لطالما سمعنا نحن أطباء الأسنان بشكل شبه دائم في عياداتنا الجمل الشائعة التالية: "أنا أخاف من زيارة عيادتك، دكتور أرجوك لا تؤلمني، دكتور صوت الآلة التي تستخدمونها في حفر الأسنان تخيفني جداً"، إضافة إلى العديد من الجمل الأخرى التي تدل على أنّ المريض لديه مشكلة الخوف من طبيب الأسنان.
ولطالما شكَّلت هذه العبارات المتكررة تحدياً كبيراً للأطباء الذين يبذلون جهدهم من أجل العمل على تعديل أساليبهم في العمل، من أجل محاولة إقناع مرضاهم وتهدئتهم ومساعدتهم في التغلب على مخاوفهم غير العقلانيّة.
الدنتوفوبيا: الخوف من طبيب الأسنان بشكل مبالغ فيه
في الواقع يعتبر الخوف من طبيب الأسنان أمراً عادياً لأي شخص، لكن عندما يصل إلى مرحلة متقدمة تجعل المريض يتهرب من زيارة العيادات حينها نقول إنّ المريض تخطّى حاجز الخوف ووصل إلى مرحلة الرهاب، التي تُسمى علمياً بمصطلح "الدنتوفوبيا"، والذي يُعرف بأنه من بين أكثر اضطرابات الصحّة النفسيّة انتشاراً في العالم.
أما أسباب إصابة الناس بالدنتوفوبيا، فهي:
تجربة مؤلمة في الطفولة
قد يكون المريض قد عاش تجربة مؤلمة في طفولته على يد أحد أطباء الأسنان، فبقيت هذه التجربة راسخةً في ذاكرته، وجعتله يخاف من تكرارها في المستقبل.
إبرة البنج
تُعتبر إبرة البنج هي العدو الأول تقريباً لكثير من المرضى، فقد يجعل شكلها وحجمها واقترابها من وجه المريض أثناء قيام الطبيب بعمله، من أكثر الأسباب التي تجعل المرضى يؤجلون مواعيد ذهابهم إلى عيادات الأسنان.
الخوف من المعدات والروائح والأصوات
قد تكون فوبيا طبيب الأسنان نابعة من الخوف من أدواته لما تصدره من أصوات مزعجة وروائح واخزة، إذ إنّ بعض المرضى يخافون جداً بمجرد سماعهم صوت "القبضة السنيّة"، أو لرؤيتهم "أدوات القلع"، أو عندما يشمون الروائح الواخزة في بعض المواد، فتتسبب جميعها في إحداث حالة توتر لدى المريض، وجميعها سبب كاف يجعلهم يخافون القدوم ومعالجة أسنانهم.
الوهم الزائف
قد يكون بسبب الوهم الزائف الذي قد يتشكل في ذهن بعض المرضى من خلال خوف غير مبرر، بسبب قصص وروايات قد سمعها من أناس آخرين كانوا قد مروا بتجارب صعبة في عيادات الأسنان.
مرضى الاكتئاب
مرضى الاكتئاب والقلق هم من فئات الناس الذين قد يخافون من زيارة طبيب الأسنان، بسبب ما تحتويه عيادته من أدوات وأصوات وروائح.
سوء تعامل الطبيب
سادساً: قد يكون أيضاً سوء تعامل الطبيب مع مريضه سبباً مباشراً لأن يجعله يهرب، فالمريض بحاجة لعناية خاصة من طبيبه وتقدير لحجم الألم الذي يشعر به.
أعراض الخوف من طبيب الأسنان
إذا كنت أحد الأشخاص الذين يخافون الذهاب إلى عيادة طبيب الأسنان فلا تقلق، لأنّ هناك العديد من الأعراض التي تُبين لأطباء الأسنان حالتك، وبالتالي سيعملون حتماً على تهدئتك وعلاجك من هذه الفوبيا.
وهذه الأعراض هي:
1- تسرع ضربات القلب وعدم انتظامها الناتجة عن زيادة معدلات إفراز الأدرينالين في الجسم، وذلك نتيجة الخوف والقلق والتوتر.
2- التعرق بشكل مفرط، وغالباً ما يكون التعرق بارداً مع شحوب في الوجه.
3- قد يصل بعض المرضى لحالة الإغماء نتيجة التوتر والخوف الشديد، وذلك نتيجة انخفاض الضغط من الخوف، ويجب في هذه الحالات التعامل مع المريض بشكل إسعافي وسريع.
4- يحاولون إخفاء خوفهم، وذلك عن طريق تجنب النظر للطبيب وأدواته، أو عن طريق المبالغة في الحديث والضحك، أو المبالغة في الغضب والتهجم على الطبيب، وهنا يكمن دور الطبيب وخبرته في كشف الخوف لدى هؤلاء المرضى، وتقديم العناية اللازمة لهم ومراعاتهم.
5- الدخول في نوبة من البكاء والهستيريا، وقد تظهر هذه الأعراض بشكل أكبر عند المرضى الأطفال الذين لا يستطيعون السيطرة على ردود أفعالهم.
علاج الخوف من طبيب الأسنان
العلاج يبدأ من عندك، بمجرد اعترافك بأنك شخص يخاف زيارة طبيب الأسنان، عليك أن تبحث عن الحل الذي يساعدك على تخطي مخاوفك، وأولى هذه الحلول تبدأ من:
1- تكلم مع طبيبك بشكل واضح، وأخبِره بأنك تعاني من الدنتوفوبيا، فذلك سيخفف من حدة التوتر بينكما، وستصبح تشعر بالراحة والثقة أثناء عمله في علاج أسنانك.
2- حاوِل تشتيت ذهنك، وذلك عن طريق الاستماع إلى موسيقى تفضلها، أو التفكير في قصة ما، في محاولة منك لإلهاء حواسك عن المعالجة التي يقدمها الطبيب.
3- سيطِر على قلقك عن طريق القيام بتمارين خاصة قد يساعدك بها طبيب نفسي، وإحدى هذه الطرق هي القيام بالشهيق والزفير العميق عدة مرات قبل الجلوس على كرسي الطبيب.
4- قد يصف طبيب الأسنان لك أدوية مضادة للاكتئاب والقلق، وذلك قبل جلسة العلاج بعدّة ساعات ولمدة قصيرة، وتحت الإشراف الطبي، وذلك لمساعدتك على الاسترخاء.
الدور الأكبر يقع على عاتق أطباء الأسنان
لطبيب الأسنان الدور الأهم، فهو الذي بإمكانه مساعدة مريضه على تخطي هذه الأزمة، وهو نفسه الذي بإمكانه أن يؤزم الوضع بشكل أكبر، ويؤدي إلى تطور وتدهور حالة المريض، لذلك فإن الراحة النفسية هي من أهم الأمور التي يقدمها طبيب الأسنان لمريضه.
وتتحقق هذه الراحة النفسية بعدة طرق منها:
1- التحدث والنقاش المُتبادل قبل الجلسة بين الطبيب والمريض، والمناقشة بعبارات مفهومة وقريبة من عقل المريض، وتشجيعه المستمر على خوض العلاج دون توقف.
2- الصراحة مع المريض، وعدم وعده بأنه لن يكون هنالك ألم إطلاقاً، حتى لا ينكسر جدار الثقة المبني بين الطبيب والمريض، بل من خلال شرح مستوى الألم للمريض.
3- عدم الضغط على المريض، وإعطاؤه المساحة الكافية من الحرية في التعبير عن رأيه بالعلاج، والتوقف لراحته حين شعوره بالألم، بالإضافة إلى عدم استمرار المعالجة لفترات طويلة، لكي لا يشعر المريض بالألم من فتح فمه والملل.
4- شخصية الطبيب اللطيفة تساعد بشكل كبير على تقبل المرضى للعلاج، فيجب أن يتمتع الطبيب بشخصية لطيفة، كما قد يساعد المزاح في بعض الأحيان مع المريض.
وأخيراً، لا داعي إطلاقاً للخوف من طبيب الأسنان، فقط أعطِ نفسَك فرصةً للتعرف عليه وزيارته في العيادة، لتبني ثقة متبادلة بينك وبينه، لأن خوفك المستمر من علاج أسنانك سيعرّضك إلى مشاكل أخطر.
قد يهمك أيضاً: بعضها يدل على الأمراض.. مُصطلحات شائعة نسمعها عند طبيب الأسنان نفهمها بشكل خاطئ أو لا نعرف معناها!