يقلق بعض الآباء من تعريض أطفالهم لقضايا مثل العنصرية والتمييز في سن مبكرة. وقد يخجل الآخرون من الحديث عن شيء قد لا يفهمونه هم أنفسهم تماماً أو لا يشعرون بالراحة في مناقشته.
لكن الوعي بأهمية مناقشة المواضيع الحساسة مع الأطفال كالموت والطلاق والتربية الجنسية يزداد يوماً بعد يوم. كما أن العديد من برامج الأطفال والأفلام الكرتونية والكتب والقصص كذلك أصبحت تطرح هذه المواضيع بطرق مبسطة وسهلة الفهم.
وبينما لا يوجد نهج واحد يناسب الجميع للتحدث عن العنصرية والتمييز، إلا أنه كلما بدأ الآباء في وقت مبكر، المحادثة مع أطفالهم، كان ذلك أفضل.
تعرف معنا في هذا التقرير على كيفية شرح العنصرية والتمييز للطفل في سن مبكرة.
بدايةً، متى يبدأ الأطفال تمييز الاختلافات بين البشر؟
يشير موقع Healthy Children التربوي، إلى أن الأطفال يلاحظون الاختلافات الجسدية، مثل لون البشرة، منذ عمر 6 أشهر. وبالتالي يمكن أن يبدأ الأطفال بطرح أسئلة عن سبب اختلافها، في عمر لا يتجاوز ثلاث سنوات أحياناً.
وبحلول سن الخامسة، يمكن أن يُظهر الأطفال علامات التحيز العنصري، مثل معاملة الناس من مجموعة عرقية معينة بشكل أفضل من الأخرى، متأثرين بالبيئة من حولهم وما يشاهدونه ويسمعونه في الواقع ووسائل الإعلام أيضاً.
وبحلول سن الثانية عشرة، قد يصبح لدى العديد من الأطفال معتقدات راسخة قد يصعب تغييرها أو نفي صحتها.
لذلك، فإنّ تجاهل الموضوع أو تجنبه لا يحمي الأطفال، بل يتركهم عرضة للتحيز الموجود في أي مكان نعيش فيه.
كيف تتحدث مع طفلك عن العنصرية؟
عندما نتحدث مع الأطفال في وقت مبكر عن العرق والعنصرية، فإننا نساعدهم على فهم الاختلافات بين الناس واحترامها وتقديرها. ويؤدي هذا بدوره إلى زرع مشاعر التعاطف والرحمة تجاه الآخرين.
كما يشير موقع Kids Health التربوي، إلى أنه لا توجد طريقة "صحيحة" للتحدث مع أطفالك عن العرق أو العنصرية. تختلف طريقة الحوار اعتماداً على عرقك وجنسيتك وتجربتك الشخصية مع العنصرية. لكن فيما يلي، بعض الطرق المناسبة لتقديم مفاهيم المساواة والعنصرية لكل مرحلة عمرية:
الأطفال أقل من 5 سنوات
في هذا العمر، قد يبدأ الأطفال في ملاحظة الاختلافات في الأشخاص الذين يرونهم أو يلتقونهم، ويبدأون في الإشارة إليها والسؤال عنها.
غالباً ما يركز الأطفال في هذا العمر على لون البشرة والشعر. لذا، إذا سأل طفلك عن لون بشرة شخص ما، فيمكنك استغلالها كفرصة لتشرح له أن أشكال الناس وألوان أجسامهم مختلفة بالفعل بإختلاف المكان الذي وُلدوا فيه أو أصول عائلاتهم.
ويمكن أن تشرح مفهوم الأعراق المختلفة بأسلوب مبسط، مثلاً يمكن أن تخبر طفلك: "يأتي لون الإنسان مشابهاً للون والديه في كثير من الأحيان"، كما يوضح موقع اليونيسف.
ولكن من المهم أن تضيف أنه رغم الاختلاف الشكلي، فإننا جميعاً بشر متساوون تماماً.
إذا أشار أطفالك إلى أشخاص يبدون مختلفين بدافع الفضول، فلا تقم بنهرهم أو إسكاتهم وإلا فسيبدأون في اعتقاد أنه موضوع محظور.
الأطفال بين 6-11 سنة
يصبح الأطفال في هذا العمر أفضل في التحدث عن مشاعرهم، كما أن فضولهم للمعرفة يزداد ويصبحون أكثر رغبة في الحصول على إجابات لما يدور في رأسهم.
إضافة إلى أنهم يصبحون أكثر تعرضاً للمعلومات والمفاهيم المجردة أو المعقدة والتي قد يجدون صعوبة في معالجتها.
فقد يسمعون تعليقات أو حوارات عن العنصرية والاختلاف بين البشر في المدرسة وعلى التلفزيون وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، لذا فمن المهم مناقشة ما يعرفونه وما يسمعونه.
استخدِم أمثلة عملية من الحياة اليومية لمساعدة الأطفال في سن المدرسة على فهم ما قد يشعرون به إذا تعرضوا للتمييز أو العنصرية أو رأوا أحداً تعرض لها.
على سبيل المثال يمكن أن تسأل الطفل: "كيف سيكون شعورك إذا تمسك شخص ما بلعبة الأرجوحة ولم يمنح أي أطفال آخرين دوراً؟" أو "ما شعورك إذا رأيت طالباً يتنمر على طالب آخر ويقول له إن لونه ليس جميلاً؟".
يساعد طرح أسئلة مثل هذه على زيادة تعاطف الأطفال وإثارة شغفهم للدفاع عن الآخرين وعدم السكوت عن التنمر المبني على العرق أو غيره.
يمكن أن تبدأ بشرح مبدأ المساواة للطفل في هذا العمر عن طريق أمثلة بسيطة. على سبيل المثال، يمكن أن تخبر طفلك بأن حجم الطفل الآخر أو لونه لا يجعله أفضل أو أقل من غيره.
من المهم أيضاً أن تعزز دائماً أن جميع الناس يتشاركون صفة الإنسانية ويتساوون فيها، فلا يحق لطفلٍ لونه أبيض على سبيل المثال، أخذ طعام طفلٍ بشرته بنية أو أن يسلبه دوره في إحدى الألعاب.
الأطفال فوق 12 سنة
المراهقون قادرون على فهم المفاهيم المجردة بشكل أكثر وضوحاً والتعبير عن آرائهم. وقد يعرفون أكثر مما يعتقد الآباء حول أمور كثيرة عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي والأفلام والإعلام.
ابحث عن فرص مثل الأحداث في الأخبار لإجراء محادثات مع أطفالك حول العنصرية. اسألهم عن رأيهم وعرّفهم على وجهات نظر مختلفة لتوسيع نطاق فهمهم.
من المهم أيضاً أن تشجع طفلك على التعرف على ثقافات وأشخاص متنوعين من أعراق مختلفة. يساعد تكوين مثل هذه العلاقات في وقت مبكر، على تقليل التحيز وتشجيع مزيد من الصداقات بين المجموعات.
يمكنك أيضاً اختيار كتب وأفلام تروي قصص أشخاص وحضارات مختلفة لتعريف طفلك على ثقافات أخرى وتوسيع فهمه للتنوع.
بإمكانك أيضاً بعد سن الثانية عشرة البدء بالتحدث عن العنصرية التاريخية، على سبيل المثال، العبودية والنضال المستمر من أجل العدالة الاجتماعية.
يمكن أن يساعد فهم التاريخ في تفسير معاملة بعض الناس أحياناً بشكل غير عادل بسبب لون بشرتهم. كما أن العودة لأحداث تاريخية مختلفة تعلّم الطفل مبادئ الإنصاف والمساواة.
يمكن أن تستعين بالكتب والقصص وحتى البرامج التعليمية الموجهة للأطفال والتي تناقش هذه المبادئ.