كثير من الناس يعتبرون أن النوم 8 ساعات يومياً قاعدة ذهبية علينا الالتزام بها للحصول على نوم جيد، ولكنهم لا يدركون أنّ هناك أموراً أخرى مثل مواعيد النوم والاستيقاظ، يجب الانتباه إليها، وإلا فسنكون معرضين لأمراض خطيرة.
مواعيد النوم والاستيقاظ أهم من عدد ساعات النوم
ووفقاً لما ذكره موقع Mindbodygreen الأمريكي، فإنّ الحفاظ على موعدي نوم واستيقاظ ثابتين أهم من النوم عدد ساعات معيناً، مضيفاً أن أنماط النوم المضطربة مرتبطة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
دراسة نشرتها دورية Journal of the American Heart Association في عام 2023، جمعت بيانات من أكثر من 2000 بالغ في الولايات المتحدة تتراوح أعمارهم بين 45 و84 عاماً، وطوال 7 أيام ارتدى المشاركون فيها جهازاً يجمع البيانات حول أنماط نومهم، وخضعوا لعدد من تقييمات القلب والأوعية الدموية.
ونظر الباحثون في مجموعة من العوامل، من ضمنها ترسبات كالسيوم الشريان التاجي (الذي يساعد في قياس مقدار تراكم اللويحات في الشرايين)، وسُمك الطبقة الداخلية السباتية (التي تشخص مدى التراكم)، ومؤشر الكاحل والعضد (اختبار يقارن ضغط الدم في الأطراف العلوية والسفلية).
وفحص الباحثون مجموعات البيانات بدقة، ووجدوا أنَّ عدم انتظام النوم -لا سيما عندما يتعلق الأمر بمدة النوم، أو عدد ساعات النوم التي يحصل عليها الشخص كل ليلة- مرتبط بالعديد من عوامل الخطر لتصلب الشرايين، وهو نوع من الأمراض يتميز بضيق الشرايين.
وبشكل أكثر تحديداً، أظهرت النتائج أنَّ الاختلافات في مدة النوم لأكثر من ساعتين بالليلة في الأسبوع نفسه كانت أكثر ارتباطاً بارتفاع مستويات الكالسيوم في الشريان التاجي ومؤشرات الكاحل والعضد غير الطبيعية.
في حين أظهرت دراسة أجرتها مجلة التقارير العلمية Scientific Reports في عام 2018، أنَّ أنماط النوم غير المنتظمة مرتبطة بزيادة خطر الإصابة بالسمنة وارتفاع ضغط الدم ومشكلات السكر في الدم والنوبات القلبية.
وكشفت الدراسة نفسها أنَّ الأشخاص الذين لا ينامون بانتظام أكثر عُرضة للإبلاغ عن مستويات عالية مزمنة من التوتر والاكتئاب.
وتوصي الدراسة بألا نغير وقت نومنا بأكثر من ساعتين في غضون أسبوع، وهذا يمنحنا بعض المساحة للمناورة، لكن ليس كثيراً؛ بمعنى أننا إذا كنا نخلد إلى النوم في الساعة الـ10 مساءً في أيام الأسبوع، فيجب أن لا نظل ساهرين إلى ما بعد منتصف الليل في عطلة نهاية الأسبوع، أو الذهاب للنوم قبل الساعة الـ8 مساءً، إذا شعرنا بالتعب ذات مساء.
تحسين جودة النوم للحصول على نمط أكثر اتساقاً
ويتطلب الحفاظ على أنماط نوم متسقة قليلاً من النية والتخطيط، ولن يصل أحد للمثالية على الإطلاق. ومع ذلك، فإنَّ صياغة روتين ليلي راسخ طريقة رائعة للتعود على الذهاب إلى الفراش في الوقت نفسه كل ليلة، ومساعدة أنفسنا على الاسترخاء في نهاية يوم طويل، إليك بعض الأفكار لتبدأ بها:
1 – هيِّئ بيئة نوم مريحة
إحدى المهام الأولى لإعداد بيئة نوم مناسبة ومريحة، هي الحفاظ على إحدى مراحل النوم والتي تدعى مرحلة "نوم حركة العين" أو كما تسمى أيضاً "مرحلة الحلم"، فهي حساسة جداً ويمكن إزعاجها بسهولة.
ولتجنُّب إزعاج هذه المرحلة تنصحك شبكة CNN الأمريكية بالحصول على فراش ومَرتبة مريحين، وأن تحرص على النوم في درجة حرارة تتراوح بين 15 و20 مئوية.
2 – علِّم عقلك أن يهدأ
طوِّر روتيناً خاصاً بالنوم، ابدأ بإعداد طقوس ما قبل النوم من خلال أخذ حمام دافئ أو قراءة كتاب أو الاستماع إلى موسيقى هادئة، أو يمكنك تجربة تدريبات التنفس العميق أو اليوغا أو التأمل أو تمارين الإطالة الخفيفة.
كما عليك أن تذهب إلى الفراش وتستيقظ في الوقت نفسه كل يوم، حتى في عطلات نهاية الأسبوع أو أيام إجازتك، مثلما تنصح مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.
3 – اطفئ الأضواء
يبدأ إفراز هرمون النوم "الميلاتونين" في الظلام، وقد وجدت الأبحاث أنَّ الجسم يُبطئ إنتاج الميلاتونين أو يُوقفه عند التعرض للضوء؛ لذلك تخلَّص من أي ضوء، حتى الضوء الأزرق من هاتفك الذكي أو الكمبيوتر المحمول.
وإذا لم تكن غرفتك مظلمة بدرجة كافية، ففكِّر في استخدام ستائر أو أقنعة للعيون.
4 – اخفض الأصوات
أثناء تعاملك مع الضوء الأزرق من هاتفك الذكي، عليك بوقف تشغيل أية تنبيهات عمل (لا يُنصَح برسائل بريد إلكتروني في الساعة الـ2 صباحاً).
والأفضل من ذلك، دع الجهاز يُشحَن خارج غرفة نومك.
إذا كنت تعيش في بيئة حضرية صاخبة، فقد يساعد تشغيل مروحة بغرفة النوم في التخلص من أي ضجيج مفاجئ قد يقطع عليك نومك.
5 – لا تتناول الكافيين قبل النوم
توقَّف عن شرب السوائل المحتوية على الكافيين قبل 6 ساعات على الأقل، من موعد نومك المعتاد، وكما هو معروف فإنه موجود في القهوة وبعض أنواع الشاي والمشروبات الغازية، وكذلك الشوكولاتة.
فكوب الشوكولاتة الساخن الذي تعتقد أنه قد يساعدك على النوم، يمكن أن يحتوي على 25 ملليغراماً من الكافيين، بينما كوب من الشاي الأخضر أو الأسود سيمُدك بـ50 ملليغراماً من الكافيين.
6 – تجنَّب الطعام الدسم والحار
قد تُسبِّب لك الأطعمة الدسمة والحارة حُرقة في المعدة أو مشكلات أخرى في الجهاز الهضمي؛ مما يؤثر في قدرتك على النوم واستمراره.
بالنسبة للسُّكر، تُظهِر الدراسات أنه مرتبط بالنوم المضطرب والمتقطع، وقد يؤثر في الهرمونات التي تتحكم في النهم الشديد.
ووفقاً لمؤسسة النوم الوطنية، فإنَّ تناول وجبة خفيفة قبل النوم "مقبول"، وتوصي بتناول حفنة من المكسرات، وعدد قليل من الكرز (الذي يحتوي على نسبة عالية من الميلاتونين)، وموزة (تحتوي على مُرخيات العضلات؛ البوتاسيوم والمغنيسيوم)، وأنواع الشاي منزوعة الكافيين مثل البابونج والزنجبيل والنعناع.
كم ساعة يحتاج الشخص للنوم يومياً؟
يوضح تقرير نشره موقع National Sleep Foundation المدة المناسبة للنوم بحسب كل عمر:
كبار السن، أكبر من 65 سنة: من 7 إلى 8 ساعات.
البالغون، من 26 إلى 64 سنة: من 7 إلى 9 ساعات.
الشباب، من 18 إلى 25 سنة: من 7 إلى 9 ساعات.
المراهقون، من 14 إلى 17 سنة: من 8 إلى 10 ساعات.
الأطفال في سن المدرسة، من 6 إلى 13 سنة: من 9 إلى 11 ساعة.
أطفال ما قبل المدرسة، من 3 إلى 5 سنوات: من 10 إلى 13 ساعة.
الأطفال الصغار، من سنة إلى سنتين: من 11 إلى 14 ساعة.
الرُّضع، من 4 إلى 11 شهراً: من 12 إلى 15 ساعة.
حديثو الولادة، من 0 إلى 3 أشهر: من 14 إلى 17 ساعة.
يؤكد فريق “عربي بوست” على أهمّية مراجعة الطبيب أو المستشفى فيما يتعلّق بتناول أي عقاقير أو أدوية أو مُكمِّلات غذائية أو فيتامينات، أو بعض أنواع الأطعمة في حال كنت تعاني من حالة صحية خاصة.
إذ إنّ الاختلافات الجسدية والصحيّة بين الأشخاص عامل حاسم في التشخيصات الطبية، كما أن الدراسات المُعتَمَدَة في التقارير تركز أحياناً على جوانب معينة من الأعراض وطرق علاجها، دون الأخذ في الاعتبار بقية الجوانب والعوامل، وقد أُجريت الدراسات في ظروف معملية صارمة لا تراعي أحياناً كثيراً من الاختلافات، لذلك ننصح دائماً بالمراجعة الدقيقة من الطبيب المختص.