من بينها “البرج وحكاية مفتاح”.. 4 أفلام رسوم متحركة تشرح القضية الفلسطينية

عربي بوست
تم النشر: 2023/12/20 الساعة 12:29 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/12/20 الساعة 12:29 بتوقيت غرينتش
4 أفلام رسوم متحركة تشرح القضية الفلسطينية/ shutterstock

تعتبر القضية الفلسطينية من أهم المواضيع والقضايا العربية التي يطمح الآباء إلى تعريفها لأبنائهم، إلا أن الأساليب والطرق تختلف من أسرة إلى أخرى، خلال فترة الطفولة يقضي الأطفال معظم أوقاتهم في مشاهدة الرسوم المتحركة، إذ تساهم في خلق صورة للطفل عن موضوع معين بشكل يتناسب مع عمره.

لهذا قرر مجموعة من المخرجين أن يلتقطوا لحظات الحقيقة والعنف التي يعيشها الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال الإسرائيلي من خلال لغة فنية مبتكرة: الرسوم المتحركة. 

استطاع هؤلاء المبدعون من خلال أعمالهم السينمائية أن ينقلوا ببراعة عبء الحياة اليومية للمواطن الفلسطيني، كاشفين بشكل مؤثر عن المآسي التي يتعرض لها الفلسطينيون والمجازر التي يرتكبها الاحتلال في أرضهم.

من خلال استخدامهم لتقنيات الرسوم المتحركة، قدم هؤلاء المخرجون لوحات حية تظهر حياة الفلسطينيين وتكشف عن قوة المقاومة. تفتح أعمالهم نافذة على الواقع الفلسطيني، مسلطة الضوء على الهوية الوطنية وروح المقاومة التي تسود بين صفوف الشعب.

من بين الأفلام التي لفتت انتباه الجماهير، يظهر واضحاً تأثير هذه الأعمال في إيصال رسالة مؤثرة ومتوازنة حول الظروف الصعبة التي يواجهها الشعب الفلسطيني. تأتي هذه الأفلام كمحط إبداعية فنية تساهم بقوة في نقل الحقيقة والوعي حول القضية الفلسطينية إلى العالم.

من بين أشهر أفلام الرسوم المتحركة التي تطرقت إلى القضية الفلسطينية نجد: 

"البرج" فيلم يحكي قصة النكبة 

فيلم السوم المتحركة "البرج" لسنة 2018 يقدم رحلة فريدة تتناول القضية الفلسطينية من منظور إبداعي؛ حيث يعكس تأثير النكبة الفلسطينية في حياة الأجيال المتعاقبة. يتمحور الفيلم حول شخصية الطفلة "وردي" التي تسعى لاستعادة الأمل لجدها الذي فقد الأمل في العودة إلى وطنه. 

يختار جدها إعطاءها مفتاح منزلهم في فلسطين، ما يدفعها للتسلق على البرج الذي تعيش فيه والتعرف على قصص أفراد أسرتها.

تستعرض الأحداث 4 أجيال من الأسرة، بدءاً من الجد الذي نُفي عن أرضه خلال النكبة في أواخر الأربعينيات، وصولاً إلى الجيل الرابع الذي يعيش في المخيمات. يتنقل الفيلم بين الماضي والحاضر باستخدام تقنيات متقدمة مثل "التوقف" و"ثنائية الأبعاد"، ما يبرز التفاصيل والتغيرات على مر السنين.

المخرج النرويجي ماتس جرورد قرر أن يعيش في مخيم برج البراجنة في لبنان لمدة عام كامل لفهم حياة اللاجئين الفلسطينيين عن كثب. يركز الفيلم على تفاصيل الحياة اليومية، الطعام، التخطيط للمستقبل، ومفهوم "مفتاح العودة للوطن".

"البرج" يسلط الضوء على قصص متنوعة ومتضاربة، بدءاً من التحديات التي واجهها الجد لطفي الذي كان جزءاً من المقاومة، إلى تفاصيل حياة العمة حنان التي تفضل مواجهة القصف بشجاعة. ينتقل الفيلم بمهارة بين الشخصيات، مما يعكس مجموعة واسعة من المشاعر، بين الإحباط والانسحاب والمقاومة.

بشكل عام، يعتبر "البرج" عملاً فنياً استثنائياً يسلط الضوء على التجربة الإنسانية في ظل النزوح والصراع، ويرفع الستار عن قضية اللاجئين الفلسطينيين بشكل يلامس القلوب، دون التركيز الكبير على الجوانب السياسية المباشرة للصراع الإسرائيلي- الفلسطيني.

إنتاج فلسطيني.. "خيال الحقل" 

في قلب قطاع غزة، حيث يعاني أهله من الظروف الصعبة وأزمة انقطاع التيار الكهربائي، قررت مجموعة من المتدربين على إنتاج الرسوم المتحركة تحدّي الصعوبات وصنعوا فيلماً كرتونياً فريداً بعنوان "خيال الحقل". يعد هذا العمل الفني الأول من نوعه في فلسطين.

الفيلم يروي قصة ريما، طفلة فلسطينية فقدت والديها في حادث سير، وتركا لها فزّاعة في حقل الذرة. يأتي "خيال الحقل" ليجسد معنى فقدان الإنسان لشيء يملك له ذكريات عميقة. يعتبر هذا الفيلم خطوة جريئة نحو إحياء السينما الفلسطينية وتأسيس صناعة تعتمد على الإبداع الشبابي.

نور الخضري، مديرة الإنتاج في وحدة "زيتون" للرسوم المتحركة في غزة، أكدت أن الفيلم يعكس الجهد الكبير الذي بذله المتدربون رغم الظروف الصعبة. بدأ العمل على الفيلم من خلال مشروع تدريبي تم تمويله من مركز تمويل المؤسسات الأهلية والبنك الدولي. 

الفيلم ثلاثي الأبعاد، رغم التحديات الكبيرة، يعتبر "خيال الحقل" محاولة لصناعة أفلام التحريك داخل قطاع غزة، ويمثل خطوة مهمة لرسم الهوية الفلسطينية وتسليط الضوء على التراث الثقافي.

رغم الصعوبات التي واجهها الفريق، فإنه تمكَّن من إنتاج عدة أفلام تجريبية خلال فترة التدريب. وفي ظل قلة الإمكانيات والتمويل، يعد هذا الفيلم إنجازاً مهماً يفتح أفقاً لصناعة السينما في المستقبل.

أفلام الرسوم المتحركة.. "حكايات مفتاح"

وسط ظروف المعاناة الشديدة وتعقيدات الحياة في غزة، نجحت شركة فلسطينية محلية صغيرة في تحقيق إنجاز بارز عبر إنتاج أول فيلم كرتون يتناول نكبة فلسطين. يروي فيلم "حكاية مفتاح" أحداثاً حقيقية استمدتها المؤلفة من روايات جدتها عن مأساة قرية فلسطينية مهجرة في عام 1948.

الفيلم، الذي يمتد لمدة 35 دقيقة، يتميز بتقديم رؤية واقعية لِدفاع رجال القرية عن أرضهم ببسالة رغم قلة الإمكانيات وضعف السلاح. المؤلفة وكاتبة سيناريو الفيلم، أمية جحا، تؤكد أن قضية حق العودة للفلسطينيين تنعكس في رسوماتها، مع التركيز على تثقيف الأطفال وتوعيتهم بقضاياهم الوطنية.

تكمن قوة الفيلم في استخدامه لشخصية المفتاح كبطل محوري، حيث يعيش مع الأطفال ويمثل رمزاً وإرثاً يجسد حق العودة. يناقش الفيلم أهمية رؤية المفتاح ككائن حي يحمل رمزية خاصة، تحفز الأطفال على الحفاظ على هويتهم وتاريخهم.

فيما عبَّرت منتجته من خلاله عن أملها في أن يلقى الفيلم إعجاب القنوات الفضائية التي تسعى لتقديم مواد تثقيفية للأطفال. 

تأخذ مشاهد الفيلم الصغار في رحلة مع "علي وهند"، حيث يستمعان إلى قصص جدهما كل ليلة، لكن الليلة التي تغير فيها على الموازين، ينطلق المفتاح في رحلة تذكره بمأساة قريته "المحرقة" وكيف دخلها الأعداء لتحول حياتها إلى كابوس.

يعبر هذا الإنتاج الفني عن أمل الفلسطينيين في إحداث تأثير إيجابي وتوعية للأجيال الصاعدة حول قضيتهم الوطنية، ويرسم لوحة واقعية تتحدث عن قوة الإرادة والثبات في مواجهة التحديات.

فيلم "فاتنة" لسنة 2009 

المخرج الفلسطيني الشاب أحمد حبش يختار الرسوم المتحركة لتقديم فيلمه الدرامي "فاتنة"، الذي يستمر لنصف ساعة، حيث يسلط الضوء على الوضع الصحي في قطاع غزة وتحديات المواطنين الفلسطينيين في رحلة البحث عن العلاج. 

الفيلم يتحدث عن قصة فتاة من غزة تعاني من سرطان الثدي، ويكشف عن صعوبات الحصول على العلاج بسبب ضعف الإمكانيات الطبية والتحديات التي تواجهها.

حسب وكالة رويترز، يقول حبش، الذي حاز درجة الماجستير في فن الرسوم المتحركة، إن الفيلم يستند إلى قصة حقيقية استمر العمل عليها لمدة سنة ونصف. يركز الفيلم على رحلة الفتاة في البحث عن العلاج، ويقدم صوراً من واقع حياة غزة في الفترة بين 2005 و2006، بما في ذلك انقطاع الكهرباء والمسيرات وإغلاق الحدود.

تُظهر المشاهد الكوميدية السوداء في الفيلم العديد من التحديات التي تواجهها الفتاة في رحلتها، من تشخيصات طبية غير صحيحة إلى تحديات العبور عبر حاجز إيرز. يقدم الفيلم صورة دقيقة لتلك الظروف الصعبة، مع التركيز على المعاملة الإنسانية التي تلقتها الفتاة في المستشفى الإسرائيلي.

تعكس اختيار الرسوم المتحركة حرية أوسع للتعبير، ويعتبر حبش أن هذا الاختيار يمنح المخرج فرصة لتقديم فكرته بشكل أفضل. يطمح المخرج إلى مشاركة فيلمه في مهرجانات دولية وعرضه على القنوات التلفزيونية.

تحميل المزيد