يعود الصيام بالعديد من الفوائد على صحة وجسم الإنسان، منها تأثيره على إبطاء شيخوخة الجسم، ومساهمته في الوقاية من السمنة وأمراض القلب، وتعزيز كفاءة المخ والأعصاب، لكن ما لا يعرفه الكثيرون أن الصيام يمكن أيضاً أن يكون فعالاً في علاج نزلات البرد والإنفلونزا الشائعة.
تأثير الصيام والمرض على الشهية وصحة الجسم
من الشائع أن يفقد الناس شهيتهم عندما يمرضون، وقد تكون هذه هي استجابة الجسم الطبيعية للمرض، لكن في المقابل حاولت بعض الدراسات الطبية المتخصصة استكشاف ما إذا كان الصيام يمكن أن يساعد الجسم على التعافي، إذ يتضح أن الصيام قد يساعد في محاربة الالتهابات البكتيرية في الجسم.
وبشكل عام، فإن عدوى البرد والإنفلونزا تنتج في المقام الأول عن الفيروسات، ومع ذلك فإن الإصابة بهذه الفيروسات تقلل من دفاعات الجسم ضد البكتيريا، وهذا يزيد من فرص الإصابة بعدوى بكتيرية في الوقت نفسه.
"تجويع المرض" وتسريع تعافي الجسم منه
من المثير للاهتمام أنه يُعتقد أن قلة الشهية المعتادة في الأيام القليلة الأولى من المرض هي تكيف جسمك الطبيعي لمكافحة العدوى، ما يشير إلى أن الصيام في حد ذاته هو المطلب الأول للجسم المصاب بالعدوى، وفقاً لموقع Healthline للصحة والطب.
وأثناء المرض، يطلق جهازك المناعي مواد كيميائية تُعرف باسم السيتوكينات، والتي تزيد الالتهابات؛ نظراً للضرر الذي يلحقه هذا بجسمك فقد يزيد من الشعور بالتعب وقلة الجوع.
بالإضافة إلى ذلك، قد تؤثر بعض أعراض البرد، مثل احتقان الأنف، على قدرتك على التذوق والشم. هذا قد يقلل من رغبتك في تناول الطعام.
لذا يعتقد باحثون أن الامتناع عن تناول الطعام يحد أيضاً من الإمداد بالعناصر الغذائية التي قد "تغذي" العدوى، وتمنعها من البقاء على قيد الحياة في الجسم.
نقص الجلوكوز في الدم يعزز كفاءة المناعة
وفي عدد من الدراسات العلمية التي نشرها موقع Medical News Today، توصل الباحثون إلى أن الصيام قد يكون له بعض الفوائد الصحية، بسبب كيفية استجابة الجهاز المناعي لنقص الجلوكوز في الدم.
إذ عندما لا يكون لدى الجسم المزيد من مخزون الطاقة من الجلوكوز بسبب الصيام والامتناع لساعات طويلة عن الأكل والشرب، فإنه يبدأ في استخدام الأحماض الأمينية والدهون المخزنة بالجسم كمصادر للطاقة.
بدوره يؤدي استخدام الدهون كوقود إلى إنتاج الجسم للكيتونات، وهي المركبات الضرورية لعمل وكفاءة جهاز المناعة.
كما أشارت أبحاث أخرى إلى أن الصيام قد يمكّن الجسم من تجديد الخلايا المناعية السليمة ومكافحة العدوى البكتيرية والفيروسية.
لذلك لطالما اقترح بعض العلماء أن الصيام المتقطع، أو تناول الطعام فقط خلال فترات محدودة من اليوم، مثلما هو الحال بالنسبة لصيام المسلمين في رمضان مثلاً، هو بمثابة جزء لا يتجزأ من علم وطب وظائف الأعضاء وكفاءتها، باعتباره يؤدي إلى تعزيز الوظائف الأساسية في الخلايا، ما يدعم الصحة العامة.
الاعتماد على مخازن الطاقة
كذلك فإن الصوم يجبر جسمك على الاعتماد على مخزون الطاقة لديه للحفاظ على الوظيفة المعتادة. ومصدر الطاقة الأساسي لجسمك هو الجلوكوز في الدم والكبد والعضلات.
بمجرد استنفاد مخازنه، والذي يحدث بشكل عام بعد 24-48 ساعة من تمارين التحمل لفترات طويلة، أو الصيام المستمر لساعات طويلة، يبدأ جسمك في استخدام الدهون، وبدرجة أقل، الأحماض الأمينية للحصول على الطاقة.
وبحسب موقع WebMD للصحة والطب، يمكن تقسيم الدهون المخزنة في الجسم إلى أحماض دهنية، والتي سيتم استخدامها كمصدر للوقود في عملية تعرف باسم تحلل الدهون. بعد ذلك، يمكن استقلاب الأحماض الدهنية لإنتاج منتجات ثانوية تسمى الكيتونات، والتي يمكن لجسمك وعقلك استخدامها كمصدر للطاقة.
وقد يفيد أحد هذه الكيتونات في تقوية الجهاز المناعي، رغم أن كيفية عمل ذلك غير مفهومة تماماً للخبراء حتى الآن.
ولكن يُعتقد أن أحدها يمنع الالتهاب الزائد والإجهاد التأكسدي الناتج عن الالتهابات بالجسم، والتي تعد جزءاً من الجهاز المناعي الفطري.
وبالفعل، لاحظ الباحثون في كلية الطب بجامعة ييل الأمريكية، أن تعريض الخلايا المناعية البشرية للكيتونات الموجودة في الجسم بعد يومين من الصيام أدى إلى انخفاض الاستجابة الالتهابية.
علاوة على ذلك، تشير بعض الأبحاث إلى أن الصيام قد يعزز إنتاج وتجديد الخلايا المناعية، مع قمع الخلايا الالتهابية، وهو بدوره ما يعني فترة مرض أقصر عند المعاناة من العدوى بنزلات البرد والإنفلونزا.
كيف تصوم بأمان أثناء معاناتك من المرض ونزلات البرد
لأن هناك درجات مختلفة من الصيام ومجموعة من الأساليب، ينبغي للشخص معرفة قدرة جسمه قبل الاستمرار في الصوم عن الطعام والشراب، خاصةً إذا كان صوماً لأسباب دينية يتطلب الامتناع لساعات طويلة عن تلقي الغذاء والسوائل، لذلك يجب عليه أولاً:
- استهلاك الكثير من السوائل في ساعات الإفطار.
- الحد من السعرات الحرارية من سكريات ودهون.
- من الضروري وقف الصيام وتلقي الرعاية الطبية وتناول السوائل الدافئة، وما يلزم من عقاقير لعلاج البرد والإنفلونزا، التي لا تتطلب وصفة طبية عند التعب الشديد.
- كذلك يجب على الأشخاص الذين يعانون من بعض الأمراض المزمنة، أو الذين يتناولون الأدوية بشكل مستمر، استشارة الطبيب قبل الصيام.