مع نهاية شهر رمضان الكريم يعاني العديد من الأشخاص من مشاعر الحزن والاكتئاب، التي قد تنشأ بعد انتهاء هذا الشهر الفضيل، التي تسمى اكتئاب ما بعد رمضان.
فبينما قد تكون فترة رمضان مليئة بالنشاطات الدينية والاجتماعية والروحانية، فإن انقضاء الشهر يمكن أن يترك بعض الأثر النفسي على الأفراد، وقد يتجلى ذلك في زيادة مشاعر الحزن والاكتئاب.
تعتبر هذه الفترة محطة للتأمل والانعزال عن الأنشطة الاجتماعية التي كانت تميز فترة الصيام والعبادة. ومع تغيير الروتين اليومي وعودة الحياة الطبيعية، قد يجد البعض صعوبةً في التكيف مع هذه الأوضاع الجديدة.
بالتالي فإن فهم هذه الظاهرة والتعرف على الطرق التي يمكن أن تساعد في التغلب عليها يعد أمراً ضرورياً للحفاظ على الصحة النفسية والعافية بعد انتهاء شهر رمضان.
أسباب اكتئاب ما بعد رمضان
كما تمت الإشارة إليه سابقاً، فإن من أبرز العوامل التي تسهم في ظهور اكتئاب ما بعد رمضان اختلال ساعات النوم، حيث يتعرض الإنسان لنوم متقطع، أو تغيير في ساعات النوم، ما يسبب له الإرباك والتوتر النفسي.
كما أن انتهاء شهر رمضان يعني عودة الحياة لروتينها القديم، وهذا التغيير المفاجئ قد يسبب شعوراً بالحزن والاكتئاب، خاصةً بعدما كانت فترة الشهر الفضيل تجمع الأسرة على مائدة واحدة، وتملأ الأوقات بالسكينة والسلام الداخلي.
هناك سبب آخر، هو تغيير نمط الأكل والشرب، بعد العودة إلى نظام الأكل العادي، وهذا الأمر يؤدي إلى انخفاض مستوى السكر في الدم والتركيز، ما يسهم في ظهور أعراض الاكتئاب.
يمكن أن تزيد الضغوط الحياتية المتزايدة بعد انتهاء شهر رمضان من مشاعر الاكتئاب، خاصة إذا كانت هناك تحديات اقتصادية أو اجتماعية.
لذا يُصبح التحدي الآن هو كيفية التعامل مع هذا الاكتئاب وتجاوزه بفاعلية، بعد أن كانت الأمور تسير على نفس النظم والإيقاع لمدة شهر كامل.
أعراض اكتئاب ما بعد رمضان
يدخل اكتئاب ما بعد رمضان ضمن خانة الاكتئاب الموسمي، الذي يصيب الإنسان في مواسم معينة، والتي يكون فيها في حالة نفسية تتسم بالاستقرار والسعادة، من بينها العطلات، وخلال الرحلات والسفر.
وهناك مجموعة من الأعراض المشتركة التي تصيب الإنسان، والتي تجعله غير قادر على التكيف مع روتين الحياة الجديدة، وهي كالتالي:
حالة من الحزن الزائد: يشعر الأشخاص بمزيد من الحزن والكآبة بعد انتهاء شهر رمضان.
فقدان الشهية أو زيادة الشهية: قد يعاني البعض من تغيرات في الشهية بعد الانتهاء من الصيام، ما يؤدي إما إلى فقدان الشهية أو زيادتها بشكل غير طبيعي، وهو ما يؤثر على الحالة الصحية كذلك.
انخفاض الطاقة: قد يشعر الأشخاص بعد شهر رمضان بتعب وانخفاض في مستوى الطاقة بعد العودة إلى روتين الحياة العادي، الذي يحتاج نظاماً مختلفاً وطاقة أكبر خلال اليوم.
النوم الزائد: غالباً ما يختار الأشخاص الابتعاد عن شعور اكتئاب ما بعد رمضان عن طريق النوم الزائد، والبقاء في السرير لأطول فترة ممكنة بعيداً عن الناس.
العزلة: يفضل الشخص المصاب بالاكتئاب البقاء في مكان وحيد بعيداً عن الجميع، وذلك بسبب مزاجه المتعكر، وإحساسه غير المستقر في تلك الفترة التي تأتي بعد شهر رمضان.
طرق التغلب على هذه الحالة
باعتبارها فترة انتقالية مهمة يجب على الأفراد التعامل بعناية مع الانتقال من شهر رمضان إلى الحياة اليومية العادية، ومعرفة ما يمكن أن يعانيه خلال الأيام الأولى بعد شهر رمضان، من أجل إيجاد طرق تساعدهم على البقاء في وضع نفسي مستقر، وذلك للعودة إلى روتين الحياة بشكل صحي وسلس، دون آثار جانبية.
ومن بين الطرق التي يمكن اعتمادها من أجل التغلب على اكتئاب ما بعد رمضان نجد كلاً من:
الحفاظ على روتين حياة صحي، إذ من الضروري الحفاظ على نمط حياة صحي، بما في ذلك النوم الكافي والتغذية المتوازنة وممارسة الرياضة.
الاستمرار في العبادة والروحانية: حيث يمكن أن تساعد الصلوات والعبادات الروحانية بنفس الوتيرة التي كانت خلال شهر رمضان، في الحفاظ على السلام الداخلي والاستقرار العاطفي.
التواصل الدائم مع الآخرين: إذ من المهم البحث عن الدعم من الأصدقاء والعائلة في فترة ما بعد رمضان، للمساعدة في التغلب على المشاعر السلبية.
ملء أوقات الفراغ: ويُنصح بوضع برنامج خاص بعدة أنشطة مختلفة خلال اليوم، التي تزيد من الراحة النفسية، سواء أكانت أنشطة لها علاقة بالرياضة، أو التواصل الاجتماعي، أو الدين والعبادة.
التجديد في الحياة: عن طريق زيارة أماكن مختلفة وجديدة، واكتشاف أشياء لم تكن معروفة سابقاً، الشيء الذي يبعد أي فترة فراغ يمكن أن تسمح للشخص بالدخول في حالة اكتئاب ما بعد رمضان.