يعتبر البحر الأسود الذي عُرف تاريخياً باسم "بحر البنطس"، أحد أكبر البحار الداخلية في العالم، ويقع بين الجزء الجنوبي الشرقي لأوروبا وآسيا الصغرى، يتصل بالبحر المتوسط عن طريق مضيق البوسفور وبحر مرمرة، ويتصل ببحر آزوف عن طريق مضيق كيرتش، كما تقع على سواحله العديد من المُدن المهمة في تركيا وروسيا وأوكرانيا وجورجيا وبلغاريا ورومانيا ومالدوفا.
لماذا سمي البحر الأسود بهذا الاسم؟
مُنذ القدم، عُرف البحر الأسود بأنه البحر "غير المضياف"؛ لعدة أسباب، منها صعوبة الملاحة فيه، وأيضاً بسبب القبائل العنيفة التي كانت تقطن شواطئه.
أما لماذا سمي البحر الأسود بهذا الاسم فهو أمرٌ غير واضح حتى الآن باستثناء بعض الروايات التي تتحدث عن السبب.
إحدى الروايات تقول إنه في البداية كان يطلق عليه اسم "البحر غير المضياف"، بسبب القبائل التي تقطن على ضفاف شواطئه، ولكن بمجرد أن استولى الإغريق على البحر تمّ تغيير اسمه.
وعُرف البحر لدى الإغريق والعرب في تلك الفترة باسم "بحر البطنس" أو "بحر أوكسينوس" والتي تعني "المضياف".
ومع ذلك، تمت تسمية هذا البحر بالعديد من الأسماء على مر القرون من قبل شعوب مختلفة، ولكن اسمه الحالي الأكثر شهرة يُعتقد أنه جاء من الأتراك في العصور الوسطى.
وتشير الوثائق التاريخية وفقاً لما ذكره موقع Marine Insight المتخصص بالبحار والملاحة فيها، إلى أنه خلال فترة الإمبراطورية العثمانية، كان يُطلق على البحر الأسود أسماء مثل بحر "سِياه-Siyah" أو "كارادينيز-Karadeniz"، والاثنتان تعنيان "الأسود" باللغة التركية العثمانية.
أما سبب إطلاق الأتراك هذا الاسم عليه، فتشير إحدى الفرضيات إلى أن البحر يتعرض لكثير من العواصف خلال الشتاء، مما يجعل السحب الكبيرة فوقه تحجب أشعة الشمس، وهو ما يجعل مياهه تبدو سوداء اللون.
أما التفسير الآخر المحتمل فهو أن البحر الأسود أقل ملوحة من البحار الأخرى، مما يزيد من تركيز الطحالب الدقيقة التي تحول البحر إلى اللون الداكن.
إذا أردنا مقارنته ببحر آخر، فإن متوسط الرؤية في البحر الأسود يبلغ نحو 5 أمتار فقط، بينما يبلغ نحو 35 متراً في البحر الأبيض المتوسط، وفقاً لما ذكره موقع New World Encyclopedia.
الجزر المرعبة في البحر الأسود
يعتبر البحر الأسود موطناً للعديد من الجزر المرعبة، ويبلغ عددها نحو 10، وهي مليئة بالحيوانات والنباتات، وتتبع لدول بلغاريا وأوكرانيا وتركيا ورومانيا.
إحدى الجزر المرعبة في البحر الأسود هي "جزيرة الثعبان" التي تقع بالقرب من دلتا الدانوب، إضافة إلى جزيرة "سانت توماس" المليئة بثعابين المياه الرمادية التي تأكل الأسماك في المياه المحيطة بالجزيرة.
فيما تشمل الجزر الأخرى: سانت أناستازيا (بلغاريا)، وبيريزان وجيرسون (تركيا)، وسانت سيريكوس (بلغاريا)، ودزاريلغاش (أوكرانيا).
في الوقت ذاته تنتشر إشاعة مخيفة تقول إن البحر الأسود مليء بجثث الموتى غير المتحللة، إذ لا يزال من الممكن العثور على بقايا السفن والبشر وغيرها مثل الحبال والخشب وما إلى ذلك في قاع البحر بعد مئات السنين من دخولها إلى مياه البحر الأسود.
وبقدر ما تبدو هذه الحقيقة مثيرة، فإن التفسير العلمي لها هو أنه نظراً إلى طبيعة نقص الأوكسجين في طبقات المياه السفلية لهذا البحر، فإنها تجعل عملية التحلل بطيئة وبالتالي استمرار وجود الجثث داخل مياه البحر.
في حين تعتبر المُدن الواقعة على شواطئه من الوجهات السياحية المفضلة لكثير من الناس على مدار السنة، بسبب الجبال الشاهقة الخضراء والسواحل الجميلة، مثل مُدن سوتشي وطرابزون وإسطنبول وأوديسا.
الحياة البحرية في البحر الأسود فقيرة!
هناك فقط نحو 200 نوع من الأسماك في البحر الأسود، 30 منها ذات قيمة تجارية، مثل الأنشوجة، والأسبرط، والكلوبونيلا، والرنجة، والقوبيون والحفش، ومع ذلك فإن بعض أنواع الأسماك تصبح نادرة ومعرضة للخطر.
ونظراً إلى أن لحم سمك الحفش الذي ينتج الكافيار الأسود أيضاً يعتبر من الأطعمة الشهية القيّمة، فقد أدى الصيد المفرط إلى تقليل أعدادها بشكل كبير، وتم تضمينها بقائمة الأسماك الحمراء التي يعتبر صيدها غير قانوني، وفقاً لما ذكره كتاب "أسرار البحر الأسود".
قد يهمك أيضاً: لماذا سُمي "البحر الأحمر" بهذا الاسم؟ وهل هو أحمر حقاً؟