قد لا يفكر الكثير من الناس في الملابس الأكاديمية التي يرتديها المتخرجون حديثاً خلال فعاليات التخرج وحفلات خاتم الدراسة الجامعية.
فبالنسبة للبعض، إنه شيء يحدث لمرة واحدة فقط. وعلى غرار الزواج، يُعد التخرج تقليداً ثقافياً له بعض الطقوس والفعاليات الثابتة، مهما اختلفت ثقافات ودول المتخرجين من حول العالم، وعلى رأسها ثوب وقبعة التخرج.
المثير للاهتمام أن تاريخ قبعة وثوب التخرج يعود إلى قرون طويلة مضت، ولا يُعد مجرد ملبس اعتيادي مثل باقي القطع في خزانة الملابس.
إذاً من أين أتت فكرة قبعة وثوب التخرج المتعارف عليها حتى اليوم؟
لماذا نلبس قبعة وثوب التخرج بعد إنهاء الجامعة؟
بدأت هذه الطقوس الأكاديمية عندما تشكلت الجامعات لأول مرة في القرنين الثاني عشر والثالث عشر ميلادياً في أوروبا القديمة.
فكان الطلاب والمعلمون يرتدون عادة ملابس رجال الدين لأن الكنيسة كانت مؤثرة للغاية في هذا الوقت. فكان العديد من الأساتذة قساوسة أو رهباناً أو رجال دين في ذات الوقت، وكان طلابهم عادة يدرسون لفعل شيء مشابه بعد التخرج ويدخلون في سياق التعليم الديني.
ويعتقد المؤرخون أن العلماء كانوا يرتدون أردية طويلة وأغطية رأس بغرض الحصول على الدفء، خاصة أن بنايات التدريس والجامعات القديمة لم يكن فيها أية أنظمة للتدفئة، بحسب مجلة Times.
أهمية ثوب التخرج قديماً وصولاً لقيمته الحالية
تعود أهمية القلنسوة إلى كهنة مجموعات سلتيك وكهنة الدرويد الذين كانوا يرتدون عباءات ذات أغطية للرأس ترمز إلى ذكاء وتفوق أعلى ممن حولهم.
في حين أن جامعات العصور الوسطى كانت مصدر إلهام للزي الأكاديمي في البداية، فإن الجامعات المُعترف بها الأولى التي كانت ترتدي ملابس التخرج التقليدية كانت أكسفورد وكامبريدج.
وبحلول عام 1321، منعوا ارتداء "الملابس المفرطة" في الجامعات، حيث أصبحت تطلب من الجميع ارتداء عباءات طويلة أثناء الاحتفالات لخلق روح من الوحدة والمساواة بين الجميع، ولتمييزهم عن غيرهم.
في ملاحظة أخرى، لوحظ أن أحد أسباب مشاركة الجميع في نفس الملبس في يوم التخرج هو وسيلة لإزالة أي تفاوت بين تخرج شخص ثري وشخص ربما لا يستطيع حتى تحمل تكلفة شراء بدلة رسمية واحدة.
ففي نظر الجامعة، وفي نظر كل من يحضر فعاليات التخرج، كان الجميع متساوين فيما يتعلق بالإنجازات الأكاديمية. لذلك، كانوا جميعهم يرتدون نفس الملابس.
ومع ذلك، تغيرت قبعة التخرج على مر القرون وحظيت بالعديد من الاختلافات على شكل تصميمها الأصلي. وأصبح النمط الأكثر شيوعاً هو غطاء الرأس التقليدي المعروف الذي يتم ارتداؤه مع ثوب التخرج.
يُعتقد أن هذه القبعات تم تطويرها في القرن الخامس عشر من القبعات المعروفة باسم البيريتا التي كان يستخدمها رجال الدين والعلماء والأساتذة الكاثوليك. ويعود أصل البيريتا ذات الشكل المربع برؤوس ثلاثية إلى عام 1311 في الكنائس بين رجال الدين ذوي المراكز المتقدمة.
سبب شكل قبعة التخرج المربعة
قد يتساءل البعض مع ذلك، ما هو هذا الشكل المربع من الورق المقوى في تصميم قبعات التخرج المتداول اليوم؟ الجواب حتى اليوم فيه أكثر من احتمال.
إذ يعتقد معظم المؤرخين بحسب موقع Graduation Source الأمريكي، أنه يشير فقط إلى شكل الكتاب لإعطاء مظهر علمي، أو أنه يُقصد به تمثيل شكل الرباعية داخل حرم جامعة أكسفورد التي كانت من أولى المدارس التي تعتمد شكل ونمط قبعة وثوب التخرج المتعارف عليه.
كان هذا النمط الأكاديمي الأوروبي منتشراً على مر القرون وحتى في أمريكا الاستعمارية. فبعد الحرب الأهلية، تم اعتماد هذه الهيئة الأكاديمية بشكل مستقل تماماً للتخرج الجامعي.
ولهذا السبب، فإن القبعة والعباءة يرمزان إلى التقدير والإنجاز.
هل لقبة وثوب التخرج أصول عربية أيضاً؟
يعتقد بعض المؤرخين العرب أن القبعة ذات الشكل المربع والمقوى كانت تُستخدم في القرنين الرابع والخامس لتمييز الفلاسفة والفنانين عن عامة الشعب.
وقد كان المسلمون يستخدمونها في الأندلس لوضع مصاحف القرآن الكريم فوقها أثناء طلب العلم والدراسة، تطبيقاً للآية الكريمة التي تقول "وفوق كل ذي علمٍ عليم" في الآية 76 من سورة يوسف.
أما عن ثوب التخرج فهناك رأي آخر يميل إلى اعتباره من أصل عربي أيضاً. باعتبار أن الأوروبيون كانوا يتخرجون من مدارس الأندلس التي كانت سابقة لشتى أشكال الجامعات الأوروبية، وكان الطالب يعود لبلاده وهو يرتدي العباءة العربية تباهياً بأنه قد تلقى العلم في جامعات المسلمين.
يقول الكاتب والباحث البريطاني في علوم الإنسان جاك غودي، في كتابه الأكثر مبيعاً "الإسلام في أوروبا" الذي سرد فيه مظاهر تأثُّر المجتمعات الأوروبية بما توصل إليه العرب والمسلمون من علوم وثقافات، إن "اللباس العربي أضحى علامة الوجاھة العلمیة إلى الیوم".
وهو الأمر الذي تطور مع الوقت لتصبح العباءة أو الجلباب العربي الخاص بالمسلمين قديماً هو ذاته ثوب التخرج التقليدي الذي نعرفه حتى اليوم.