بعد 9 أشهر من الحمل، تعاني النساء العديد من التغيرات التي تطرأ على الجسم بعد الولادة، والتي يصعب التحكم فيها، خصوصاً خلال الأسابيع الأولى من الوضع.
لكن في خلال هذه الفترة يكون تركيز النساء منصباً حول أطفالهن، والعناية بهم، بعيداً عن الاهتمام بشكل جسدهن، ومعرفة الأسباب المؤدية إلى تغيره، وكيفية معالجتها أو الاعتناء به.
ويمكن أن تستغرق فترة تعافي الجسم من هذه التغيرات فترات طويلة، يمكن أن تصل إلى سنوات؛ لذلك من المهم زيارة الطبيب في حال ملاحظة أي أمر غير عادي في الجسم بعد الولادة.
سلس البول بسبب مشكلات في قاع الحوض
من بين أشهر التغيرات التي تطرأ على جسم المرأة بعد الولادة هو معاناتها من تسرب البول بشكل لا إرادي في حالات عديدة، من بينها عند العطس، أو الضحك، ويسمى هذا العرض بالسلس الإجهادي، الناتج عن تمدد عضلات الحوض خلال الولادة.
ويرجع السبب في الإحساس بسلس البول إلى وجود مشكلة في مجموعة عضلات قاع الحوض، التي تتمدد على شكل وعاء ما بين العصعص وعظم العانة، أو إلى إجهاد عضلة قاع الحوض، أي عندما تشعر المرأة بالرغبة في التبول باستمرار أو تشعر بأن مثانتها صغيرة أو أنها لا تستطيع ضغط البول.
وحسب تصريح طبيبة النساء والتوليد الأمريكية الدكتورة تاميكا أوغوستي في مستشفى "MedStar Washington Hospital Center" لجريدة "New York Times"، فإن الحمل يضغط على عضلات الحوض، فيما تسبب الولادة، سواء كانت طبيعية أو قيصرية، إلى زيادة الضغط على قاع الحوض، خصوصاً إذا تمت الولادة بعد فترة من حدوث المخاض.
بينما قالت أليسون كولوسي، خبيرة العلاج الطبيعي المتخصصة في صحة الحوض: "لا تدرك النساء حجم تأثير الأمر على القناة المهبلية وقاع الحوض بشكلٍ فوري عادةً"؛ إذ إن العضلات التي تتمدد أثناء الولادة تظل مرتخيةً للغاية أو تنقبض بشدة استجابةً لذلك.
حركات معينة لمعالجة تغيرات جسم المرأة بعد الولادة
وفي هذه الحالة، من الأفضل التوجه إلى خبير علاج طبيعي متخصص في مشكلات قاع الحوض أولاً، ثم ممارسة بعض التمارين الخاصة، من بينها تمرين "كيجل"، الذي يعتمد على قبض عضلات قاع الحوض، لكن القيام به بطريقة خاطئة بعيداً عن مراقبة الطبيب من الممكن أن يسبب نتائج عكسية.
كما أن حركة النساء خلال اليوم، بعيداً هذا النوع من التمارين، يلعب دوراً في علاج هذا النوع من المشكلات، بدءاً من طريقة النهوض من السرير، وصولاً إلى طريقة حمل الرضيع من سريره.
ومن الجيد أن تتم عملية حمل الرضيع أو حمل الأغراض بشكل عام عن طريق تطبيق حركة جلوس القرفصاء، مع الحفاظ على مركز الجاذبية في الوركين دون الميل إلى الأمام، ثم التنفس زفيراً مع استعمال عضلات بطنك، ثم النهوض باستخدام عضلات الساقين وليس الظهر.
هبوط الرحم بعد الولادة
تعاني بعض النساء من الشعور بضغط داخل المهبل، وكأن شيئاً ما يُعيق حركة الأمعاء؛ إذ من الممكن أن تشير هذه الأحاسيس إلى الإصابة بتدلي أعضاء الحوض، وهو ما يصطلح عليه هبوط الرحم، والذي يحدث بسبب تحرك أحد أعضاء جسم المرأة، (الرحم أو المثانة أو الإحليل)، من مكانه أو يضغط على جدار المهبل.
وتقول الدكتورة أليسون إنه يجب عدم تجاهل هذا الأمر، وعلاجه بشكل عاجل، والذي يتم عن
طريق الجراحة، أو تخفيف حدته باستخدام الفرزجة المهبلية، وهي عبارة عن دعامة تُوضع داخل المهبل لتدعيم العضو المتدلي، فيما يمكن التعامل مع الحالات الأخف عن طريق الاستلقاء بشكل مستمر، وتجنب الحركات التي تسبب الضغط على البطن.
التدليك لعلاج آلام ندبة عملية الولادة
من المحتمل الشعور بآلام في منطقة ندبة عملية الولادة القيصرية أو أي ندبة أخرى بسبب التمزق في منطقة الفرج، وفي هذه الحالة يستحسن زيارة الطبيب المختص.
إذ يمكن أن يوصي بالحصول على تدليك للندبة، أو علاج الندوب بالحركة على يد خبير علاج طبيعي متخصص في حالات ما بعد الولادة.
ومع ذلك، لا توجد دراسات محددة حول فعالية التدليك في ندوب عملية الولادة، في الوقت الذي أثبتت فيه دراسة سنة 2011 أن هناك فعالية لتدليك الندوب بشكل كامل، لكنها درست على 30 مريضاً فقط.
فيما وجدت دراسة أخرى أن 18% من النساء اللواتي خضعن لولادة قيصرية كن يشعرن بالألم في موقع الشق بعد مرور عامٍ على الولادة، كما أن 10% من المشاركات اللواتي ولدن طبيعياً شعرن بالألم في المهبل أو العجان، وهي المنطقة الواقعة بين المهبل والشرج، خلال الفترة نفسها.
آلام وإفرازات مهبلية
وحسب مجلة "march of dimes" فإن المرأة تشعر بآلام ما بعد الولادة، هي عبارة عن تقلصات في البطن تشعر بها مع تقلص الرحم؛ إذ من الممكن أن يستمر هذا الشعور في غضون عدة أيام، ويمكن أن تستمر إلى غاية 6 أسابيع.
ولأن وزن الرحم في تلك الفترة يكون مستديراً وصلباً؛ مما يجعل وزنه يتضاعف بشكل ملحوظ، فيما يعود إلى شكل الطبيعي عادة بعد انقضاء الأسابيع الستة الأولى بعد الولادة.
ويمكن علاج هذه الآلام عن طريق الأدوية، التي توصف من طرف الطبيب، من أجل التخفيف من حدتها، إلى حين تقلص حجم الرحم.
كما أن الجسم في تلك المرحلة يبدأ بالتخلص من الدم والأنسجة التي كانت داخل الرحم. وهذا ما يسمى الإفرازات المهبلية.
ويكون لون هذه الإفرازات أحمر فاتحاً على شكل تجلطات دموية، وبمرور الوقت، يصبح التدفق أقل وأخف؛ إذ من المحتمل أن تستمر لبضعة أسابيع أو حتى لمدة شهر أو أكثر.
كما أن هناك امتلاء الثدي بالحليب الذي يسبب انتفاخاً وآلاماً لعدة أيام، إلا أن هذا الشعور يزول بعد أيام من الرضاعة الطبيعية المنتظمة.
وفي حال كانت الأم لا ترضع الطفل بشكل منتظم، فهناك احتمالية استمرار الألم لمدة طويلة، إلى أن يتوقف إنتاج الثدي للحليب.
الانتباه لعدة أمور من أجل الشفاء بطريقة صحيحة
هناك العديد من الأمور التي يجب أن تنتبه لها المرأة بعد الولادة، لكي يتم شفاؤها بطريقة صحيحة، أولها طريقة حمل الطفل ورفعه من أجل احتضانه أثناء الرضاعة؛ إذ تتغير وضعية الجسم وحركته نتيجة حملها لوزنٍ إضافي؛ لذلك يستحسن حمل الطفل على الجانبين بصورةٍ متساوية.
وكذلك الانتباه في حال الشعور بفجوة في عضلات البطن، والذي من الممكن أن يكون مؤشراً على انفراق العضلة المستقيمة التي تشهد انفصال كافة طبقات عضلات البطن من المنتصف.
ويحدث هذا الأمر بصورةٍ طبيعية في الجزء الأخير من الحمل بغرض إفساح المجال أمام نمو الرحم. لكن إذا استمرت الحالة بعد مضي ستة أسابيع على الولادة، فيجب التوجه إلى أخصائي علاج طبيعي.
ومن الضروري التدخل الطبي العاجل في حالات ضيق التنفس، أو ألم في الصدر، أو النوبات بمختلف أنواعها، وكذلك في حالة عدم التئام شق الولادة، أو حالات النزيف الحاد، أو احمرار وانتفاخ الساقين، والشعور بصداع لا تخففه المسكنات أو تصاحبه صعوبات في الرؤية.
مع ضرورة مراقبة ضغط الدم، ونسبة السكري في الدم، والذي غالباً ما يرتفع خلال مرحلة الحمل، ويستمر لعدة أسابيع بعد الولادة.