تفاقمت أزمة المجاعة لدى سكان محافظتي غزة وشمال القطاع الذين يعيشون في ظروف قاسية ومروعة بسبب استمرار العدوان الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وباتت تهدد حياتهم بشكل فظيع جرّاء الحصار المشدد في إدخال المواد الغذائية والمعيشية الأساسية.
وفي 7 يونيو/حزيران الجاري قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" إن 9 من بين كل 10 أطفال في غزة يعانون من نقص خطير في الغذاء، وإن سوء التغذية يزيد من الخطر على الحياة في القطاع.
ويعرّف الجوع بأنه حالة تعرّض الجسم لنقص شديد في الطعام لفترة طويلة، ما يؤدي إلى تأثيرات خطيرة على صحة الإنسان، حيثُ يمكن أن ينهك الجوع جسم الإنسان حتى يموت بسبب عدة آليات وتأثيرات.
فماذا يحدث لجسم الإنسان أثناء الجوع المطول؟ وما هي الآليات التي يستخدمها للحفاظ على وظائفه الأساسية؟ وكيف يمكن البقاء على قيد الحياة لفترة أطول عند المجاعة؟
ماذا يحدث للجسم أثناء الجوع؟
يعمل الجسم بالطاقة التي توفرها السعرات الحرارية الموجودة في الطعام الذي نتناوله. عندما تتوقف عن تناول الطعام، تبدأ أجسامنا في تفكيك أنسجتها الخاصة للحصول على الطعام، ما يعطل جميع العمليات الحيوية في أنظمتها. وهذا يؤدي إلى فقدان شديد في الوزن ويتسبب في فشل الأعضاء.
- اليومان الأولان بدون طعام
إليك ما يحدث لجسم الإنسان أثناء الجوع وفقاً لوقع healthline:
- تستغرق أجسامنا حوالي 24 ساعة دون تناول الطعام لتغيير كيفية إنتاج الطاقة.
- في الظروف العادية تقوم أجسامنا بتفكيك الطعام إلى جلوكوز، حيثُ يوفر الجلوكوز الطاقة للجسم.
- خلال الـ 24 ساعة الأولى بدون طعام، ومع استنفاد مخزون الجلوكوز لدينا، ستبدأ أجسامنا في تحويل الجليكوجين من الكبد والعضلات إلى جلوكوز.
- بحلول اليوم الثاني بدون طعام، يتم استنفاد الجلوكوز والجليكوجين. تبدأ أجسامنا في تحطيم الأنسجة العضلية لتوفير الطاقة. ومع ذلك، فإن أجسامنا مصممة للحفاظ على العضلات، وليس تحطيمها. لذلك توفر هذه المرحلة طاقة مؤقتة بينما يقوم التمثيل الغذائي لدينا بإجراء تحول كبير.
ولمنع فقدان العضلات المفرط يبدأ الجسم في الاعتماد على مخازن الدهون لتكوين الكيتونات للحصول على الطاقة، وهي عملية تعرف باسم الكيتوزية.
- ما هو الكيتوزيس؟
الكيتوزيس هو آلية الجسم لإنتاج الطاقة عن طريق حرق الدهون المخزنة بدلاً من الكربوهيدرات. تعتبر أجسام الكيتون هي المصدر الرئيسي للطاقة للدماغ في حالة غياب الجلوكوز، وهي تحافظ على وظائف الدماغ أثناء الجوع، وتعدّ الكيتونات بمثابة مركبات كيميائية صغيرة يتم إنتاجها في الكبد من تكسير الدهون.
ويعتمد الجسم على هذه الآلية عادةً في حالات معينة مثل:
- الصيام: عندما يمتنع الشخص عن تناول الطعام لفترات طويلة.
- النظام الغذائي القليل الكربوهيدرات: مثل نظام الكيتو.
- التمرين الشديد: عندما يستنزف الجسم مخزون الكربوهيدرات في العضلات.
ولا تعدّ الكيتوزيس حالة مرضية، بل هي حالة طبيعية يمكن أن تحدث في أوقات معينة. تُستخدم الكيتوزيس أيضاً كأسلوب لفقدان الوزن في الحميات الغذائية مثل حمية الكيتو التي تعتمد على تقليل الكربوهيدرات وزيادة الدهون لتحفيز عملية الكيتوزيس.
خلال ثلاثة أيام من المجاعة، يحصل الدماغ على 20% من الطاقة من الكيتونات، ويرتفع هذا العدد إلى حوالي 60% أثناء المجاعة الطويلة.
ماذا يحدث بعد الخمسة أيام الأولى بدون طعام؟
خلال الأيام الخمسة الأولى بدون طعام، قد يفقد الشخص 1-2 كيلوغرام من وزن الجسم كل يوم. يرتبط معظم فقدان الوزن هذا بالجفاف وعدم توازن الكهارل وهي معادن مشحونة كهربائياً، يمكن العثور عليها في سوائل الجسم المختلفة، مثل: الدم، والعرق، والبول. وتتمثل وظائفها الأساسية في تنظيم وظائف الجهاز العصبي، والحفاظ على رطوبة الجسم، وظيفة العضلات، ودرجة حموضة الدم.
على مدى عدة أسابيع من الجوع، عادةً ما تؤدي التغيرات في الجسم إلى تباطؤ فقدان الوزن إلى متوسط 0.3 كيلوغرام (0.7 رطل) في اليوم.
كلما زادت مخازن الدهون المتوفرة، كلما تمكن الشخص من البقاء على قيد الحياة لفترة أطول أثناء الجوع. بمجرد أن يتم استقلاب مخازن الدهون بالكامل، يعود الجسم بعد ذلك إلى تفكيك العضلات للحصول على الطاقة؛ لأنها مصدر الوقود الوحيد المتبقي في الجسم.
ستبدأ في تجربة أعراض سلبية شديدة خلال مرحلة المجاعة، حيث يستخدم جسمك احتياطياته العضلية للحصول على الطاقة.
وتشير دراسة في المجلة الطبية البريطانية إلى أن أولئك الذين يخضعون للإضراب عن الطعام يجب مراقبتهم عن كثب بحثاً عن الآثار الجانبية الشديدة للجوع بعد فقدان 10% من وزن الجسم أو أن يكون مؤشر كتلة الجسم 16.5 أو أقل، وتقول أيضاً إن حالات خطيرة جداً ستحدث عندما يفقد الفرد 18% من وزن جسمه.
لماذا تختلف فترة البقاء على قيد الحياة؟
عندما يُحرم جسم الإنسان بشدة من السعرات الحرارية، فإنه يبدأ في العمل بشكل مختلف لتقليل كمية الطاقة التي يحرقها. وإذا لم تتم استعادة التغذية، فإن المجاعة تؤدي إلى فقدان الحياة.
لا توجد "قاعدة عامة" صارمة وعامّة لتحديد المدة التي يمكنك العيش فيها بدون طعام. إلى حد ما، تعتمد الإجابة على الاختلافات والظروف الفردية. تعتمد المعلومات حول متوسط العمر المتوقع، والحالات الطبية الخطيرة.
مع عدم وجود طعام أو ماء، يُعتقد أن الحد الأقصى للوقت الذي يمكن للجسم أن يعيش فيه هو حوالي أسبوع واحد. مع الماء فقط، ولكن بدون طعام، قد تمتد فترة البقاء على قيد الحياة لمدة تصل إلى شهرين إلى ثلاثة أشهر.
مع مرور الوقت، يمكن أن يؤدي تناول الطعام المقيد بشدة إلى تقليل العمر الافتراضي.
هل يستطيع الإنسان أن يعيش 30 يوماً بدون طعام؟
نعم، من الممكن أن يعيش شخص ما 30 يوماً بدون طعام، على الرغم من أنه أمر مستبعد جداً، تشير بعض السجلات إلى أن الأشخاص قد عاشوا لمدة تصل إلى 61 يوماً، على الرغم من أن معظمهم يعيشون عادةً من 8 إلى 21 يوماً.
كيف يؤثر تناول الماء على مدة البقاء بدون طعام؟
مع تناول كمية كافية من الماء، يبقى بعض الأشخاص على قيد الحياة بدون طعام لأسابيع أو حتى عدة أشهر. يكون وقت البقاء على قيد الحياة أطول مع تناول الماء لأن الجسم لديه احتياطيات أكبر بكثير لتعويض الطعام من السوائل، سوف تتضاءل وظائف الكلى لديك في غضون أيام قليلة دون الترطيب المناسب.
كم من الوقت يمكنك البقاء على قيد الحياة قبل أن يقتلك الجفاف؟
عادةً، قد يبقى الشخص على قيد الحياة لمدة ثلاثة أيام فقط بدون ماء، ولكن هذا قد يتغير حسب احتياجات جسم الشخص، غير أنه لا يستطيع أحد أن يعيش أكثر من خمسة إلى ستة أيام بدون ماء.
بحسب موقع medicinenet يخضع جسم الإنسان للتغيرات التالية أثناء الجفاف:
- تلف في الدماغ
- الجفاف يقلل من مستويات الطاقة في الجسم ويجعلنا أكثر عصبية.
- تضعف وظائف المخ، ونفقد القدرة على أداء المهام الأساسية، وقد يتقلص الدماغ مؤقتاً إذا لم نشرب الماء.
- عندما يعاني جسمك من الجفاف، يرسل الدماغ إشارات إلى الكليتين للاحتفاظ بالمياه الزائدة في الدم بدلاً من طردها عن طريق البول. عندما يحتفظ الدم بالماء، يصبح البول شديد التركيز ويتحول إلى اللون الأصفر الداكن ذي الرائحة القوية.
- الصداع: سنصاب بالصداع إذا لم نشرب كمية كافية من الماء لأن الدماغ يبذل جهداً مضاعفاً لأداء وظائف الجسم الأساسية عندما نعاني من الجفاف.
- يؤدي نقص الماء إلى جفاف العين، ما ينتج عنه الشعور بألم شديد.
- الموت البطيء: إلى جانب المعاناة من الأعراض المذكورة أعلاه، إذا استمرينا دون شرب الماء، فإن أعضائنا، وخاصة الدماغ، تبدأ في التوقف عن العمل، ما يؤدي إلى آثار خطيرة مثل الإغماء والسكتة الدماغية وتراكم السموم، وقد نموت بعد ثلاثة إلى خمسة أيام دون شرب الماء.
كيف يمكن البقاء على قيد الحياة لفترة أطول عند المجاعة؟
في حالات المجاعة أو الحاجة للبقاء على قيد الحياة لفترة طويلة بدون طعام، هنا بعض النصائح التي قد تساعدنا على البقاء على قيد الحياة لأطول فترة ممكنة:
- البقاء على قدر كبير من السكينة والهدوء: الحفاظ على الهدوء يساعد في تقليل استهلاك الطاقة والسوائل ويمكن أن يعيننا على تقليل الاستجابة الضارة للتوتر الذي يؤثر بدوره على الجسم ويتسبب في ارتفاع ضغط الدم والسكري.
- تناول المياه بشكل معتدل: شرب المياه بشكل منتظم يمكن أن يساعد في تقليل خطر الجفاف، ويحثّ الأشخاص على البقاء قادرين على الحركة والبحث عن الموارد الغذائية.
- التقليل من النشاط الجسدي غير الضروري: الاحتفاظ بالطاقة هو أمر حيوي عندما يكون الجسم بدون طعام، لذا ينبغي تجنب النشاط الزائد والاسترخاء قدر الإمكان.
- البحث عن مصادر طبيعية للمياه والطعام إذا أمكن: تحديد مصادر المياه مثل الأنهار أو المستنقعات، والبحث عن النباتات البرية التي يمكن أن تكون غذاءً محتملاً (مع الحذر من النباتات السامة).
- الحفاظ على الحرارة الجسدية: تجنب التعرض للبرد الشديد أو الحرارة الشديدة، والحفاظ على الجسم دافئاً للمساعدة في توفير الطاقة.
- التعامل مع الشعور بالجوع بشكل ذكي: التركيز على الحفاظ على السوائل والتغذية الأساسية، مثل البروتينات إذا توفرت، وتجنب التأثر النفسي بالجوع.
- التعاون مع الآخرين: العمل بشكل جماعي يمكن أن يزيد من فرص البقاء على قيد الحياة لفترة أطول، حيث يمكن للفرق المتكاملة أن تعزز فرص العثور على الموارد والدفاع عن النفس.
- البحث عن المساعدة الطبية إذا كان ذلك ممكناً: الحصول على العناية الطبية عند الضرورة يمكن أن يساعد في التعامل مع التأثيرات الجسدية الخطيرة للجوع المطول.