على إثر الغارات المكثَّفة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023 وترك آلاف الأطفال النازحين رفقة ذويهم في غزة من أحياء الشجاعية والزيتون والبلدة القديمة بيوتهم وتوجههم إلى مستشفى ومدارس حكومية غرب القطاع لا ملاذ لهم للترويح من الآثار النفسية للقصف عليهم سوى اللجوء إلى ترجمة مشاعرهم على الورق، علّهم بذلك يتناسون مأساتهم ويسترقون من الحرب لحظات من المتعة.
وغالباً ما يشعر الآباء بالقلق بشأن محتوى الأعمال الفنية لأطفالهم، ويتساءلون عما إذا كان ينبغي عليهم القلق بشأن تفاصيل معينة. في كثير من الحالات، لا داعي للقلق؛ لأنه من المعروف أن الأطفال يرسمون أشياء غريبة جداً من وقت لآخر.
في هذه المقالة نشرح لك هنا ما تعنيه صور طفلك، بالإضافة إلى العلامات التي يجب أو لا ينبغي أن تقلق بشأنها في رسوماته.
الرسم ملجأ الطفل للتواصل
يشرح لنا موقع ESCHOLARY COMMUNITY كيف يستخدم الطفل الرسم كسبيل للتواصل مع العالم الخارجي، فهو بالنسبة له لا يقل أهمية عن اللغة البصرية.
في جوهرها، رسومات الأطفال تعكس تربيتهم وحالتهم النفسية وتتغير خصائص هذه الرسومات مع نمو الطفل، حيث يقوم الأطفال بترجمة تصوراتهم إلى صور يستطيع الإنسان فهمها وملاحظتها.
وليس لرسومات الأطفال شكل ثابت؛ حيث يرسمون صورهم المفضلة حسب الرغبة، ومن ثَمَّ فإن تطور رسوماتهم يرتبط بقدراتهم المعرفية والنفسية.
وتحتوي رسومات الأطفال على السمات الأساسية والانطباعات التي تتبادر إلى أذهانهم حول الأشياء التي قاموا برسمها، مما يدل على قدرة الأطفال على الملاحظة. فجميع الأشكال التي يصّورونها تمثل شخصية رمزية. كما تتأثر رسومات الأطفال ببيئة الرسم، فهي في نهاية الأمر مستمدة من تجاربهم الحياتية.
فهل سبق لك أن ألقيت نظرة على رسومات طفلك؟ أو تساءلت ما الذي كان يفكر فيه عندما رسم هذا؟!
رسومات الأطفال ترجمة للحياة الواقعية
عندما يرسم الأطفال، فإنهم يستخدمون جرعة من الخيال، مقترنة بتجارب حياتهم الحقيقية. على عكس البالغين، الذين يفكرون بعمق شديد تجاه كل ما يقومون به، فإن الأطفال لا يستشعرون أعمالهم الفنية بناء على ما قد يعتقده الناس عنها.
عادة، يرسم الأطفال فقط كل ما يتبادر إلى ذهنهم؛ وهذا ما يجعل الأعمال الفنية للأطفال معبرة للغاية. ونظراً لأن الأطفال يحبون الرسم ويفعلون ذلك كثيراً، فإن التحليل الفسيولوجي لنفسية الأطفال من خلال الفن هو وسيلة متاحة وسهلة.
الرسم الأكثر دلالة على الإطلاق: صورة العائلة
كل شخص له دلالة خاصّة
بحسب موقع PARENTING SCIENCE، فإن الطفل عندما يرسم صورة لعائلته، فإنه يتضمن الكثير من المعلومات المهمة، مثل علاقته مع والديه، وكيف يشعر عندما يكون في المنزل، حيث يمكن التعرف على الطريقة التي يرى بها الطفل أسرته من خلال تفاصيل رسمه.
أمّا الأطفال الذين يرسمون كل فرد من أفراد الأسرة بخصائص مختلفة قليلاً فهم يحظون بعلامات فائقة من الذكاء، ويفهمون أن كل شخص في أسرتهم هو فرد فريد من نوعه.
الفرق الشائع الذي يستخدمه الأطفال للإشارة إلى أفراد الأسرة المختلفين هو الحجم. إذا كان أحد أفراد العائلة أكبر بكثير من الآخرين، فستفهم أنه بنظرهم قائد فريق العائلة وبطلها.
هل تعيش الأسرة بسعادة أم تفتقدها؟
فيما يتعلق بكيفية تفسيرهم للحياة اليومية، قد يرسم الأطفال صورة لعائلاتهم وهي تتعاون لإكمال نشاط ما، وهذه علامة واضحة على أنه يشعر وكأن عائلته فريق يعمل على تحقيق الأهداف معاً.
قلة الفخر العائلي: هل وجوه أفراد العائلة التي رسمها طفلك تفتقد الابتسامات، أو غيرها من علامات البهجة؟ هل تخلّف طفلك في استخدام الألوان النابضة بالحياة؟ هل رسم أفراد الأسرة بطريقة تجعلهم يبدون غير مهمين، أو منفصلين عن بعضهم البعض؟
هل تم تصوير أفراد الأسرة بمشاعر سلبية؟ ورسمت الأم بعيدة جداً عن طفلها؟
أكثر من ذلك هل بدا شكل طفلك في رسمته مهدداً بطريقة ما، شكل الأحجام والأشكال غير طبيعي ومبالغ فيها بشكل غريب؟ كلّ هذه العلامات إذا احتوى عليها رسم طفلك فهي تعبير صارخ عن قلة الفخر العائلي تجاهكم؛ ما يعني أنّ هناك مشكلة ما وجب التوقف عندها وحلّها بتريث.
التوتر/الغضب: هل يحتوي رسم طفلك على علامات تدل على الغضب؟ كما رسمت الأشكال بإهمال أم بدون ألوان أو تفاصيل؟ هذا يعني بلا شك أن لدى طفلك شعوراً بالتوتر والغضب.
ماذا تكشف لك الصورة الشخصية التي رسمها طفلك لنفسه؟
الحجم المبالغ فيه والأجزاء القاتمة في الجسم ما دلالاتها؟
عندما يرسم الأطفال رسومات شخصية لأنفسهم، فإنها تتضمن الكثير من التفاصيل المهمة. الطريقة التي يصور بها الطفل نفسه بالقلم والورقة تحدد ما يشعر به تجاه نفسه وصورته العامة.
غالباً ما يحاول الطفل ترجمة شعوره بانعدام الأمن وصراعه الداخلي في تفاصيل رسمه الشخصي..
إن حجم طفلك في الصورة، وتظليل أجزاء معينة من جسمه بشكل أغمق من الأجزاء الأخرى، هما علامتان تكشفان لك منظور طفلك الذي يرى به نفسه، فضلاً عن أنّ الأطفال الذين يرسمون أنفسهم بشكل روتيني وهم يرتدون ملابس قاتمة أو تتشكّل على وجوههم علامات حزينة قد يعانون أيضاً من صراع داخلي.
هل رسم الصور العنيفة يدعو للقلق؟
وفق موقع NATIONWIDECHILDREN، فإنّه يعتبر غير الطبيعي أن يرسم الطفل شيئاً عنيفاً. لذلك من المهم، إذا قام طفلك برسم صور عنيفة، فمن المهم مناقشة صوره معه.
من خلال التحدث معه بصراحة وفهم السبب الذي جعله يرسم تلك الرسمة، يمكنك عبر هذه الطريقة معرفة المعنى الحقيقي وراء رسوماته، ومن أين جاء الإلهام لها. فقد تتعلق الرسومات العنيفة بمشاهدة أفلام معينة على شاشة التلفاز أو الممارسة المستمرة لألعاب الفيديو التي تحث على العنف.
إن النظر إلى رسومات طفلك قد يمنحك نظرة ثاقبة لأفكاره الداخلية، ولكن من المهم عدم المبالغة في تحليل رسوماته. في بعض الأحيان، قد يبدو الرسم لك بمثابة علامة سيئة، في حين أنه لا داعي للقلق على الإطلاق.
أمّا إذا كنتم تعيشون ظروفاً استثنائية على غرار الحرب أو الزلازل.. فلا بدّ لك من تفهّم أنّها ستنعكس على نفسية وأفكار طفلك وأنّه سيترجم مخاوفه وشعوره بالقلق في رسوماته، فهي بالنسبة له تفريغ لضغوطه النفسية وهروب مما يتعرض له من وضع معيشي صعب؛ لذلك سوف يكون من واجبك مواساته والتخفيف عنه.
تحدث معه واسأله عن سبب إدراج تفاصيل معينة في رسوماته، فسيساعده حديثك معه بدون شك على التخلص من المخاوف غير الضرورية. فقط أبقِ باب الحوار معه مفتوحاً حتى تتاح لطفلك فرصة أن يشرح لنفسه ما رسمه ولماذا.