بالتأكيد؛ لا أحد يدفع ثمن تذكرة السينما ليأخذ قيلولة وينام لساعة ونصف أو ساعتين في مكان عام، ومع ذلك يحدث أننا نجد أناساً ينامون في دور العرض، على مقاعدهم في مكان عام يحيط بهم عشرات الغرباء، ومع الصوت العالي لمكبرات الصوت، ما يدفعنا للتساؤل؛ لماذا ينام الناس في السينما؟
غالباً أول إجابة وردت على ذهنك أن المقاعد المريحة والظلام سببان كافيان لينام الناس في السينما، لكن هناك إجابات أخرى أشار لها الأطباء المتخصصون في علوم النوم.
لماذا ينام الناس في السينما؟
عزا طبيب النوم الأسترالي موراي جونز، رغبة النوم في السينما إلى رغبة الإنسان في النوم خلال بعض الأنشطة اليومية، إذ اخترع الطبيب مقياس Epworth Sleepiness Scale، ليكون معياراً عالمياً لقياس نزوع الفرد إلى النوم خلال 8 أنشطة يومية مختلفة.
إذ يعتقد الطبيب أن هذه الأنشطة تساعد على تحفيز الرغبة في النوم أو الشعور بالنعاس، رغم كونها أنشطة نهارية معتادة، وذكر منها أمثلة مثل: الاستلقاء للراحة في فترة ما بعد الظهر، ثم مشاهدة التلفزيون، ثم الجلوس والقراءة بالترتيب، وورد في المقياس أنشطة أخرى حتى الوصول إلى النشاط رقم 6 في القائمة، وهو الجلوس في مكان عام دون ممارسة أي نشاط، وهنا يُمكننا تصنيف الجلوس في دور السينما.
وقد أجرى الطبيب أبحاثه في عام 2002 وجمع بيانات أكثر من 2800 شخص بالغ من 7 دول مختلفة لدراسة أبحاثه عن الشعور بالنعاس وضمها إلى مقياسه الذي يركز على الأنشطة القادرة بشكل نسبي على تحفيز النوم أو النعاس.
لكن هذه المعلومات تثير تساؤلات لماذا تدفع بعض الأنشطة النهارية إلى الشعور بالنعاس، ولماذا تدفع أنشطة للشعور بالنعاس أكثر من غيرها؟ حاول الطبيب الأسترالي الإجابة عن التساؤل بتحليل البيانات التي جمعها، وقال إن السبب الرئيسي لذلك هو معدل الحركة والنشاط، كما نقل موقع How Stuff Works الأمريكي.
"الموقف الذي يتسم بدرجة عالية من الشعور بالنعاس هو الموقف الذي لا تتحرك فيه كثيراً، بمعنى أن تكون جالساً دون حركة، خصوصاً بالنسبة لرأسك ورقبتك"، إذ يعتقد أن استرخاء عضلات الرأس والرقبة يرسل إشارات إلى الدماغ لتقليل شيء يسمى "محرك الاستيقاظ الثانوي"، وعندما يقل فإن هذا بالتالي يعني ظهور الشعور بالنعاس والرغبة في النوم.
وذلك لأن الشعور بالنعاس واليقظة نتاج عمل مجموعتين منفصلتين من الخلايا العصبية بالدماغ، وتنظمها ما يُمكننا تسميته "محرك النوم"، و"محرك الاستيقاظ"، وهما محركات متعاكسة، بمعنى إذا تحرك محرك الاستيقاظ، ثبط محرك النوم، والعكس، ويرتبط نشاطها بالساعة البيولوجية التي تجعلنا قادرين على التأهب للبقاء 16 ساعة مستيقظين، ثم النوم 8 ساعات.
ويعتقد أنه بالإضافة للساعة البيولوجية التي تحرك "محرك الاستيقاظ" بشكل أساسي، هناك أيضاً عوامل ثانوية للبقاء في يقظة مثل الوضعيات الجسدية ومستويات النشاط، وحركة المفاصل والعضلات، التي بتحركها تزيد فرص عمل "محرك الاستيقاظ"، والعكس بهدوئها.
وهذا ما يحدث عندما يجلس الشخص مسترخياً أمام التلفاز أو شاشة السينما، هذا بالإضافة إلى عامل آخر وهو النشاط المبذول قبل هذا الاسترخاء أمام الفيلم، فإذا كان الشخص مرهقاً طوال اليوم، مختلف عن كونه نشيطاً ومرحاً ومتحمساً.
أما فيما يخص النوم مع الضوضاء الصاخبة، فيشير فيليب جيرمان هو عالم نوم وأستاذ مساعد في الطب النفسي في كلية بيرلمان للطب بجامعة بنسلفانيا الأمريكية إلى أنه قد يكون علامة لاضطراب في النوم أو الإرهاق، لأنه إذا كان الشخص مرتاحاً في النوم وأخذ حصة كافية من النوم، فيجدر به أن يظل مستيقظاً حتى في الأنشطة قليلة الحركة.
كيف تحسّن جودة نومك إذاً؟
إذا كنت تنام في الأماكن العامة فقد يكون هذا مؤشراً سلبياً على أنك لا تحظى بنوم جيد، لذلك سنقدم لك نصائح لتحسّن جودة نومك:
1- هيِّئ بيئة نوم مريحة
إحدى المهام الأولى لإعداد بيئة نوم مناسبة ومريحة، هي الحفاظ على إحدى مراحل النوم والتي تدعى مرحلة "نوم حركة العين" أو كما تسمى أيضاً "مرحلة الحلم"، فهي حساسة جداً ويمكن إزعاجها بسهولة.
ولتجنُّب إزعاج هذه المرحلة تنصحك شبكة CNN الأمريكية بالحصول على فراش ومَرتبة مريحتين، وأن تحرص على النوم في درجة حرارة تتراوح بين 15 و20%.
2- علِّم عقلك أن يهدأ
طوِّر روتيناً خاصاً بالنوم، ابدأ بإعداد طقوس ما قبل النوم من خلال أخذ حمام دافئ أو قراءة كتاب أو الاستماع إلى موسيقى هادئة، أو يمكنك تجربة تدريبات التنفس العميق أو اليوغا أو التأمل أو تمارين الإطالة الخفيفة.
كما عليك أن تذهب إلى الفراش وتستيقظ في الوقت نفسه كل يوم، حتى في عطلات نهاية الأسبوع أو أيام إجازتك، مثلما تنصح مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.
3- اطفئ الأضواء
يبدأ إفراز هرمون النوم "الميلاتونين" في الظلام، وقد وجدت الأبحاث أن الجسم يُبطئ إنتاج الميلاتونين أو يُوقفه عند التعرض للضوء؛ لذلك تخلَّص من أي ضوء، حتى الضوء الأزرق من هاتفك الذكي أو الكمبيوتر المحمول.
وإذا لم تكن غرفتك مظلمة بدرجة كافية، ففكِّر في استخدام ستائر أو أقنعة للعيون.
4- اخفض الأصوات
أثناء تعاملك مع الضوء الأزرق من هاتفك الذكي، عليك بوقف تشغيل أية تنبيهات عمل (لا يُنصَح برسائل بريد إلكتروني في الساعة الـ2 صباحاً).
والأفضل من ذلك، دع الجهاز يُشحَن خارج غرفة نومك. إذا كنت تعيش في بيئة حضرية صاخبة، فقد يساعد تشغيل مروحة بغرفة النوم في التخلص من أي ضجيج مفاجئ قد يقطع عليك نومك.
5- لا تتناول الكافيين قبل النوم
توقَّف عن شرب السوائل المحتوية على الكافيين قبل 6 ساعات على الأقل من موعد نومك المعتاد، وكما هو معروف فإنه موجود في القهوة وبعض أنواع الشاي والمشروبات الغازية، وكذلك الشوكولاتة.
فكوب الشوكولاتة الساخن الذي تعتقد أنه قد يساعدك على النوم، يمكن أن يحتوي على 25 ملليغراماً من الكافيين، بينما كوب من الشاي الأخضر أو الأسود سيمُدك بـ50 ملليغراماً من الكافيين.
6- تجنَّب الطعام الدسم والحار
قد تُسبِّب لك الأطعمة الدسمة والحارة حُرقة في المعدة أو مشكلات أخرى في الجهاز الهضمي؛ ما يؤثر في قدرتك على النوم واستمراره.
بالنسبة للسُّكر، تُظهِر الدراسات أنه مرتبط بالنوم المضطرب والمتقطع، وقد يؤثر في الهرمونات التي تتحكم في النهم الشديد.
ووفقاً لمؤسسة النوم الوطنية، فإن تناول وجبة خفيفة قبل النوم "مقبول"، وتوصي بتناول حفنة من المكسرات، وعدد قليل من الكرز (الذي يحتوي على نسبة عالية من الميلاتونين)، وموزة (تحتوي على مُرخيات العضلات البوتاسيوم والمغنيسيوم)، وأنواع الشاي منزوعة الكافيين مثل البابونج والزنجبيل والنعناع.