يتميز المطبخ الجزائري بغناه وتنوعه، إذ يحتوي على العديد من الأطباق الشهيرة، التي تزين الموائد الجزائرية في كل يوم، سواء في مناسبات ومواسم بعينها، أو في الوجبات اليومية، مثل طبق الرشتة والبركوكس والشخشوخة والزفيطي.
تمتاز هذه الأطباق بمذاقها الحلو والحار، ومنها أطباق لا يتم تحضيرها إلا في أوانٍ خاصة، مثل طبق الزفيطي، الذي يُعدّ في أداة خاصة تسمى "المهراس".
ويُعدّ طبق الزفيطي واحداً من بين أشهر الأطباق في الجزائر، يتميّز بمذاقه الحار جداً، لكنه يبقى الطبق المشترك بين عائلات الجزائر الفقيرة أو الميسورة الحال.
الزفيطي بدأ في القرن الـ15 الميلادي وتعدّ مدينة بوسعادة الجزائرية معقلاً له
بحسب ما تناقلته الروايات الشفوية، يرجع تاريخ ظهور طبق الزفيطي إلى أواخر القرن الـ15، وبالضبط إلى لحظة تأسيس الولي الصالح "سيدي ثامر بن محمد الليثي المشيشي الإدريسي" مدينة بوسعادة الجزائرية، والتي صارت منذ تلك اللحظة المعقل الرئيسي لهذا الطبق.
ولكون مدينة بوسعادة كانت معقلاً لقبيلة أولاد نائل، كبرى القبائل العربية بالجزائر، ساعد ذلك من انتشار هذه الأكلة بين ربوع الجزائر، حتى صارت مشهورة بين كل الجزائريين.
خلال فترة الثورة التحريرية، كانت أكلة الزفيطي الوجبة التي يجتمع عليها ثوار جبال الأوراس الجزائرية، فكانت أكثر الوجبات التي تساعد المجاهدين الجزائريين على مقاومة الظروف المناخية الباردة في الجبال أثناء حربهم ضد القوات الفرنسية.
لا تذكر المصادر التاريخية شيئاً عن سبب تسمية هذه الأكلة بالزفيطي، ولكن انتشارها بين المحافظات الجزائرية جعلها تأخذ أسماءً أخرى، مثل "الباطوط" الذي يجهل معناها أيضاً، أو"المهراس"، نسبة إلى الطبق الخاص الذي تحضّر وتؤكل فيه.
حالياً، صار الزفيطي طبقاً ثانوياً للعائلات الميسورة، أمّا العائلات المتوسطة أو الفقيرة فهو وجبة كاملة، يتم تناولها في الأيام العادية، خصوصاً انّ تحضير هذه الأكلة لا يكلّف الكثير، بحسب ما ورد في تقرير لصحيفة الشروق الجزائرية.
كاد الزفيطي أن تسبب أزمة دبلوماسية بين الجزائر وفرنسا!
من الروايات التي يتناقلها الجزائريون، أنّ أكلة الزفيطي الحارة، كادت تعصف بالعلاقات الجزائرية الفرنسية في إحدى المرات، بحسب ما نقله موقع algerian express
وفي تفاصيل ما نقلته الجريدة الجزائرية، قام السفير الفرنسي بالجزائر السيد غي جورجي سنة 1983، بزيارة إلى مدينة بسكرة، وخلال زيارته تلك، قام بتناول وجبة الزفيطي الحارة التي تسببت له بوعكة صحية، نقل على أثرها المستشفى.
أرسلت حينها السفارة الفرنسية بالجزائر برقية إلى وزارة الخارجية الفرنسية مفادها أن "السفير الفرنسي بالجزائر تعرض لمحاولة اغتيال"، لتطلب بدورها توضيحاً عاجلاً من نظيرتها الجزائرية.
ردت الخارجية الجزائرية سريعاً على نظيرتها الفرنسية، بأنّ السفير الفرنسي أصرّ في زيارته إلى محافظة بسكرة، على تذوق أكلاتها التقليدية، وسرعان ما أثبتت التحاليل الطبية تأثر الجهاز الهضمي للسفير الفرنسي بالفلفل الحار الذي يُصنع منها طبق الزفيطي، بحسب الجريدة الجزائرية.
كيف يتمّ تحضير طبق الزفيطي؟
كخطوة أولى لتحضير طبق الزفيطي، يتمُّ تحضير خبز رقيق من طحين القمح يسمى "خبز الرخساس"، وفي المرحلة الثانية يتمُّ تحضير مجموعة من التوابل يشكل فيها الفلفل الحار نسبة كبيرة، كما تضاف لهذه التوابل، الطماطم الجافة والثوم والكسبر والزيتون الأخضر والماء، حيث توضع كل هذه المكونات في مقلاة، وتوضع على النار، بعد إضافة قليلٍ من الزيت حتى تصبح على شكل مرق.
يتمُّ مزج هذا المرق مع فتات الخبز الرخساس داخل آنية خشبية تقليدية أسطوانية الشكل تدعى "المهراس".
تصنع آنية المهراس من خشب الكروش القاسي، ويتم صناعتها خصيصاً لطبق الزفيطي، وتكون على شكل أسطواني.
يقدّم طبق الزفيطي ساخناً مع اللبن أو الحليب كونه يخفف من حدة حرارته، ويتم تناوله بواسطة ملاعق خشبية، ولتجنّب مضاعفات حرارته الشديدة ينصح عدم شرب الماء بعد أكله.