في تطور مثير في المجال الطبي، كشفت دراسة أجراها باحثون من معهد ليرنر للأبحاث، التابع لكليفلاند كلينك بالولايات المتحدة، عن مخاطر محتملة لتناول جرعات زائدة من فيتامين ب 3، المعروف أيضاً باسم "النياسين". وفقاً للنتائج التي نُشرت مؤخراً في دورية "نيتشر ميديسن"، فإن الإفراط في تناول هذا الفيتامين قد يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
حسب موقع "medicalnewstoday" الأمريكي، حدد الباحثون، بقيادة الدكتور ستانلي هازن، مدير مركز الميكروبيوم والصحة بكليفلاند كلينك، مركباً يُدعى "4 بي واي" 4PY ينتج عن تحلل النياسين الزائد في الجسم، ويعتقدون أن لهذا المركب صلة مباشرة بأمراض القلب.
وقد شملت الدراسة عينة من 2331 شخصاً، ووجدت أن واحداً من بين كل 4 أشخاص من المشاركين الذين عانوا من مشكلات في القلب والأوعية الدموية كانوا قد تناولوا كميات كبيرة من فيتامين ب 3، ما أدى إلى زيادة إنتاج الجسم لمادة "4 بي واي" الضارة.
هذه النتائج تسلط الضوء على أهمية الحذر عند تناول مكملات فيتامين ب 3 دون استشارة طبية، نظراً للآثار الجانبية الخطيرة المحتملة. يعد فيتامين ب 3 جزءاً من مجموعة فيتامينات ب، ويساعد في تحويل الطعام إلى طاقة. نظراً لكونه قابلاً للذوبان في الماء، لا يخزنه الجسم، ما يستلزم تناوله بانتظام ضمن النظام الغذائي اليومي.
ما هو النياسين "فيتامين ب 3″؟
النياسين، أو كما هو معروف بفيتامين ب 3، هو أحد الفيتامينات الذائبة في الماء والضرورية لصحة الإنسان. يلعب النياسين دوراً مهماً في العديد من الوظائف البيولوجية، بما في ذلك تحويل الغذاء إلى طاقة والحفاظ على صحة الجلد والأعصاب والجهاز الهضمي.
يمكن العثور على هذا الفيتامين في العديد من الأطعمة، بما في ذلك اللحوم، الأسماك، البقوليات، المكسرات، وبعض الحبوب الكاملة. كما تتم إضافته أحياناً إلى الأطعمة المصنعة.
نقص النياسين في النظام الغذائي يمكن أن يؤدي إلى حالة تعرف باسم البلاجرا، والتي تسبب أعراضاً مثل التهاب الجلد، الإسهال، الخرف، وحتى الموت في الحالات الشديدة. من ناحية أخرى، يمكن أن يؤدي تناول النياسين بكميات كبيرة جداً إلى آثار جانبية، مثل تلف الكبد ومشاكل في الجلد.
كما يستخدم فيتامين ب 3 أحياناً في الطب لعلاج بعض الحالات، مثل ارتفاع الكوليسترول، ولكن يجب استخدامه تحت إشراف طبي لتجنب الآثار الجانبية المحتملة.
أضرار النياسين على الجسم
على الرغم من أن الدراسات الأخيرة حول النياسين قد أكدت أن له بعد المخاطر التي قد تسبب الإصابة بأمراض القلب، إلا أن عدم الإكثار منه وتناوله بوصفة طبية قد تكون له آثار جانبية على صحة الشخص، من بين المنافع المعروفة على النياسين أو فيتامين ب 3 نجد:
- تحسين صحة الجلد: النياسين يساهم بشكل فعال في الحفاظ على صحة الجلد. يستخدم في علاج بعض الأمراض الجلدية مثل البلاجرا والأمراض الجلدية الالتهابية. يساعد في تقليل الالتهابات ويحسن مرونة الجلد، ما يجعله مكوناً مفيداً في بعض منتجات العناية بالبشرة.
- دعم وظائف الأعصاب: يلعب هذا الفيتامين دوراً مهماً في دعم وظائف الجهاز العصبي. يساعد في الحفاظ على سلامة الأعصاب ويمكن أن يلعب دوراً في تقليل الأعراض المرتبطة ببعض الاضطرابات العصبية.
- تعزيز الطاقة الأيضية: فيتامين ب 3 ضروري لتحويل الغذاء إلى طاقة. يساهم في عمليات التمثيل الغذائي في الخلايا، ما يساعد على إنتاج الطاقة اللازمة للجسم لأداء وظائفه.
- خفض مستويات الكوليسترول: يُستخدم أحياناً لتنظيم مستويات الكوليسترول في الدم. يمكن أن يساعد في خفض الكوليسترول الضار (LDL) ورفع مستويات الكوليسترول الجيد (HDL)، ما يساهم في صحة القلب والأوعية الدموية.
- الوقاية من البلاجرا: فيتامين ب 3 ضروري للوقاية من البلاجرا، وهو مرض ناتج عن نقص فيتامين ب 3. يظهر المرض بأعراض مثل الإسهال، التهاب الجلد، و الارتباك العقلي. التناول المناسب للنياسين يمنع حدوث هذه الأعراض.
أضرار النياسين على الجسم
رغم أن للنياسين منافع عدة كما سبق الذكر، فإن الإفراط في تناوله قد يصبح خطيراً على الجسم مع المدة، من بين الأضرار المحتملة حسب الأطباء نجد:
- التأثيرات الجانبية الشائعة: النياسين معروف بأنه يمكن أن يسبب احمرار الجلد، وهو عرض شائع، خاصة بعد تناول جرعات عالية. هذا الاحمرار عادة ما يكون مصحوباً بحكة أو إحساس بالحرارة. على الرغم من أن هذه الأعراض قد تكون مؤقتة، فإنها قد تكون غير مريحة للبعض.
- مشاكل الجهاز الهضمي: يمكن أن يؤثر فيتامين ب 3 سلباً على الجهاز الهضمي. الأعراض الشائعة تشمل الغثيان، الإسهال، وعسر الهضم. في بعض الحالات، قد يعاني الأشخاص من تهيج المعدة، خاصةً عند تناول النياسين على معدة فارغة.
- تأثيرات على الكبد: استخدام النياسين، خاصةً في جرعات عالية، يمكن أن يؤدي إلى مشاكل في الكبد. هذا يشمل ارتفاع إنزيمات الكبد وفي حالات نادرة، تلف الكبد. لذا، يُنصح بمراقبة وظائف الكبد عند استخدام النياسين لفترات طويلة أو بجرعات عالية.
- مشاكل الجلد: بالإضافة إلى الاحمرار، يمكن للنياسين أن يسبب مشاكل جلدية أخرى مثل الجفاف أو التهاب الجلد. في حالات نادرة، قد يحدث طفح جلدي أو تفاعلات حساسية.
- تأثيرات أخرى: من التأثيرات الجانبية الأخرى للنياسين انخفاض ضغط الدم، الدوخة، والصداع. كما قد يؤدي إلى تفاعلات حساسية في حالات نادرة، خاصةً لدى الأشخاص الذين لديهم حساسية تجاه فيتامين ب 3.
أمراض القلب ومستويات 4PY العالية
خلال الدراسة الأخيرة قام الدكتور هازل بدراسة بلازما الصيام من أكثر من ألف مصاب بأمراض قلب غير مستقرة، إذ اكتشف الباحثون على أثر ذلك أن المستويات المتداولة الأعلى من 4PY، كانت مرتبطة بقوة بتطور نوبة قلبية أو سكتة دماغية أو غيرها من الأحداث القلبية غير الصحية.
فيما وجدت الدراسة المجرات من قبل العلماء أن المستويات العالية من 4PY الموجود بالنياسين في الدم تنبئ بالإصابة المحتملة بأمراض القلب في المستقبل، الشيء الذي قد يساعد الأطباء مستقبلاً في علاج المرض قبل أن يُصاب به الشخص.
بالإضافة إلى ذلك وجد العلماء أن 4PY يؤدي أيضاً بشكل مباشر إلى الإصابة بالتهاب في الأوعية الدموية، ما يتسبب مع المدة في تلفها، بالإضافة إلى تراكم الترسبات على جدران الشرايين والتي تعرف بتصلب الشرايين، هذه الحالة تنتج عن ارتفاع نسبة الكوليسترول.
بالإضافة إلى ذلك كشفت الأبحاث أن النياسين الزائد يغذي الالتهابات ويعزز أمراض القلب والأوعية الدموية، فحسب نتائج حديثة هذا الارتباط بين أمراض القلب وفيتامين ب 3 قد يفتح المجال أمام العلماء لمعرفة كيفية الوقاية من هذا المرض قبل الإصابة به.
متى يجب التوقف عن تناول المكملات الغذائية؟
حسب نفس المصدر شرح الدكتور تشنغ هان تشين، طبيب القلب التداخلي المعتمد والمدير الطبي لبرنامج القلب الهيكلي بمركز Memorial Care Saddleback الطبي في لاجونا هيلز، تفاصيل دراسة جديدة تسلط الضوء على المخاطر المحتملة للنياسين، وهو دواء شائع لخفض الكوليسترول.
وفقاً للدكتور تشين، "تشير الدراسة إلى أن النياسين، خاصة مستقلبه المتحلل 4PY، قد يكون عامل خطر لأحداث القلب والأوعية الدموية الكبرى، بما في ذلك النوبات القلبية والسكتات الدماغية". كان النياسين يُستخدم سابقاً لخفض الكوليسترول، لكنه فقد شعبيته بعد دراسات أظهرت فائدة ضئيلة لصحة القلب والأوعية الدموية.
"هذه الدراسة تُعتبر مسماراً آخر في نعش استخدام النياسين في علاج أمراض القلب،" كما يقول الدكتور تشين.
يشدد الدكتور تشين على ضرورة إجراء المزيد من الأبحاث لفهم العلاقة بين جرعات مكملات النياسين وأمراض القلب والأوعية الدموية بشكل أفضل. ويحذر من تناول مكملات النياسين بشكل روتيني، مشيراً إلى صعوبة تجنب الأطعمة المدعمة بالنياسين، نظراً لانتشارها الواسع. يرى أن قضية إغناء النياسين قد تحتاج إلى إعادة النظر كجزء من السياسة العامة.