنهي حديثا قصيرا لمدة دقيقتين على الهاتف مع أحد أصدقائك، تكون قد انتهت قصة زواج في ساحات المحاكم الجزائرية، فإحصائيات المرصد الجزائري للمرأة سجلت 60 ألف حالة طلاق في 2014، ما يعني 166 حالة طلاق يوميا، أو 6 حالات للساعة.

عربي بوست
تم النشر: 2015/09/17 الساعة 01:29 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2015/09/17 الساعة 01:29 بتوقيت غرينتش

بمجرد أن تنهي حديثا قصيرا لمدة دقيقتين على الهاتف مع أحد أصدقائك، تكون قد انتهت قصة زواج في ساحات المحاكم الجزائرية، فإحصائيات المرصد الجزائري للمرأة سجلت 60 ألف حالة طلاق في 2014، ما يعني 166 حالة طلاق يوميا، أو 6 حالات للساعة.

حالات زواج كثيرة انتهى بعضها بعد أيام قليلة، والتي استمرت أكثر من ذلك غالبا ما تكون نتيجتها أطفالا يحرم غالبيتهم من الدفيء الأسري بغياب الأب، حيث تعهد المحاكم في العادة إلى الأم بتربية الطفل حتى بلوغه سن الـ18.

"عربي بوست" تحدثت إلى عدد من المطلقين، كما توجهت لأحد الخبراء النفسيين في محاولة للكشف عن أسباب الظاهرة، التي تهدد المجتمع الجزائري وتخلق جيلا من الأطفال قد يكون مستقبلهم هو عالم الجريمة حسب الخبراء.

اتهام بالسرقة.. والنتيجة طفل رضيع

شعبان، شاب في عقده الثالث، قرر أن ينفصل عن زوجته ذات الـ22 ربيعا، قبل شهر واحد عن ميلاد ابنهما الأول، "8 أشهر كانت كافية، للاحتفاظ فقط بالذكريات الجميلة والحزينة بيننا".

عن هذه الذكريات يقول شعبان "لم يتبقى لي من زواجي ما أذكر سوى بذلة ليلة العرس، وكنت أشعر أني أسعد إنسان في العالم حينذاك"، وقبل أن يستطرد ظهرت على وجهه ابتسامة ساخرة، وقال "ابني من روحي ودمي سيظل الشاهد الأزلي على زواجي الذي اعتبره خطأ ارتكبته".

ثم يمد يده إلى جيبه، ليظهر صورة ابنه الرضيع على شاشة هاتفه النقال.

يختصر شعبان قصته الطويلة قائلا "عشت الـ6 أشهر الأولى في سعادة وهدوء، قبل أن تنقلب علي الأمور رأسا على عقب، حيث تغيرت زوجتي كثيرا وباتت تهاجمني بتحريض من أحد أقاربها، صبرت كثيرا، لكنها اتهمتني فيما بعد بسرقة بندقية صيد من بيت قريبة لها، فقررت طلاقها فورا".

شعبان أكد أن التهمة التي وجهتها له زوجته تعتبر جنائية، وكان مهددا بالسجن 10 سنوات، مضيفا أنها اعتذرت فيما بعد وحاولت العودة للبيت، لكنه رفض.

شهرين .. خلع وفرار من الجحيم

يعطي أحد فصول القانون الجزائري المتعلق بحماية المرأة والطفل، الحق للمرأة المتزوجة أن تتقدم للقضاء بطلب الخلع بعد تقديم تبرير مقنع، وقد سمح هذا الفصل لزوجات كثيرات "بالتخلص من أزواجهن، لمشاكل عدة".

"أمينة" (اسم مستعار)، عمرها 24، واحدة من اللاتي قررن النجاة من "جحيم الحياة الزوجية"، على حد تعبيرها.

قالت أمينة إن الشهر الأول من الزواج "مر عليها بمقدار سنة"، لأنها اكتشفت في شريك حياتها، شخصا آخر غير ذاك الذي جمعتها به قصة حب 4 سنوات كاملة كانت تشعر خلالها بأنها أميرة.
تقول أمية "لكنني اكتشفت خلال شهر واحد معه أنه مدمن مخدرات، وأن كل ما أخبرني به عن عائلته كذب".

أمينة لم تستطع أن تستمر في العيش مع زوجها تحت سفق واحد، وتوجهت إلى المحكمة وطالبت بالخلع، وهو ما اعتبرته "نجاة من الجحيم".

غير أن زواج أمينة الذي لم يستغرق سوى شهرا واحدا نتج عنه ابن حملته إلى منزل عائلتها، وتقوم الآن على تربيته برفقة أمها، فيما تسمح لطليقها بزيارة ابنه نهاية كل أسبوع، حسب القانون.

الأطفال هم الضحية

شهدت سنة 2014، ميلاد حوالي 1.014 مليون طفل جديد في الجزائر، وبالنظر لحالات الطلاق المبكر المرتفعة، فإن ما يقارب 100 ألف طفل محرمون من الحياة مع الوالدين مجتمعين.

المحامي الجزائري برهان حمامة يدق ناقوس الخطر، قائلا إن الطلاق المبكر "أصبح ظاهرة منتشرة للغاية، وباتت مخيفة وتهدد المجتمع الجزائري بالتفكك"، حسب تعبيره.

يقول المحامي حمامة "إن عددا كبيرا من قضايا الطلاق المبكر ترد بشكل يومي إلى مكتبه، ويعتقد أنها "ستضرب الأسرة الجزائرية في الصميم، حيث إن آلاف الأطفال يكبرون بعيدا عن رقابة الوالدين".
ويبدي حمامة تخوفه من هذا الأمر، معتبرا أن أطفال المطلقين سيتأثرون نفسيا بوضعهم الأسري وهو ما سيؤثر على سلوكهم، حتى وإن كانوا يعيشون مع أحد الأبوين.

أسباب الطلاق وسيكولوجية الطفل

يعتقد المختص في علم النفس العيادي، بويحية وحيد، أن هناك مسببات كثيرة، تقف وراء الطلاق المبكر.

ويؤكد وحيد أن سبب الطلاق المبكر في المجتمع الجزائري يكمن فيما يسميه بعدم "النضج العاطفي" الذي يسبب هشاشة في رابطة الزوجية، "ويجعلها عرضة للطلاق قبل أن تبدأ".

المختص في علم النفس العيادي أضاف هو الآخر أن الأطفال هم الخاسر الأكبر من الانفصال، "فالطفل في أعوامه الأولى يكون في حاجة ماسة لعناية الوالدين، ولا يمكن لأي بديل عاطفي آخر أن يعوض ذلك".

نفس المتحدث أفاد أن "الأطفال الذين ينشؤون محرومين من دفئ الأسرة، سيعانون من اضطرابات نفسية واجتماعية، وقد يميلون إلى العنف والمخدرات والهدر المدرسي".

وأمام ندرة المؤسسات المتخصصة في رعاية هؤلاء، يرى الخبير في الطب النفسي، أن الدولة التي لم تتحمل عبئهم وهم صغار، ستتحمل مشاكلهم كبارا، من خلال مركز إعادة التربية (السجون).

تحميل المزيد