كثيرون يعتبرون أن معطرات ومنعّمات الأقمشة هي وسيلة لتعزيز الشعور بالانتعاش في المنزل، وطريقة ذكية للحصول على جودة مفروشات وملابس عالية ومريحة عند الاستخدام.
لكن ما قد يجهله كثير من الناس هو أن هذه المنتجات تحتوي على مركبات وعناصر كيميائية سامة، يتم استهلاكها من خلال الجسم، سواء عبر اللمس أو الاستنشاق، وهي تهدد سلامة الجسم وتضر بالصحة العامة بشكل يفوق التصورات.
معطرات ومنعّمات الأقمشة تحتوي على مركبات شديدة السميّة
صحيح أن مركبات الأمونيوم الرباعية يمكنها فعلاً أن تجعل الملابس تبدو ناعمة، ويمكن ارتداؤها فور انتهاء دورة الغسيل والتجفيف المعتادة، ولكن أثبتت الدراسات العلمية، بحسب موقع "إيكو واتش" (Echo Watch) للبيئة والاستدامة، أنها في الوقت نفسه تسبب أمراض الجهاز التنفسي مثل الربو، وقد تكون سامة لأنظمة الجسم التناسلية.
لذا قبل ابتياع معطرات ومنعّمات الأقمشة، من الضروري التحقق من الملصقات والمواقع الإلكترونية الخاصة بالمنتجات لهذه المكونات، والتأكد من خلوها من: كلوريد ديستيريلدمونيوم، وثنائي إيثيل إستر ثنائي ميثيل كلوريد الأمونيوم، ومتغيرات هيدروكسي إيثيل ميثيل أمونيوم ميثيل سلفات.
كذلك ضرورة التأكد من خلو المنتج من المصطلحات الغامضة مثل "عوامل تليين النسيج القابلة للتحلل الحيوي" و"السطحي الموجبة". إذ يجب تجنّبها جميعاً.
المعطّرات قد تسبب أمراض الجلد والجهاز التنفسي
من الممكن العثور على أكثر من 3000 مكون عطري في المنتجات المنزلية الشائعة، ويكاد لا تكون هناك طريقة لمعرفة ماهيتها فعلاً، وممَّ تتكون.
إذ قد تحتوي معطرات ومنعّمات الأقمشة على الفثالات التي تعزز توزيع الروائح؛ أو المسك الاصطناعي، مثل الجالاكسوليد، والذي يُعدّ مركباً ساماً يتراكم في الجسم ولا يمكنه التحلل، علاوة على العديد من المركبات الكيميائية الأخرى.
الخبر المقلق هنا هو أن هذه العطور الكيميائية يمكن أن تسبب الحساسية وتهيج الجلد وقد تكون هي السبب في المعاناة من بعض أكثر مشاكل البشرة شيوعاً، مثل الحساسية والالتهابات وحب الشباب.
كذلك فهي تؤدي لحساسيات الجهاز التنفسي بسبب قسوتها وعدم احتمال الجسم لها، ما قد يؤدي للإصابة بصعوبة التنفس والضرر الإنجابي المحتمَل بسبب تراكمها في الأجهزة التناسلية بالجسم.
وتشير الأبحاث إلى أن الروائح تسبب أيضاً تهيجاً عند بخّها في الهواء الطلق، خاصةً لمرضى الربو، الذين يعانون من حساسية تجاه المواد الكيميائية.
المواد الحافظة والألوان تهدد سلامة الجلد والرئتين
مثل العطور تماماً، قد تشير المصطلحات على عبوات منعّمات ومعطرات الأقمشة على مكونات تُدعى "مواد حافظة" و"ألوان" أو "ملونات"، وهي قد تعني في الحقيقة عدداً لا نهائياً من المواد الكيميائية السامة وغير الصالحة للاستهلاك من خلال الجسم.
وتشمل المواد الحافظة الأكثر إثارة للقلق في معطرات ومنعّمات الأقمشة، وفقاً لمجلة "ناتشورال لايف" (Natural Life Magazine) للحياة المستديمة، عناصر مثل "ميثيل أيزوثيازولينون"، وهي مادة شديدة الإثارة لحساسية للجلد، وكذلك مادة "جلوتارال"، المعروفة بإثارة الربو وحساسية الجلد، وهي من المركبات الكيميائية المستخدمة في العديد من المنتجات المنزلية، والتي لا يمكنها التحلل في الطبيعة، ما يهدد البيئة.
ومن بين الألوان الاصطناعية التي قد تستخدم لكي يبدو المنتج جذاباً عند البيع والاستخدام، تم ربط ألوان باسم (D&C violet 2) برفع مخاطر الإصابة بأمراض السرطان. كما قد يحتوي البعض الآخر من الألوان الاصطناعية التي تتراكم مركباتها في الأقمشة والملابس الملاصقة للجلد على شوائب يمكن أن تسبب السرطان على المدى البعيد.
مخاطر مهدِّدة للحياة بالنسبة للأطفال
يُعد الكلوروفورم مادة سامة للأعصاب ومخدرة ومسرطنة، تندرج تحت قائمة النفايات الخطرة لوكالة حماية البيئة الأمريكية. وقد يتسبب استنشاق الأبخرة في حدوث صداع وغثيان وقيء ودوخة ونعاس وتهيج في الجهاز التنفسي وفقدان للوعي. كما يؤدي التعرض المزمن لتلك المادة إلى تفاقم اضطرابات الكلى والكبد والقلب والجلد.
علاوة على هذا، تحتوي معطرات ومنعّمات الأقمشة والمفروشات أحياناً على "الفثالات"، والتي تشتهر أيضاً باستخدامها في ألعاب الأطفال البلاستيكية ومنتجات الأطفال الأخرى، كما تستخدم في المنتجات المعطرة للمساعدة على بقاء الرائحة لفترة أطول. لكن الحقيقة أن تلك المواد قد ثبت علمياً تورطها في زيادة فرص الإصابة بسرطان الثدي والحساسية ومشاكل الجهاز التناسلي، وهي تؤثر بشكل خاص على أجساد الأطفال عند التعرض لها.
الحرارة عند التجفيف أو الكوي قد تزيد الأمر سوءاً
علاوة على كل هذه المخاطر المتعددة، دائماً ما تكون تأثيرات معظم المواد الكيميائية السالف ذكرها أكثر حدة عند تسخينها في مجففات الملابس أو أثناء كوي قطعة الملابس المغسولة بمنعّمات ومعطرات الأقمشة، مما يزيد الأمر سوءاً، ويعزز تبديد الأبخرة السامة في الهواء أيضاً.
ونظراً لتصنيع منعمات الملابس بطريقة تعزز ثباتها في الأقمشة، فهي تطلق موادها الكيميائية ببط إما في الهواء حتى يتم استنشاقها، أو عبر الجلد حتى يمتصها الجلد على فترة طويلة.
لذا يكون الرضع والأطفال وكبار السن والمرضى بالفعل معرضون بشكل خاص لخطر هذه المواد الكيميائية بشكل قد يهدد حياتهم على المدى الطويل. كما يمكن أن يكون الضرر دائماً، مما يسبب أمراضاً تمتد مدى الحياة.
بدائل آمنة لمعطرات ومنعّمات الأقمشة
هناك العديد من البدائل والخيارات الآمنة على صحة الأسرة بالكامل عند الاستخدام، والتي يمكنها تحقيق نتائج مقاربة في تنعيم وتعطير الأقمشة والمنسوجات، والتي غالباً ما تكون اقتصادية أيضاً، مثل:
- إضافة ربع كوب من صودا الخبز لدورة الغسيل لتنعيم الملابس.
- إضافة ربع كوب من الخل الأبيض لأدراج المنظفات في الغسالة أو أثناء دورة شطف الغسيل لتنعيم الملابس، على ألا يتم استخدام مواد تبييض الملابس في ذات الوقت لكي لا تتلف الأقمشة.
- تجفيف الملابس بالطريقة التقليدية للتخلص من المواد الكيميائية العالقة في الأقمشة وعدم تطويرها بتعريضها للحرارة العالية المركزة كما يحدث عند تجفيف الملابس بآلات التجفيف.
- استخدام كمية أقل من منظفات الغسيل لملابس أكثر نعومة.
أما إذا كانت هناك حاجة شديدة إلى استخدام معطرات ومنعّمات الأقمشة التجارية، فيجب الحرص حينها على اختيار منتج طبيعي، خالٍ من العناصر الكيميائية الثقيلة.