التلعثم أو التأتأة، حالة شائعة قد تبدأ في مرحلة الطفولة وقد تظهر عند الكبار أيضاً إذا كانوا يعانون من حالات معينة مثل اضطراب ما بعد الصدمة، فما أسباب عدم القدرة على الكلام بشكل طبيعي، وهل يمكن علاج هذه المشكلة؟
ما هي التأتأة أو التلعثم؟
التأتأة أو "اضطراب الطلاقة" الذي يبدأ في مرحلة الطفولة، هو أحد أنواع اضطراب الكلام الذي يسبب عدم قدرة الطفل على التواصل مع الآخرين بشكل فعال. وفي الواقع فإن المصاب بالتلعثم- سواء كان طفلاً أو بالغاً- يعرف تماماً ما يرغب في قوله لكنه يجد صعوبة في إخراج الكلام بانسيابية. على سبيل المثال، قد يكرر المصابون بالتلعثم أو التأتأة كلمة ما أو يقفون عندها فيزيدون من طولها، كما قد يجدون مشاكل في نطق الأصوات الساكنة أو حروف العلة، وقد يتوقفون في أثناء الكلام، لأنهم وصلوا إلى كلمة أو صوت لا يستطيعون نطقه بالشكل الصحيح.
يُعد التلعثم شائعاً لدى الأطفال الصغار كجزء طبيعي من تعلُّمهم التحدث، فقد يتلعثم الأطفال الصغار حينما لا تكون قدراتهم اللغوية متطورة كفاية للتعبير عن كل ما يشعرون به. لكن الخبر السار أن معظم الأطفال يتخلصون بشكل طبيعي من هذا التلعثم مع التقدم في العمر.
لكن، في بعض الأحيان، يكون التلعثم حالة مزمنة وتستمر حتى مرحلة البلوغ. وهذا النوع من التلعثم يمكنه أن يؤثر على الثقة بالنفس والتعامل مع الأشخاص الآخرين.
أعراض التأتأة أو التلعثم
وفقاً لما ورد في موقع mayoclinic، قد تتضمن علامات وأعراض التلعثم:
- صعوبة البدء في نطق الكلمات أو العبارات أو الجمل.
- مد الكلمات أو الأصوات داخل الكلمات.
- تكرار الأصوات أو المقاطع أو الكلمات.
- الصمت لمدة قصيرة بين بعض المقاطع أو الكلمات أو التوقف في أثناء نطق الكلمة.
- استخدام كلمات إضافية مثل "امم" في حال كانت هناك صعوبة في الانتقال للكلمة التالية.
- توتر الوجه أو الجزء العلوي من الجسم أو تيبُّسهما أو الإفراط في حركتهما.
- القلق من الكلام.
- قدرة محدودة على التواصل بفعالية.
قد تصاحب صعوبات الكلام الناجمة عن التلعثم:
- طرف الجفنين سريعاً
- رعشة الشفتين أو الفك.
- حركات لا إرادية في الوجه.
- نفضات الرأس.
- شد قبضة اليد.
قد يتفاقم التلعثم عند شعور الشخص بالإثارة أو التعب أو التوتر أو الخجل أو العجلة أو تحت الضغوط. ويمكن لمواقف مثل الحديث أمام مجموعة من الأشخاص أو الحديث على الهاتف أن تكون صعبة بوجه خاص للمصابين بالتلعثم.
مع ذلك، يمكن لأغلب المصابين بالتلعثم التحدث دون تأتأة عند التحدث مع أنفسهم أو الغناء أو التحدث في الوقت نفسه مع شخص آخر.
متى يجب زيارة الطبيب للتخلص من التأتأة؟
من الشائع أن يمر الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين سنتين وخمس سنوات، بفترات قد يعانون فيها التلعثم. بالنسبة لأغلب الأطفال، يعد هذا الأمر جزءاً من تعلم التحدث، ويتحسن الأمر بشكل طبيعي مع الوقت دون زيارة الطبيب. ومع ذلك، قد يتطلب التلعثم المستمر العلاج لتحسين طلاقة الكلام عند الأطفال.
ينبغي الاتصال بالطبيب لطلب الإحالة إلى اختصاصي أمراض اللغة في الحالات التالية:
- إذا دام التلعثم والتأتأة لدى الطفل أكثر من ستة أشهر.
- أصبح متكرراً أو يستمر مع تقدم الطفل في العمر.
- يحدث التلعثم مترافقاً مع شد العضلات أو المعاناة بشكل واضح أثناء التحدث.
- يؤثر على القدرة على التواصل الفعال في المدرسة أو في العمل أو في التفاعلات الاجتماعية.
- يُسبب القلق أو المشكلات العاطفية مثل الخوف أو تجنب المواقف التي تتطلب التحدث مع الآخرين.
- عندما يبدأ التلعثم في مرحلة البلوغ.
أسباب التأتأة والتلعثم
يستمر الباحثون في دراسة الأسباب الكامنة وراء التلعثم لدى الأطفال، وتلعب مجموعة من العوامل دوراً في هذا الشأن، من ضمنها:
- تشوهات في القدرة على التحكم في حركات الكلام: تشير بعض الأدلة إلى أن التشوهات في القدرة على التحكم في حركات الكلام، مثل التناسق الوقتي والحسي والحركي، قد يكون لها دور في الإصابة بالتلعثم.
- العوامل الوراثية: يميل التلعثم إلى الانتشار بين أفراد الأسرة الواحدة. إذ يبدو للخبراء أنه يمكن أن ينتج التلعثم عن تشوهات وراثية (جينية).
أسباب أخرى للتلعثم
يمكن أن يصاب البالغون أيضاً بالتلعثم لأسباب مختلفة. فالجلطات أو الإصابات في الدماغ يمكنها أن تتسبب ببطء الكلام أو توقفه أو تكرار الأصوات (التلعثم العصبي).
كما قد تتعطل طلاقة الكلام في حالات الكرب العاطفي. وقد يواجه المتكلمون الذين لا يتلعثمون عادة، اضطراب طلاقة الكلام عندما يشعرون بالضغط العصبي أو العاطفي. كما قد تساهم هذه المواقف في ضعف طلاقة المتكلم المصاب أصلاً بالتلعثم.
مع العلم أن صعوبات التخاطب التي تظهر بعد صدمة عاطفية (التلعثم العصبي) غير شائعة ولا تشبه التلعثم الذي يتطور في مرحلة الطفولة.
هل يمكن أن يؤدي اضطراب ما بعد الصدمة إلى التلعثم والتأتأة؟
الإجابة هي: نعم، قد يعاني الأشخاص الذين تعرضوا لصدمة ما للإصابة بشكل مؤقت بالتلعثم والتأتأة، ويحدث ذلك لأن الضغوط الناتجة عن الصدمة تُدخل أجسادنا في وضعية تعرف بوضعية (القتال/الهروب) التي ترتبك فيها أجسادنا ولا تدرك ما هي الاستجابة الصحيحة التي يجب أن تتخذها في الموقف الصادم الذي نتعرض له، ونتيجة لذلك يتم تحويل الدم بعيدًا عن أجزاء الدماغ المسؤولة عن إنتاج اللغة والكلام، ومن ثم قد تضعف القدرة على صياغة الكلام، لذلك قد نتعرض بعد الصدمات للإصابة بالتأتأة أو التلعثم أو قد لا نكون قادرين على تكوين جمل مترابطة وسليمة أو ذات مغزى، وفقاً لما ورد في موقع stamma.
والأطفال عادةً أكثر عرضة للإصابة بالتلعثم في مثل هذه المواقف، ويتوجب زيارة الطبيب إذا لم تكن الحالة مؤقتة.
عوامل الخطر، ومضاعفات هذه الحالة
يُعد الذكور أكثر عُرضةً للتلعثم أكثر من الإناث. وتتضمن العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بالتلعثم ما يلي:
- تأخر نمو الطفل. الأطفال ممن عانوا تأخر النمو أو مشكلات التخاطب الأخرى يترجح بكثرة إصابتهم بالتلعثم.
- وجود أقارب مصابين بالتلعثم. يمكن أن ينتشر التلعثم بين أفراد الأسرة الواحدة.
- الضغط النفسي. يمكن أن يزيد الضغط النفسي في الأسرة من تفاقم حالة التلعثم لدى الأطفال.
وقد يؤدي التلعثم إلى مضاعفات قد تشمل ما يلي:
- مشاكل في التواصل مع الآخرين.
- الشعور بالقلق بشأن التحدث مع الآخرين.
- عدم التحدث أو تجنُّب المواقف التي تتطلب التحدث.
- التراجع الاجتماعي والمدرسي والعملي.
- التعرض للتنمر أو المضايقة.
- انخفاض مستوى الثقة بالنفس.
يؤكد فريق “عربي بوست” على أهمّية مراجعة الطبيب أو المستشفى فيما يتعلّق بتناول أي عقاقير أو أدوية أو مُكمِّلات غذائية أو فيتامينات، أو بعض أنواع الأطعمة في حال كنت تعاني من حالة صحية خاصة.
إذ إنّ الاختلافات الجسدية والصحيّة بين الأشخاص عامل حاسم في التشخيصات الطبية، كما أن الدراسات المُعتَمَدَة في التقارير تركز أحياناً على جوانب معينة من الأعراض وطرق علاجها، دون الأخذ في الاعتبار بقية الجوانب والعوامل، وقد أُجريت الدراسات في ظروف معملية صارمة لا تراعي أحياناً كثيراً من الاختلافات، لذلك ننصح دائماً بالمراجعة الدقيقة من الطبيب المختص.