رغم مساحتها الصغيرة، تُعتبر مدينة بورتوفينو (Portofino) واحدة من أشهر المعالم السياحية في إيطاليا وأكثرها ازدحاماً. فقد تُفاجأ حين تعلم أن تلك القرية الساحلية لا يتعدى عدد سكانها الـ400 شخص فقط، في حين يزورها يومياً بين 6 و7 آلاف سائح.
تتميز المدينة ببحرها الصافي وطبيعتها الخلابة، ومبانيها الملوّنة على طول الشاطئ، إضافةً إلى قواربها الخشبية الصغيرة ويخوت الأثرياء الضخمة التي غالباً ما تراها تتجوّل في بحرها.
لا عجب أن تكون بورتوفينو الوجهة السياحية المفضلة لمشاهير وأثرياء العالم، وأن يملك رجل الأعمال الإيطالي سيلفيو بيرلسكوني قصراً فيها، لأنها تحتاج إلى ميزانية عالية نسبياً لزيارتها أو العيش فيها.
تاريخ بورتوفينو الروماني
تقع بورتوفينو غربي خليج جنوة في البحر الليغوري الصغير، على بعد 36 كلم عن مركز مدينة جنوة، والتاريخ يعرفها كمدينة بحرية منذ الإمبراطورية الرومانية.
والحقيقة أن بورتوفينو تُدين بالكثير من جمالها إلى الإمبراطورية الرومانية التي أسّست المدينة، وكانت تُسمّى "بورتوس ديلفيني" (Portus Delphini)، ومعناها ميناء الدلافين؛ وذلك بسبب أعداد الدلافين الكبيرة قرب شاطئ القرية.
وقد شهد تاريخ المدينة أحداثاً كثيرة، لا سيما في الفترة ما بين القرنين الـ13 والـ19، عندما تصارع على سيادتها مجموعة دول. ففي القرن الـ12، كانت المدينة تابعة لجمهورية جنوة، ثم استولت عليها جمهورية فلورنسا، قبل أن تعود سيادتها إلى جنوة.
بعد ذلك أصبحت جزءاً من الإمبراطورية الفرنسية الأولى، وقد استمرت على هذه الحال حتى انعقاد مؤتمر فيينا عام 1814، الذي منح المدينة لمملكة سردينيا، لينتهي مسلسل التغيير أخيراً بضمّها إلى مملكة إيطاليا سنة 1861.
مع بداية القرن العشرين، شهدت المدينة توافد عددٍ كبير من الأجانب، خصوصاً البريطانيين والألمان الذين ساعدوا في بناء اقتصادها، الذي صار يعتمد بالكامل على السياحة.
كل هذه التقلبات والتغيرات الإدارية، التي عاشتها بورتوفينو خلال القرون الوسطى، أعطتها تنوعاً فريداً من نوعه في الهندسة المعمارية، والذي حافظت عليه حتى اليوم. لذلك، تجد في المدينة أبراجاً وقلاعاً ومباني مختلفة تماماً عن بعضها.
كيف تصل إلى بورتوفينو؟
لأنها تقع في مقاطعة جنوة، يمكن للسائح المحلي والأجنبي أن يصل إلى المدينة عبر مطار "كريستوفورو كولومبو" بجنوة، الذي يبعد عنها مسافة 40 كلم.
ويمكن الذهاب إليها أيضاً من مدينة جنوة، عبر الحافلة أو القطار، وأقرب محطة قطار يمكن أن تستقلها هي "سانتا مارغريتا ليغور"، على بعد 5 كلم من المدينة؛ وهي مسافة تسمح للسائح أن يقطعها مشياً على الأقدام، مستمتعاً بمنظرٍ خلاب على طول ساحل البحر.
لكن وفقاً لموقع GEO الجغرافي، فإن أفضل وسيلة للوصول إلى المدينة هي عن طريق القوارب، وتوجد العديد من الرحلات البحرية نحو بورتوفينو من "سانتا مارغريتا ليغور"، أو من بلدتَي "كاموغلي" و"رابالو" القريبتين.
أفضل فنادق بورتوفينو
لنكن واضحين، نظراً لكثرة زوارها ولكونها مدينة صغيرة جداً، فلا توجد في بورتوفينو أماكن كثيرة للنوم. لكن في حال كنتَ محظوظاً، وتوفرت لديك إمكانية الاختيار، فإنّ موقع Discover Genoa السياحي ينصحك بأحد فنادق بورتوفينو التالية:
- فندق Belmond, Splendido Mare: ويقع في منتزه بورتوفينو، ويوفر لك كل الهدوء والسكينة اللذين قد تحتاجهما.
- فندق Nazionale، الذي يقع قُبالة مرفأ بورتوفينو الصغير، ويوفر لك منظراً خلاباً.
- فندق Piccolo Portofino، الذي يقع في مكانٍ منزوٍ ورائع، ما يمنحك حق الاستفادة من ليلةٍ هادئة إضافةً إلى منظرٍ رائع.
كما يمكنك زيارة موقع Trip Advisor الذي يمنحك اختيارات إضافية، من بينها: فندق Eight Portofino، وفندق B&B Tre Mari Portofino الذي يقع في قلب الطبيعة، حيث يمكنك السباحة في الشاطئ أمامه والتمتع بالمناظر الخلابة من حولك.
وفي حال عدم توفر غرف شاغرة بأحد فنادق بورتوفينو، أو في حال كان ثمن المبيت بها مرتفعاً بالنسبة لك، فيمكن الذهاب إلى بلدة "سانتا مارغريتا ليغور" القريبة، أين توجد الكثير من الفنادق التي تمنحك خيارات واسعة وأسعاراً مقبولة.
أفضل الأماكن السياحية
تزخر هذه المدينة بمعالم سياحية كثيرة، هي أيضاً عاملٌ إضافي لجذب السيّاح من مختلف أنحاء العالم، لعلّ أبرزها:
– تمثال مسيح الهاوية، أو التمثال الغارق (Cristo degli Abissi): وهو تمثال برونزي، يبلغ طوله مترين ونصف، ووزنه 260 كلغ، وموجود بعمق 17 متراً في خليج سان فروتوسو دي كام.
موقع التمثال يُعتبر أحد أفضل أماكن الغوص في إيطاليا، ومن أكثر الأماكن التي يقصدها السياح في بورتوفينو. وقد تم وضع التمثال في قاع البحر عام 1954، تخليداً لذكرى غواصٍ إيطالي شهير، يُدعى داريو غونزاتي، توفي بالقرب من الموقع سنة 1947.
وأشار موقع Generation Voyage الفرنسي إلى أن تلك المبادرة جاءت بطلبٍ من أحد الأصدقاء المقربين لغونزاتي، الذي طلب من الفنان غيدو غاليتي نحت التمثال، بعدما أخذ موافقة بابا الفاتيكان "بيوس الثاني عشر".
– كنيسة سانوراريو دي سان جيورجيو: من أهم المعالم الأثرية التي تستحق الزيارة في بورتوفينو، بحسب موقع "المسافر العربي"، وتقع غربي مرفأ اليخوت، على بعد حوالي 250 متراً جنوب شرق الساحة الرئيسية للبلدة.
يعود تاريخ بناء هذه الكنيسة إلى عصر الإمبراطورية الرومانية، وكانت بمثابة مكان للصلاة وبرج مراقبة. ويُعد تسلق الأدراج للوصول إليها أمراً يستحق العناء، لأنك ستشاهد مناظر خلابة مطلة على كل أنحاء المدينة وبحرها.
– قلعة بورتوفينو: تعود إلى القرن الـ16 وقد تم بناؤها للدفاع عن المدينة من أي غزوٍ محتمل، ولكنها أصبحت في الوقت الحالي معلماً سياحياً مميزاً، وتمنحك فرصة الاستمتاع بإطلالة خلابة على البلدة، مع زيارة متحفٍ صغيرٍ يضم العديد من المقتنيات الخاصة.
– قلعة كاستيلو براون: فيها تزوجت نجمة تلفزيون الواقع الأمريكية كورتني كارداشيان من كاتب الأغاني والملحن ترافيس باكر عام 2022. لا يميّز القلعة الإطلالة الخلابة على خليج بورتوفينو والبحر الأبيض المتوسط فحسب، بل إنها غنية أيضاً بالتاريخ.
فقد كانت كاستيلو براون معقلاً عسكرياً يعود تاريخه إلى عام 1425، وسقطت في القرن الـ18 تحت الحكم الفرنسي، حين حرس نابليون بونابرت الهيكل بقواته في محاولةٍ لصدّ السفن البريطانية.
وقد حصلت القلعة على اسمها من القنصل الإنجليزي مونتاج ييتس براون، الذي حوّلها إلى مسكنٍ خاص في القرن الـ19 بعد أن كانت تابعة لبلدية بورتوفينو منذ عام 1961. فحوّلها إلى فيلا فخمة تصلح لحفل زفاف المشاهير، كما حوّل تحصينات المدفعية السابقة إلى حديقة خضراء.
وتعتبر القلعة اليوم جزءاً لا يتجزأ من بورتوفينو وتحتل موقعاً مميزاً في المدينة، وهي من الأماكن المتاحة للتأجير للمناسبات، فضلاً عن كونها مكاناً أثرياً متاحاً لزيارات السياح خلال النهار.
التوقف عن المشي يعرّضك لغرامة مالية!
إذا كنتَ تنوي زيارة بورتوفينو خلال الفترة المقبلة، فعلينا تنبيهك إلى ضرورة عدم التوقف عن المشي عند نقاطٍ معينة، لأنك قد تتلقى عقوبة مالية.
قد يبدو الأمر غريباً، ولكنه حقيقة؛ ووفقاً لموقع Il Post الإيطالي، فقد حدّد عمدة البلدة "منطقتين حمراوين" ضمن الأماكن التي يرتادها السيّاح، حيث يمكنك المشي فيهما بحريةٍ تامة، لكن يُمنع عليك التوقف بتاتاً.
وكل من يتوقف عن المشي في النقطتين المحظورتين، سيتعرض لغرامةٍ مالية تتراوح ما بين 68 و275 يورو، حسب مدة التوقف.
يهدف هذا الإجراء، المتخذ يوم 1 أبريل/نيسان 2023، إلى تجنب الاختناقات المرورية والتجمعات المفرطة في أكثر المناطق ازدحاماً، مثل وسط القرية وشاطئ البحر. كما يهدف إلى تسهيل توفير الأمن في الساحة الرئيسية للبلدة.
ويبقى هذا الإجراء ساري المفعول طيلة فترة السياحة الصيفية، التي تمتد إلى غاية يوم 15 أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
مع الإشارة إلى أن هذا الإجراء قد يُعتبر منطقياً، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن عدد السيّاح الذين يتوافدون إلى بورتوفينو يومياً يتراوح بين 6 و7 آلاف سائحٍ، في حين أن عدد سكانها الدائمين لا يتعدى الـ400 نسمة فقط.
التسوق في بورتوفينو
إلى جانب مناظرها الحلوة وطبيعتها الجذابة وتاريخها العريق، تشتهر المدينة بمتاجرها الفاخرة، أين يمكن للسائح العثور على أفضل وأرقى العلامات التجارية. لذلك لا عجب أن الوجهة السياحية الأقرب لقلوب مشاهير الغناء والتمثيل والموضة في العالم.
وتُعدّ المجوهرات والأحذية من أكثر المنتجات المطلوبة، بفضل جودتها العالية، كما ينجذب السائح للمنتجات المحلية على غرار المُطرزات التقليدية التي تعرضها المتاجر الصغيرة للحرفيين.
قد لا نحتاج إلى ذكر ذلك لأنه صار واضحاً، لكن تجدر الإشارة إلى أن التسوق في المدينة يتطلب ميزانية عالية، نظراً لأن أكثر المحال هي لماركات عالمية عريقة.
وليس الأزياء فقط، فحتى الطعام والمواد الاستهلاكية البسيطة سعرها مرتفع، مقارنةً بباقي المدن أو البلدان. فقارورة المياه مثلاً يبلغ ثمنها 5 دولارات، وإذا أردتَ ارتشاف القهوة في أحد المقاهي المطلة على البحر، فستدفع ما يعادل الـ10 دولارات.
وبحكم غلاء أسعار المبيت والأكل والشرب، فإن السياح ذوي الدخل المتوسط لا يقضون بها أكثر من يومٍ واحد أو يومين، وهذا كافٍ. فالمدينة صغيرة، ويمكنك التمتع بمناظرها الطبيعية وزيارة معالمها التاريخية خلال مدة قصيرة.